حكم الجمع في الصيام بين نية القضاء وصيام ست من شوال    "إيران تسببت في تدمير التعاطف الدولي تجاه غزة"..كاتب صحفي يكشف عن حبل سري يربط بين اسرائيل وايران    لا داعي لدعم الحوثيين: خبير اقتصادي يكسف فوائد استيراد القات الهرري    "قد لا يكون عسكريا"...صحيفة امريكية تكشف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران    - ماهي الكارثة الاليمة المتوقع حدوثها في شهر شوال أو مايو القادمين في اليمن ؟    فيرونا يعود من بعيد ويفرض التعادل على اتالانتا في الدوري الايطالي    مصرع جنديين وإصابة 4 في حادث انقلاب طقم عسكري بأبين والكشف عن حوادث السير خلال 24 ساعة    حضرموت تستعد للاحتفال بالذكرى الثامنة لتحرير ساحلها من الإرهاب    الحوثيون يتهمون قياديًا عسكريًا من نظام صالح بتدريب جنود بمساعدة أمريكية والمشاركة في قتل مؤسس الجماعة ويحاصرون منزله    تمرد في عدن: مدير الضرائب المقال يرفض تسليم منصبه للمدير الجديد!    القوات الأمنية في عدن تلقي القبض على متهم برمي قنبلة يدوية وإصابة 3 مواطنين    مفتي عمان يشيد بالرد الإيراني وناشطون يردون عليه    الليغا .... فالنسيا يفوز على اوساسونا بهدف قاتل    نونيز: كلوب ساعدني في التطور    الحكومة: استعادة مؤسسات الدولة منتهى أي هدف لعملية سلام    البنك الدولي يرسم صورة قاتمة ويطالب بحلول عاجلة لمعاناة الشعب اليمني    شيخ مشائخ قبائل العلوي بردفان والضالع يُعزَّي المناضل ناصر الهيج بوفاة زوجته    مسلسل تطفيش التجار مستمر.. اضراب في مراكز الرقابة الجمركية    الوزير الزعوري يشيد بمستوى الإنضباط الوظيفي بعد إجازة عيد الفطر المبارك    المبعوث الأممي يحذر من عواقب إهمال العملية السياسية في اليمن ومواصلة مسار التصعيد مميز    إصدار أول تأشيرة لحجاج اليمن للموسم 1445 وتسهيلات من وزارة الحج والعمرة السعودية    إنتر ميلان المتصدر يتعادل مع كالياري بهدفين لمثلهما    خلال إجازة العيد.. مستشفيات مأرب تستقبل قرابة 8 آلاف حالة    جريمة قتل في خورة شبوة: شقيق المقتول يعفوا عن قاتل أخيه فوق القبر    كيف نتحرك في ظل هذه المعطيات؟    "العمالقة الجنوبية" تسقط طائرة مسيرة حوثية على حدود شبوة مأرب    مجلس الامن يدعو للتهدئة وضبط النفس والتراجع عن حافة الهاوية بالشرق الأوسط مميز    نحو 100 قتيل ومصاب إثر حرائق في مخيمات النزوح بمارب    العوذلي: البلاد ذاهبة للضياع والسلفيين مشغولين بقصّات شعر الشباب    إسرائيل خسرت 1.5 مليار دولار في ليلة واحدة لصد هجوم إيران    12 دوري في 11 موسما.. نجم البايرن الخاسر الأكبر من تتويج ليفركوزن    أمن أبين يلقي القبض على متهم بقتل المواطن رامي مكيش    زواج الأصدقاء من بنات أفكار عبدالمجيد الزنداني    هل يعيد التاريخ نفسه؟ شبح انزلاقة جيرارد يحلق في سماء البريميرليج    أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    جماعة الحوثي ترفض التراجع عن هذا القرار المثير للسخط الشعبي بصنعاء    هل صيام الست من شوال كل إثنين وخميس له نفس ثواب صومها متتابعة؟    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    فشل محاولة اغتيال"صعتر" مسرحية لتغطية اغتيال قادم لأحد قادة الانتقالي    فضيحة جديدة تهز قناة عدن المستقلة التابعة للانتقالي الجنوبي (صورة)    الخميس استئناف مباريات بطولة كرة السلة الرمضانية لأندية ساحل حضرموت    ليفربول يصطدم بكريستال بالاس ويبتعد عن صدارة الدوري الانجليزي    البنك الدولي يضع اليمن ضمن أكثر البلدان فقراً في العالم    رئيس الوزراء يعود الى عدن بعد أيام من زيارته لمحافظة حضرموت    إصابة طفلين ووالدتهما جراء احتراق مسكنهم في مخيم الخراشي بمأرب    حلقة رقص شعبي يمني بوسط القاهرة تثير ردود أفعال متباينة ونخب مصرية ترفض الإساءة لليمنيين - فيديو    القات الحبشي يعود إلى أسواق عدن بعد 6 عقود من الغياب    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    أهالي تعز يُحذرون من انتشار فيروس ومخاوف من تفشي مرض خطير    حتى لا يُتركُ الجنوبُ لبقايا شرعيةٍ مهترئةٍ وفاسدةٍ.    نزول ثلث الليل الأخير.. وتحديد أوقات لإجابة الدعاء.. خرافة    موجة جديدة من الكوليرا تُعكر صفو عيد الفطر في اليمن    تخيل أنك قادر على تناول 4 أطعمة فقط؟.. شابة مصابة بمرض حيّر الأطباء!    يستقبلونه ثم تلاحقه لعناتهم: الحضارم يسلقون بن مبارك بألسنة حداد!!    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    فقهاء المسلمين حرّموا آلة الطباعة والقهوة والطماطم وتطعيم شلل الأطفال    سديم    بين الإستقبال والوداع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاختلاف في الرأي هل يفسد للود قضية ؟!
نشر في الجمهورية يوم 10 - 04 - 2010

يقول الإمام الشافعي " رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب"،ويقول فولتير "قد أختلف معك في الرأي، ولكني مستعد أن أقدم رقبتي كي تقول رأيك".
كما أن هناك مقولة شائعة في مجتمعنا وهي:" الاختلاف في الرأي لايفسد للود قضية" مقولة تسمعها من أخيك، ومن صديقك، ومن أستاذك، ومن مديرك في العمل، ومن أصحاب الكراسي الدوارة ومن سياسيين، ومن صناع الرأي، وأصحاب القرار، باختصار تسمعها من كل الناس باختلاف ثقافاتهم وتوجهاتهم وتسمعها في الأغلب من الشخص الأقوى، الذي يريد أن يقنعك بالعكس الذي تختلف معه فيه، ولكن هل بالفعل هذه المقولة صحيحة؟ وهل الود في هذه المقولة يحمل المعنى نفسه عند كافة الشرائح الاجتماعية؟ وهل بالفعل الاختلاف في الرأي لايفسد للود قضية بين الأفراد، وفي المجتمع اليمني ككل بسطاء، وباحثين، ومفكرين، وتجار، ومؤسسات ،وأكاديميين، ومنظمات مجتمع مدني، وهل يدفع الفرد ضريبة الاختلاف مع الآخر؟
التقينا مجموعة من الأشخاص، وكانت حصيلة اللقاءات كالآتي:
الاخ طارق محمد عبدالملك، مدير الدراسات العليا، جامعة تعز، يقول: هذه المقولة صحيحة نظرياً، لكن من الصعب تطبيقها في الواقع، لعدم وجود ثقافة الوعي بالاختلاف، فمجتمعنا مازال يخلط بين العلاقات الاجتماعية الخاصة، وعلاقة العمل، أما ضريبة الاختلاف في الرأي فقد دفعتها مراراً، وأغلب مشاكلي في العمل بسبب الاختلاف في الرأي،ينتهي الاختلاف بتسلط الطرف الأقوى.
فاطمة، رئيسة في قطاع خاص تقول: الود هنا هو التعامل مع الآخرين بمرونة، ونعم الاختلاف يفسد للود قضية، خاصة عندما تختلف مع شخص رأيه فيه نوع من التسلط،وينتهي الاختلاف بتسلط الطرف الأقوى أما الخلافات العادية والبسيطة فتنتهي بسهولة، ولم أدفع ضريبة الاختلاف عملياً، لكني دفعتها اجتماعياً في مواقف خاصة.
الجزء المتعلم من الشعب اليمني
أغلبه علمه تحصيل حاصل
كما شاركتنا الموجهة الأستاذة سمية عبدالرحمن قحطان بقولها: إن الود في هذه المقولة يعني "الاتصال بين طرفين بالمحبة بمختلف درجاتها" وتقول: من وجهة نظري الاختلاف في الرأي لايفسد للود قضية، وإن كان لأول وهلة قد يثير شيئاً من الشعور بالإفساد لكنه لايفسد أبداً،
وربما هذا الشعور ناتج عن تربيتنا البيئية التي تتقبل ذلك، لكن المحتكم لعقله وعلمه يرى عدم الإفساد،وأنا ممن يحتكم لدينه وعلمه وعقله.
أما بالنسبة للمجتمع اليمني فالاختلاف يفسد الود بالفعل وذلك في شتى مناحي الحياة ولعل السبب في ذلك:
الجهل،والجهل مفسد للعقل أولاً وثانياً: الجزء المتعلم أغلبه محب للسيطرة، وثالثاً: لم يتعود من صغره تقبل الآخر والحياد عن الرأي ولو تعوده دراسة وتربية أعتقد أن ذلك سيؤثر فيه.
أما عن ضريبة الاختلاف في الرأي فلم أدفعها إلى الآن ولعل السبب في ذلك: إيماني بأن المجتمع يحتاج نوعاً ما إلى الصبر لتقنعه برأيك فلو جادلته أو شددت معه نفر، والأمر الثاني أن من أحتك بهم لم يعارضوني كثيراً لدرجة الاختلاف ولا أعرف هل اقتناعاً برأيي أم حياءً وسكوتاً.
الأخ سامي صلاح،عميد معهد العلوم الأكاديمية، معهد خاص يقول: الود في هذه المقولة يعني: البقاء، على اتصال مستمر بشفافية، فالود عدم قطع العلاقة، والشفافية هي الصدق في الطرح، ولكن نحن كمجتمع يمني لم نصل للعمل بهذه المقولة، فهذه المقولة تحمل معنى راقياً، ولكن مجتمعنا لايعمل به، وكثيراً ما يعمل بمقولة"إذا لم تكن معي فأنت ضدي" بينما يفترض أن يُنظر للاختلاف على أنه أساس الابتكار، والإبداع ، والتطور، والعطاء، وكل الثقافات ترتقي إذا كان أساسها الاختلاف من أجل الابتكار، وقد دفعت ضريبة الاختلاف مراراً، ومن ذلك أنني كنت شريكاً في معهد سابق، ثم تركت الجمل بما حمل لشريكي نتيجة اختلافي معه في وجهات النظر،وطريقة العطاء، واختلاف الأسلوب في الأداء، إذ كان ينظر للتدريس إنه ربح وتجارة، وأنا أنظر له أنه رسالة.
مصلحة العمل فوق كل اعتبار
أحمد صالح عوض باغريب: مساعد مدير بنك التضامن الإسلامي، فرع حوض الأشراف تعز يقول: عندما يكون هناك اتفاق أو تداخل في الأفكار بين المدير ومساعده أو نائبه،تكون هناك مصلحة العمل فوق كل اعتبار، والأخذ بما هو أصلح، ولو حدث الاختلاف يكون في حدود المعمول له وأدبيات الحوار، ولم أدفع ضريبة الاختلاف في الرأي عملياً أو اجتماعياً،وتدفع هذه الضريبة عندما تختلف مع شخص سياسياً، وهو ما يختلف عن الأمور العملية والاجتماعية.
الاختلاف يصبح ذريعة
أما عميدة مركز اللغات أ.د وهبية عبدالكريم محرم / جامعة تعز ترى أن الود في هذه القضية يعني الترابط ومتانة العلاقات الإنسانية البعيدة عن الماديات، والتعقيدات، وهو الحب والصفاء، أما الاختلاف في الرأي فقد يحدث أحياناً حتى في المواقف البسيطة، وهناك من يجعل الاختلاف البسيط ذريعة لإفساد الود، ولكنها تقول: أنا شخصياً عندما أختلف مع أي شخص أحاول التسامح معه في اليوم نفسه، وإن شغلني العمل وتذكرت فأتصل بمن اختلفت معه عن طريق الهاتف، لأن التسامح يريح النفس أولاً وأخيراً.
وكمجتمع يمني فالاختلاف يفسد للود قضية حتى بين الإخوة، نحن في مجتمع إلى الآن لم يتعود على قبول الرأي الآخر، في أمريكا كانوا يعودون الطفل أن يكون ديمقراطياً، ليتعود على ثقافة الاختلاف فعندما يكون هناك كتابان مثلاً يأخذ الطفل كتاباً ثم يعيده، ليأخذه غيره، ومن ثم يأخذ الكتاب الآخر ليقرأه، وقيسي على هذا الشيء، مثلاً مبدأ التداول في المناصب، وأنا أوافق على هذا المبدأ تماماً فمثلاً إذا جاء شخص آخر لشغل منصبي فلا بد أن أقبل بالآخر، ولابد أن أحترم قراراته، حتى وإن كانت لا تناسبني.
"يؤكد" المهندس أحمد الأسودي مدير مركز القرن الواحد والعشرين للتجديد والتنمية: على أن "الاختلاف في الرأي لايفسد للود قضية" مقولة رائعة،ولكن ليس في واقعنا، ومجتمعنا الذي يدفع فيه المخالف في الرأي ثمناً باهضاً لاختلافه مع الآخر، لذلك فثقافتنا لا تحتمل الحوار والاختلاف، نحن أمة متخلفة على جميع المستويات، والود هنا: المودة والحب والمكانة الرفيعة في العلاقة.
نُريد من غيرنا أن يكونوا نسخة مّنا
يقول الأستاذ الدكتور عباس السوسوة عميد كلية الآداب، جامعة تعز واقع الأمر أن الاختلاف يفسد للود قضية لنا نحن العرب عامة واليمانيين خاصة، فالاختلاف يفسد ويزيح،ويحل العداوة والبغضاء، والود هنا يعني المحبة والصفاء، ولكن الاختلاف يفسدها، لأننا نريد من غيرنا أن يكونوا نسخة منا.
لا ينبغي الإنكار على شيء مختلف فيه بين الأئمة
يقول الشيخ عبدالملك داؤود رئيس جامعة الإيمان /تعز : الأفضل عندي قول الإمام حسن البنا :" دعونا نجتمع على ما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه"،وإن حمل الناس على رأي معين ليس له دليل من القرآن أو السنة باطل، ولا قيمة له، لكن إذا استند الرأي على أدلة فهنا يأتي دور الترجيح، ولا ينبغي الإنكار على شيء مختلف فيه بين الأئمة، لكن إذا كان الخلاف فيه العقائد مثل قضية سب الصحابة،ونحو ذلك فهنا الاختلاف يفسد للود قضية، أما عن ضريبة الاختلاف، فقد دفعتها كثيراً، فهناك من عاداني.
الاختلاف سنة إلاهية لا تتحول ولا تتبدل
الأخ عبدالعزيز العسالي، مدرس لمادة الفقه الإسلامي وأصوله،وباحث في مقاصد الشريعة والفكر الإسلامي يقول:
قبل كل شيء يجب أن نؤمن أولاً أن الاختلاف سنة لا تتحول ولا تتبدل، نعم سنة أرادها الله لحكمة في حياة البشرية، وإعمار الأرض، وإذا سلمنا بهذا فإن الود بالنسبة لي يعني بقاء الاحترام المتبادل، والقبول بالآخر المخالف للرأي كما أنه لم يكن بيننا اختلاف، وهذا لا يعني أنني أتنازل عما أراه مناسباً، وإنما يعني عدم التعصب إلى حد المفاصلة، وقطع أواصر الصداقة، والأخوة سيما في قضايا جزئية، أما بالنسبة للقضايا المصيرية الكبرى فأرى ترك الموضوع المختلف فيه للجماهير لتختار ما تريد، والاختلاف في الرأي لايفسد للود قضية من وجهة نظري، وتراثنا الفكري مفعم بالشواهد، وأقرب مثال هو قول أبي حنيفة النعمان رحمه الله:" هذا رأيي فمن جاء بأفضل فليأتنا به"، وقبل هذا نجد الخليفة عمر يقول: متسائلاً مع البعض كيف حكم فلان بينكم؟
يقولون: قال كذا .. فيقول عمر رضي الله عنه:لو كنت حكماً لقلت كذا، فيقولون له: سنرجع إلى قولك فيقول: لا، إنما هو رأي مني غير ملزم.
الأخ فيصل سعيد فارع، مدير عام مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة، باحث في المجالات الاقتصادية والثقافية يقول: يذهب ذهني مباشرة عند سماع كلمة الود إلى معنى الاستلطاف/ من ود يود ودا، وهو في النهاية عندي يعني: اللاخصومة، أو حالة الاقتراب الحميم من الأشياء، والاختلاف في الرأي لايفسد للود قضية من وجهة نظري الشخصية، وهذه المقولة تأكيد على أنه ليس لأحد أن يقول كلمة فصل في هذا الشأن أو ذاك، وبالتالي الاختلاف في الرأي وارد في كل القضايا، وفي كل شيء، ويجب أن يكون كذلك، وهذه إحدى سمات هذا الكون، وديالكتيك الكون يستند إلى هذه المسألة، إن ثمة تعارض إن لم يكن تناقضاً بين الرؤى والأفكار، وحتى إن اتفقنا على أمور شتى تبقى حتى التفصيلات ،فبعض التفصيلات هي ما تضفي نكهة التمييز، وكما تضفي نكهة ومذاقاً على الأفكار التي يقال بها، والبعد الفلسفي يتأتى من أن الكون وأن علاقات الناس لاتتسم بحالة ركود، لأن هناك ثمة وجهات نظر، هناك رؤى، هناك اختلافات، وبالتالي فالود أريد به تجسير الهوى بين الاختلاف وإبداء رأي معارض ومسألة استمرارية العلاقات.
أما فاعلية الاختلاف في الرأي في المجتمع اليمني فلم يؤسس بعد في حياتنا ثقافة الاختلاف، وأخذ الأمور بسلاسة، لأن هذا المجتمع مازال في حالة ركود ثقافي تاريخي، ولم تتأصل لدنه بعد ثقافة الجدل والحوار، وربما تراجعت هذه المسألة، وربما كانت في حاضرة حياتهم، نحن نصل إلى مسألة الحديات في أمور شتى وأحياناً المطلقات نعتقد مانقوله صواباً ومايقوله الآخرون خطأ وهذه حالة الطلاق في حالة الاختلاف.
أما عن ضريبة الاختلاف في الرأي فقد دفعتها ومازلت أدفعها حتى اللحظة، فأنا شخص صاحب رأي ورؤية في الحياة ولدي معتقد منذ أن كنت شاباً يافعاً، وقد دفعت الثمن بأن همشت في حياتي وسلبت حتى كتبي وسرقت مني أحياناً، لأن هذه الكتب ماذا تعني؟ وماذا يعني جهدها إليك؟ كأنه هو يصادر عقلك وقدرتك على التأثير وهذه نقطة الطلاق في علاقتنا مع بعضنا بعضاً وفي علاقة أطراف المعادلة الاجتماعية سواء كانت مؤسسات رسمية أو فكرية أو دينية تأتي لتقول: هذا الصواب وهذا الخطأ وهذا بالقطع خطأ، وخطأ تاريخي مقيت وينبغي الخروج منه لنلتحق بركاب العصر انطلاقاً من حالة التنوع وعدم الزعم بامتلاك الحقيقة عند هذا الشخص أو ذاك أو عند هذه المؤسسة أو تلك أو هذه المجموعة أو تلك.
لم نستوعب تراثنا
الدكتور عبدالله الذيفاني أستاذ أصول التربية، جامعة تعز، رئيس دائرة المكتبات في الجامعة، رئيس مركز البحوث ودراسات الجدوى يقول:
الود يعني استمرارية الصلة والتواصل بين بني البشر بأعتبار أن الله سبحانه وتعالى خلقنا جميعاً لمهمة واحدة "إني جاعل في الأرض خليفة" ووضع فينا قدرات وإمكانات، كل ميسر لما خلق له، ولكن وضع شيئاً مهماً جداً، وهو أن الإنسان لايستطيع أن يكون فاعلاً، ومنتجاً مالم يكن مع فريق من الناس وبالتالي فإن الإنسان لوحده يكون موحشاً ومستوحشاً وغير قادر على العطاء، والإنتاج والود معناه أن يظل الحوار قائماً ويحترم الرأي ويحترم التباين والاختلاف في الرأي على أعتبار أن الاختلاف في الرأي لايفسد للود قضية معناه لانتحول إلى أعداء أو خصوم.
والاختلاف في الرأي لايفسد للود قضية من وجهة نظري الشخصية؛ أما لماذا يفسد الاختلاف للود قضية فأنا أعتقد أنها ثقافة ينبغي أن يتعودها الناس، ولكنها صعبة عند الكثير منهم، لذا تعود أن يقال له شكراً، أحسنت، أصبت، لدرجة أن البعض يعتقد أنه لايخطئ، وهذا يناقض مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون" ولم يقل بعض، والتوابون من وجهة نظري هنا هو الذي يحترم الآخر، ويعود عن غيه، وخصومته، واختلافه مع الناس، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "أصابت امرأة وأخطأ عمر" ولم يدخل معها في خصومة على الإطلاق، إذن فنحن أمة نقتدي بسنة نبينا، ولم نستوعب تراثنا، نحن نتحدث عن المجتمع اليمني أنه مجتمع حضاري ولانعمل بذلك، ولو قرأنا القرآن الكريم لوجدنا الملكة بلقيس تقول: "قالت رب إني ظلمت نفسي" إقرار غير عادي لايجرؤ أن يقوله أحد الآن، وقالت أسلمت مع سليمان، ولم تقل أسلمت لسليمان، وهذه مسألة مهمة جداً، لأن الاختلاف الذي كان بينهم لم يكن مع سليمان شخصياً، بل كان حول قضية مهمة جداً، وهي قضية الإسلام فقالت: "وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين"، أنظروا إلى هذه العظمة في هذا التراث الذي نتغنى به، ونتكلم عنه كثيراً، ونكتب عنه، ونخطب فيه، لكن الحقيقة أننا لانمتلك وصلاً حقيقياً به هي قالت: "إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون" إذن هي اختلفت مع الفساد، ولم تختلف مع الرأي، والدليل أنها قبلت بما قاله النبي سليمان، وأسلمت معه هذا هو المطلوب أنه إذا وجد الإنسان في الرأي الآخر نضجاً وفيه الصواب لم لا يقبله، هذه قضية مهمة إذا وعاها الناس، وأعطوها حقها فالود سيستمر، والمجتمع سيتعافى وحياة الناس ستكون أفضل مائة مرة مما هي عليه الآن.
الدكتورة سعاد القدسي، مديرة ملتقى المرأة للدراسات والتدريب قالت: قبل أن أتحدث عن الود في مقولة "الاختلاف في الرأي لايفسد للود قضية" أحب أولاً أن أعرف معنى حرية التعبير قبل أن نعتمد عليها في محاكمة الآخرين أو رفضهم.
حرية التعبير بمعنى أنك تكون حراً في التعبير فيما تريد أن تقول من غير ما تستخدم أي عنف، طالما وأنت لاتستخدم العنف، إذن أنت حر فيما تقوله، فيما تفكر فيه، لكن نحن في اليمن مازلنا نعيش الثقافة القبلية بمعنى أن الأفراد الذين في إطار قبيلة ما ليسوا موجودين في الأصل لأنهم رعاء، وشيخ أو رئيس القبيلة هو الذي يقول عنهم، أو هو الذي يفكر عنهم، ولو تطاول فرد في القبيلة وقال رأياً مغايراً لشيخ القبيلة فهذا الفرد أو الشخص يعد منبوذاً في منظور الثقافة القبلية.
إذن مازلنا نمارس الثقافة القبلية أما الود في هذه المقولة فيعني لي: أختلف معك لكن في الوقت نفسه نحن أصدقاء، والود والعلاقة التي بيننا لايمحوها الاختلاف وطالما أنت لاتستخدمين العنف في فرض رأيك فبالتالي أنا أحترم رأيك وتبقين صديقة.
أما عن ضريبة الاختلاف فقد دفعتها كثيراً وفي مواقف مختلفة، ولكن هناك موقفاً كان تاريخياً في حياتي، وهو المتعلق بتركي للعمل في التدريس في المدرسة الثانوية التي كنت أعمل بها، إذ كان الاختلاف فيه مع المسئولين في المدرسة، وتمادى هذا الاختلاف حتى تم رفضي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.