بلغت حدة التنافس بين النظامين الإسلاميين المتشددين ذروتها في كل من إيرانوتركيا في سبيل تحقيق أطماعهما في الوطن العربي ليجدا نفسيهما مندفعين إلى استخدام القوة, طبعا ليس في مواجهة بعضهما, وإنما لغزو بعض البلدان العربية عسكريا فقط من دون بقية الدول الإسلامية الذي يتجاوز عددها الستين دولة, واحتلالها احتلالا مباشرا عمل لم تقدم عليه دول إسلامية أكبر عددا وعتادا وأكثر تقدما وتطورا منها باكستان وإندونيسيا وماليزيا وأذربيجان وأوزبكستان, وجمهوريات البلقان الإسلامية في مقدمتها ألبانيا والبوسنة والهرسك, منها من هم أعضاء في الاتحاد الأوروبي وآخرون في الناتو. هاتان الدولتان المارقتان عن الإجماع الدولي المنتهكان للنظم والقوانين والأعراف الدولية سبق أن مهدتا لهذا الاحتلال الصفوي والعثماني الإخواني دون وازع ديني ولا ضمير إنساني رادع منذ وقت مبكر يمتد من ثمانينيات القرن العشرين الماضي بواسطة حركات وجماعات الإسلام السياسي المتطرفة ودعمهما لها وإبرازها على الساحات باتجاهات متعددة منزوعة الانتماء الوطني والقومي زرعت الخلافات كرست الانقسامات وزعت التوترات قسمت البلدان وفئات المجتمع إلى طوائف تابعة للصفوية الإيرانية ولاحقة للخلافة العثمانية التركية في اسلوب فرق تسد وإجراء تمهيدي سهل لهما عملية احتلالهما لكل من العراق وسوريا ولبنان واليمن الشمالي وليبيا, وإن كان هناك بعض الاختلال في التوقيت فإنه قم واشتركا في جريمة الاحتلال.
ولازال التحضير والإعداد جاري وقد أنشأ النظام التركي قواعد عسكرية في كل من قطر والصومال والكويت, وبالتزامن مع ذلك فإن الدول الثلاث ومعها سلطنة عمان تسخر كل إمكانياتها من أجل توطيد التبعية بإيران واللحاق بتركيا, الأمر الذي أيقظ الشعوب العربية وجعلها من جهة تعيد حساباتها في تعاملها مع الجماعات والحركات والأحزاب الإسلامية والتي وصلت إلى سدة الحكم في بعض البلدان العربية إما متسللة أو بالانقلابات وأثبتت فشلها في أن تكون بديلا يقود نحو الحرية والاستقلال والتنمية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وظلت ترعى الإرهاب تحافظ على منابعه كأهم أصل من أصولها الثابتة, ومن جهة ثانية جعل الشعوب العربية تنظر إلى العلاقات مع إيرانوتركيا بأنها أكثر خطورة على مستقبلها تدعو إلى قطعها والتصدي لها عبر الجامعة العربية والأمم المتحدة, وبحيثيات مؤتمر برلين تدعو الشعوب العربية مجلس الأمن الدولي إلى إصدار قرارات تحد من خطر النظام التركي وتفرض عليه العقوبات كما جرى ويسري على النظام الإيراني.
فمثلما انتفضت الشعوب العربية وجيوشها ضد الاحتلال الفارسي والعثماني المشترك الجديد تقاتله من أجل تحرير الأرض العربية وتطهير ترابها من دنسهما, فإن شعوب الدولتين تركياوإيران انتفضت في احتجاجات عارمة لإسقاط النظامين المتخلفين رفضا لتدخلهما في شئون العرب ومعارضة لزعزعة أمنهم واستقرارهم مما يبشر بانهيارهما وزوالهما إلى الأبد رغم استماتتهما في البقاء ولو على الأشلاء جراء ممارستها للقمع والتعذيب. بحزم إرادة الشعوب وصمود أملها تتحطم كافة المؤامرات والخيانات والعبرة للتبع أن النهوض بدولهم لا يتم ولا يتحقق بدول ثورية ضعيفة ناهشة طاهشة جوعانة مثل إيرانوتركيا, وإنما بالاعتماد على الله ثم بمساندة الدول العظمى والدول الحرة المتقدمة مدنيا وإنسانيا وديمقراطيا والمتطورة علميا وصناعيا وتكنولوجيا.
وفيما يتعلق بالجنوب, جنوباليمن الذي هو الجنوب العربي, وعلى ضوء ما سبق لن تسمح السعودية والتحالف العربي الذي تقوده ولا الشعب في الجنوب أن يسقط الجنوب بيد الاحتلال التركي ويصبح تحت سيطرته بواسطة حزب الإصلاح اليمني الإخوانجي الذي يحكم فيما يعرف بالحكومة الشرعية اليمنية بعد أن تم تحريره من قبضة جماعة الحوثي التابعة لإيران, حيث أن الوضع حاليا في الجنوب فيه شبه كبير بالوضع في ليبيا. في ليبيا الحكومة إخوانية مدعومة من تركيا مستغلة الاعتراف الدولي بها وتقاتل الجيش الليبي المسيطر على الأرض, وكذلك الحال فإن تركيا تدعم حزب الإصلاح اليمني المشارك في الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا وتدفعه لمواجهة قوات الأمن والجيش الجنوبي المسيطر على الأرض في الجنوب حتى يسهل لها احتلاله, وهذا مستحيل لن يتم إلا على جثثنا.