لم تعد الحوادث المرورية في شوارع عدن مجرد أرقام عابرة في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة بل تحولت إلى مشهد يومي مؤلم يتكرر بوتيرة مقلقة ويكشف عن خلل عميق في ثقافة القيادة والالتزام بقواعد السير. ومن أبرز مظاهر هذا الخلل ما يمكن تسميته ب (الأميّة المرورية) التي يتحلى بها عدد غير قليل من السائقين جهلًا أو استهتارًا أو كليهما معًا.
وفقا لما جاء في التقرير الأسبوعي لإدارة شرطة السير بالعاصمة عدن للفترة من (21 وحتى 27 أغسطس) فقد بلغ عدد المخالفات المرورية المسجلة (2678) مخالفة بينما تم رصد (8) حوادث مرورية تنوعت بين تصادم و دهس مشاة نتج عنها خسائر مادية بلغت (1.6 مليون) مليون وستمائة ألف ريال يمني إضافة إلى إصابات تراوحت بين الخفيفة و المتوسطة وحالتي وفاة مؤسفة.
هذه الأرقام لا تمثل مجرد إحصاءات بل تعكس خطورة الأميّة المرورية التي يظهرها بعض السائقين من خلال التجاوزات الخاطئة السرعة الزائدة وعدم الالتزام بإشارات المرور إنها سلوكيات ليست متهورة فحسب بل تهدد أرواح الآخرين بشكل مباشر وتجعل الطريق حلبة خطرة بدل أن تكون وسيلة آمنة للتنقل. المشكلة... أين تكمن؟ 1 / ضعف الوعي المروري لدى شريحة واسعة من السائقين.
2 / غياب الثقافة المرورية في التعليم والإعلام.
3 / ضعف الرقابة المرورية وتراخي تطبيق القانون.
4 / انعدام أو تهالك الإشارات واللوحات الإرشادية في كثير من الشوارع.
5 / شعور البعض بأن مخالفة النظام (شطارة) وليست خطرًا على الحياة. النتائج... ثمن باهظ التجاوز الخاطئ والسرعة الزائدة وعدم احترام المسارات كلها أسباب مباشرة لهذه الحوادث التي تؤدي إلى:
. حوادث تصادم ودهس مروّعة.
. خسائر مادية كبيرة تصل إلى ملايين الريالات أسبوعيًا.
. إصابات دائمة وأضرار نفسية للعائلات.
. فقدان الأرواح كما حدث مع حالتي وفاة مؤسفة خلال الأسبوع نفسه. الحلول... ليست مستحيلة ومنها نقترح 1 . إطلاق حملات توعوية مرورية مستمرة عبر الإعلام والمدارس والمساجد ومنصات التواصل الاجتماعي.
2 . إلزام صارم بتطبيق قانون المرور دون استثناء أو مجاملة.
3 . تركيب لوحات وإشارات واضحة تحدد السرعة المسموح بها وتمنع التجاوز، خاصة في النقاط الخطرة.
4 . استخدام المساقط واللوحات الأرضية التي تنبه السائقين بصريًا وتقلل من المخالفات.
5 . إعادة تأهيل السائقين المخالفين بدورات إلزامية، لا الاكتفاء بالغرامات.
6 . تعزيز دور المرور الميداني في أوقات الذروة وعلى الطرق الحيوية.
نقول في الأخير إن الطريق ليس ملكًا لأحد و الالتزام بقواعد السير ليس نزهة ولا خيارًا شخصيًا بل مسؤولية أخلاقية وقانونية فإما أن نرتقي بثقافتنا المرورية أو نستمر في دفع ثمن الأميّة المرورية من دمائنا وأرواح أبنائنا.
والسؤال الذي يجب أن يُطرح بجدية: (إلى متى ننتظر حتى نتحرك؟).