لا يختلف إتنان أن الشرعية في اليمن قد ذهبت بنفسها إلى دولة فاسدة فاشلة منقوصة السيادة وتسير نحو (الوصاية) وهي تتحمل مسؤولياتها دستورياً وتشريعياً واخلاقياً. من أبرز عوامل الفشل أن اليمن وقع تحت البند السابع (منقوص السيادة). ومن أبرزها أيضاً أن الشرعية وفي أول انقلاب لها على المبادرة الخليجية بعد الانقلاب الحوثي أطاحت بنائب الرئيس التوافقي خالد بحاح الذي جاءت به المبادرة الخليجية وأعادت المنظومة الفاسدة من عهد علي صالح أبرزهم جنرال تاريخه السطو ودكتور طبعه البسط على قمة السلطة الشرعية سطوا فيها وبسطوا حتى ضاعت في الفساد والفشل. بعد خمس سنوات حرب لا تزال الشرعية بدون أرض وهي تحكُم نفسها من الرياض.. ما طابت لهم مأرب إذا لم تعجب عدن. بعد خمس سنوات حرب فشلت الشرعية في تحرير مناطق الشمال. وبعد خمس سنوات فشلت الشرعية في إدارة مناطق الجنوب وبالذات عاصمته عدن في انقطاع للخدمات الأساسية من كهرباء وماء ونظافة وصحة ورواتب وغلاء في (عقاب جماعي) شديد قاسي ومؤلم زادوا عليه حالة متقدمة من (الفوضى الخلاقة) في أبشع صورها فساد وإفساد ونهب انفلات أمني سقوط اقتصادي انهيار مؤسسات وتعطيل منشئات وصراعات فعلوه في الجنوب عنوة مالم يفعلوه في (مأرب) المحررة.. وكان ذلك سقوط وفشل سياسي وإنساني وأخلاقي انتهى بأحداث أُغسطس المؤسفة وما سبقها من تفجيرات واغتيالات وضع الشرعية في أزمة حقيقية مع نفسها لتدخل غصباً في حوار مع قيادات الجنوب برعاية التحالف العربي.
سلسلة متلاحقة من الفساد والفشل واضحة للعيان لا أحد يقدر على إنكارها تتحمل الشرعية مسؤولياتها دستورياً وتشريعياً واخلاقياً قد تكون بسبب غباء سياسي أو اختطاف حزبي أو نفوذ خارجي أو ربما بسبب هيمنة التحالف العربي عليها يدفعها للفشل وبما يمهد الطريق لوضع قانوني جديد للجنوب قد لا يكون بالضرورة فك ارتباط واستعادة الدولة الجنوبية.
حتى جاءت اتفاقية حوار جدة خالية من الإشارة للقضية الجنوبية كما خلت من التأكيد على الوحدة اليمنية فلا دولة يمنية واحدة قائمة ولا دولة جنوبية قادمة.. اليد الطولى فيها للتحالف العربي بقيادة السعودية والقرار الحاسم لها والبقية ليسوا إلاَ أطراف يوافقون على " تشكيل لجنة تحت إشراف تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية تختص بمتابعة وتنفيذ وتحقيق أحكام هذا الاتفاق وملحقاته " ويوافقون على تسلم السعودية مهام تأمين عدن ومناطق الجنوب بعد مغادرة قوات الشرعية والانتقالي لها لإقرار واقع أمني وسياسي جديد بيد التحالف العربي لا بأيديهم يتماشى مع النظام الدولي للوصاية.
إذاً الجنوب بات أمام واقع قانوني دولي جديد تحت الوصاية القانونية للتحالف العربي في اتفاقية حوار جدة ولا مشكلة في ذلك فقد تعبنا من معاناة طويلة ودماء غزيرة ومظالم عديدة ما برحت تفتك بعدن وأهلها فمن يدري لعلها البداية تكون بعدها عدن في عيون التحالف العربي مدينة فاضلة وأهلها قوم صالحون جديرة بأن تكون (إمارة خليجية) ومن يطالها.. فهل ستشهد عدن تغيُراً إيجابياً للتحالف العربي يعفيها من (الفوضى الخلاقة) ويرفع عنها (العقاب الجماعي) ولو بالحد الأدنى من احتياجات بشر أمن وأمان ومعيشة كريمة وخدمات ومؤسسات وشيء من ماضيها الجميل .. لو صدقوا وما خاب الظن.