خلال سنوات الحرب ارتفع الطلب على المشافي في في عدن وهو شي طبيعي ونتيجة لذلك استثمر القطاع الخاص ولكنه كان استثمار مشوه. فقد توالد عدد كبير من المستشفيات الخاصة بعضها مؤهل و صمم في الاساس كمستشفى منذ البداية لكن الاعم منها ظهر تحت اغراء العائد وارتفاع الطلب. و اقيم على عجل وعلى مباني قديمة لاتتوفر فيها شروط ومواصفات المستشفى عدا ان بعض هذه المؤسسات غير مجهزة ..ومع ذلك تسابق اصحابها في الترويج و اطلاق التسميات الجذابة .في هذا وللامانة فإن المشافي التي ظهرت بشكل طبيعي قبل الحرب الاخيرة متميزة في خدماتها نسبيا. كان يمكن ان يسهم الاستثمار الخاص في تعزيز البنيةالتحتية للقطاع الصحي الضعيف في عدن وان يحدث فارق نوعي وكمي يسهم في الارتقاء بالخدمات الصحية وفوق ذلك سيوفر فرصة لهذه المؤسسات في التنافس والتمايز والتميزو ينعكس ايجابا على جودة الخدمة والسعر ويوسع الخيارات امام المواطنين ويوفر بدائل محلية للعلاج عوضا من تكبدهم عناء السفر للعلاج في الخارج وفي المحصلة يقلل من تسرب العملة الصعبة خارج الاقتصاد . لكن ان يتحقق مثل هذا التطور كان يشترط ان يكون المشروع الاسثماري متكامل ومصصم كمؤسسة صحية وفق اسس علمية سليمة وفي سياق السياسة الاقتصادية لكن من المؤسف انه وفي غياب الرقابة والاشراف الحكومي تحولت بعض الاستثمارات الخاص سواء في المجال الصحي او في اي مجال آخر الى حالة عبثية هدفة الاثراء والتكسب اولا واخيرا بعيدا عن الاهداف والغايات الاجتماعبة والاقتصادية . والمشكلة ان جميع المستشفيات الخاصة لم تؤهل الكادر الطبي الخاص بها او تستقدم التخصصات النادرة من الخارج ولكنها اعتمدت على اختصاصيي المستشفيات الحكومية تماما مثل الجامعات الخاصة بعد ان شكل العمل في المشافي الخاصة عامل جذب للكادر الصحي بالنظر الى رواتبهم المتدنية. لكن لماذا المستشفيات الخاصة مع استثناءات محدودة تمتنع ليلا عن استقبال الحالات الطارئة الحرجة ؟ شخصيا لا امتلك الجواب ولكن هو تعبير عن غياب المسؤولية الاخلاقية وعن عدم الاكتراث في حياة الناس . ماهي القصة : القصة ان صديقي تعرض لازمة صحية حيث" دخل" في غيبوبة " كومة" مساء السبت 14 ديسمبر وقرروا اولادة وبمساعدة الجيران اسعافة وعلى عجل في الواحدة بعد منتصف الليل . و مروا بالمريض على خمسة مستشفيات . وتصوروا كم هي الصورة صعبة عندما يقوم الشباب بحمل مريظهم من السيارة على الاكتاف وبمجرد ان يوصلوا به الى المستشفى الاول ياتي الرد " لاتوجد اسرة فائصة " ويكرروا العملية في المستشفى مع مستشفى آخر وياتي الرد " لايوجد اخصائي باطني في هذه الوقت " وهكذا تعددت الحجج و تعبوا الشباب من حمل المريض على اكتافهم مسابقين الزمن سعيا لانقاذة لكن دون نتيجة اما المريض" فقد ظل على حالة في حالة غيبوبة ولذلك لم يشعر بمايجري.." . واخيرا قرروا الشباب بناء على نصيحة صديق الذهاب بمريضهم الى مستشفى الجمهورية التعليمي بخور مكسر" وهو مستشفى حكومي معروف". وهناك تم اجراء الاسعافات الاولية وانقاذ المريض من قبل فريق قسم الطوارىء" تحية حارة من القلب لاطباء وممرصي المستشفى الجمهوري بعدن. هذه قصة حقيقة حدثت لصديقي ولكنني اجزم وبالدليل ان العشرات من المواطنين الذين واجهوا حالات حرجة مشابهة ترفض المشافي الخاصة استقبالهم ما بعد منتصف الليل او حتى قبل ذلك وهي عملية تستهين بارواح الناس ومؤكد تتم خارج القانون الخاص والعام عدا عن القانون الانساني الدولي . و تحولت المستشفيات الى ادوات جباية فوق المعقول . هذه الممارسات اصبحت ظاهرة خاصة في غياب الرقابة والاشراف الحكومي على اداء وعمل المستشفيات والعيادات الخاصة وامام هذا العبث فإن الظرورة تقتضي دعم المستشفيات الحكومية من خلال توفير التجهيزات الحديثة وتعزيز اعتمادها في الموازنة العامة للدولة. وفي نفس الوقت يتعين على الحكومة تشديد الرقابة على عمل المستشفيات الخاصة للتاكد الدائم من ادائها .