في الجنوب تسير الأمور حسب المخطط المرسوم وكما يصبو له الجنوبيون, لا يعكر صفو الأجواء هنا إشاعات الشائعين زورا وبهتانا ولا إدعاءات المدعين ظلما وعدوانا. ومهما حاولت وتحاول الدولة العميقة العودة بشتى الطرق ومختلف الأساليب السابقة والمتطورة بعض الشيء وبالإمكانيات السابقة والأدوات ذاتها لن تفلح أبدا في محاولاتها المستميتة من تحقيق مآربها الهدامة وأطماعها الخبيثة والتي تتستر خلف علماء الغفلة علماء آخر زمن, وليس لهم سوى أن يظلوا يحلموا يغرقوا في أوهامهم التي يتشبعون بها بخالاتها الخصبة. ذلك ما يؤكده الوضع القائم حاليا ولو كان في مجال واحد وهو المتصدر ألا وهو الميدان العسكري والأمني. ولكن, هل الجانب العسكري والأمني مقتصر على العمليات القتالية في الجبهات فقط والتي يجيدها الجنوبيون خير إجادة يحققون الانتصارات تلو الانتصارات؟! حسب آخر الاستطلاعات الإعلامية واستبيانات المتتبعين واستقصاءات المهتمين ورقابة أمنية قامت بها لجان وفرق طوعية متخصصة لكل نشاط من تلك الأنشطة بغية معرفة الخلل ومنابعه, وكانت النتائج متقاربة رقميا تشير إلى أن الأساليب والإمكانيات ظلت كما هي, غير أن الأدوات وحدها هي التي حصل لها تقليص وتخصيص فاقتصرت على الشماليين فقط بعد أن كانت مدمجة شمالية جنوبية. فقد تم حذف الشق الجنوبي رغما عنهم وذلك عبر إسقاط مؤسساتهم في الجنوب باعتبارها مؤسسات غير مرغوب فيها تهدد أمن المواطنين وسلامة ممتلكاتهم الخاصة وأنها مؤسسات دولة فساد وإرهاب عميقة, أهمها المؤسسات الأمنية مسماة بالأمن المركزي والأمن السياسي والأمن القومي وهي أجهزة قمعية لقمع المواطنين وسلب الحقوق والحريات تمتلك قوات خاصة. وكما كان عناصرها في الماضي يمارسون مهامهم الاستخباراتية في الخفاء أو في العلن عادوا الآن يمارسونها متخفين رغم أنهم مكشوفين لكن الأمن –الأحزمة والنخب- يؤكد أنه واضعهم تحت رقابته المشددة ولن يكون لهم أي تأثير ولديه كشوفات بأسمائهم وأدلة بالصوت والصورة. والمعومات عن تلك العناصر ليست محصورة بجهات معينة بل صارت متوفرة حتى لدى الإنسان العادي والبسيط كشفتها حرب العاصمة عدن والجنوب عامة 2015م و2017م و2019م. لأنهم يفرون بأرواحهم إلى مناطقهم في الشمال يتركون أسلحتم حتى تتدخل قياداتهم من هناك ويتواصلون مع الرموز القيادية في الحكومة الشرعية ممثلة بالجنرال العجوز ليطلب تحالف دعم الشرعية بإيقاف العمليات القتال. وفور توقفها تعود تلك العناصر إلى أشغالها في عدن والجنوب عامة. وأشغالهم في الظاهر عمالة وتجارية بحتة في مختلف المجالات حتى وإن شغلوا المناصب أمنية وعسكرية أو مدنية يستلمون الرواتب من الدولة فإن الرأسمال الذي يتاجرون به مدفوع من قبل تلك المؤسسات التي ينتمون إليها يعملون لحسابها. تجارة رابحة على الدوام ولو بارت بضاعتهم وتلفت يرمونها والعوض يأتيهم فورا ليستمروا في التجسس كما علمهم كبيرهم عفاش تخيس البضاعة ولا تبيعوها للجنوبي رخيص, فمنذ عهده وإلى يومنا هذا الأسعار في متوالية هندسية بينما الراتب في متوالية حسابية, غلاء فاحش والراتب محلك سر. سياسة لعينة فماذا كسب المواطن في الجنوب من تأثيرها إلا حربا طاحنة في لقمة عيشه. فمن نتائج الحرب الأخيرة ومنع الاستيراد رفع سعر البضائع والسلع لم تخدم سوى العناصر الأمنية الشمالية العائدة, أما العناصر الجنوبية الذين كانوا يعملون في تلك المؤسسات معتمدين على الرتب وبس لم يعد لهم أهمية أصبحت أوضاعهم صعبة وخاصة الذين بقوا هنا بعد إلغاء تلك المؤسسات الأمنية القمعية, أما الذين فروا إلى صنعاء لضمان بقائهم واستمرار رواتبهم أوضاعهم أفضل. والفرق باين في الأسعار بين الجنوب والشمال حتى لما كان العشرة بدينار. وهذا يكشف أن الأعمال كلها الخاصة والعامة تدار من قبل الدول وأجهزتها الأمنية حيث أن الأبناء يتم تسجيلهم فيها منذ نعومة أظافرهم يستلمون رواتب. ومن هنا توضح الرؤية من تحت مجهر لجاننا وفرقنا العجز الدائم للقطاع الخاص في تغطية الخسائر يليه فشل في المشاريع والتي يتحملها المستثمر والتاجر من دون دعم أي مؤسسة من مؤسسات الدولة سابقا أو حتى الانتساب لها وتلقي راتب شهري لأنه لا يحبذ العمل الاستخباري حسب شعار من راقب الناس مات هما.