فرحنا وما أقصر أفراحنا، وكم هي سريعة في الزوال.. فرحنا حينما رأينا قيادات مجلسنا الانتقالي على متن طائرة سعودية خاصة يتحلقون حول مائدة من الفواكة المنوعة، كما لو اننا لأول مرة نصعد الطائرة أو نرى الفاكهة، وهذا للأسف كان انطباع المستضيف عنا، نسينا أو تناسينا ان دولتنا السلبية كانت سباقة في أول مطار وأول طائرة مدنية على مستوى الجزيرة العربية، وبأن لحج وأبين سلة فاكهة. فرحنا حينما دعونا لزيارة عواصمهم، وحينما وضعوا على رؤوسنا عقال ودشداشة، وحينما اجتمعنا معهم داخل إطار صورة واحدة.. فرحنا وغردنا وهشتجنا وملأنا فضاء العالم الافتراضي بتلك الصور، وتلك كانت صورتنا الأولى لديهم.. صورة هزيلة للغاية.
نسينا أو تناسينا حينها ان لهفتنا تلك هي من وجهة نظرهم اندلاق كرامة وعزة وشرف على بلاط قصورهم وارصفة شوارعهم، نسينا وتناسينا عاصمة دولتنا التي سبقت مدنهم في الاعمار والبناء والنظام والقانون والعلم والمعرفة.
فرحنا بتغريدة ناشط خليجي بسيط وبنينا من احرفها دولة، هللنا وكبرنا له وقدسنا سره، نسينا أو تناسينا رموز ثورتنا الحقيقين وهجرنا صفحاتهم وأعلنا سرا القطيعة، مات منهم البعض قهرا وكمدا، وخوّنا البعض الآخر واحلنا الكثير منهم إلى البيوت كما أحالهم من قبل نظام صالح.
أمام كل هذا يسأل أحدهم مستغربا لماذا لا يقدّر الخليج تضحيات أبطالنا في الجبهات ولم يحترم دماء شهدائنا وجرحانا وعذابات شعبنا الوفي، ولم يصدّق قط أننا الحلفاء الصادقون؟
لأنكم يا قادتنا المغاوير نسيتم عادات وتقاليد العرب وتجاوزتم حق الضيف وواجب المضيف فمكثتم في ديار الأخير فصولا وسنوات، ونسيتم ان المرء يقل مقداره خارج داره، نسيتم ان قيمة القائد الحقيقي من قيمة شعبه وبأن الثائر كذابٌ إن لم يكن في أول الصفوف، تقاسمتم أنتم وأهلكم وذويكم رغد العيش في أرقى مدن العالم وتركتم الشعب جائعا ومهانا على أرضه.
تخليتم عن المسؤولية واستطعمتم حياة الفنادق وأرسلتم للشعب حكاما غرباء، اراقوا كرامة مواطنيكم كما ارقتم دماء آلاف الأبطال في مختلف جبهات القتال مقابل فتات رواتب زهيدة. بربكم كيف حولتم أهداف شعبنا في التضحية والفداء إلى مجرد راتب يتحكم به حليف لئيم، ها قد حقق أهدافه بدماء خيرة رجالنا الشجعان، ويهددكم اليوم بالفطام؟
شكرا لكم فقد حققتم ما عجزت عن تحقيقه الأنظمة البائدة، وكونتم جيوشا ضاربة غدا تجوع وستنهش بعضها بعضا، شكرا لكم فقد صنعتم الكثير من القيادات المزيفة، وأكثر منهم مطبلين وفاسدين وسرق وناهبي أراضي.
أخيرا لا أدري هل استطيع أن أقول تداركوا الأمر وعودوا أم أن الأوان قد فات!