يوم عصيب ودامٍ، لا يمكن أن ينسى من ذاكرة الثوار وكل أبناء اليمن في الداخل والخارج، بل لا يمكن أن ينساه من شاهده عبر فضائيات العالم آنذاك، ذلك اليوم الذي رفع الثوار فيه شعار لا حصانة للقتلة، واصل القتلة اجرامهم بكل وقاحة وفجاجة باستهداف ساحة الحرية وفي وسط النهار والثوار في قمة نضالهم السلمي يستمعون للخطيب ويصلون الجمعة، وكان الهدف واضح للجميع بقمع الثورة والثوار في عاصمة الثورة وصاحبة السبق الثوري مدينة تعز ومع ما مارسه المجرمون بحق ثوار تعز وكل ثوار اليمن لم يستطيعوا كسر ارادة شعب أعلن ثورته ضد التسلط والاستبداد والفساد وقدم هذا الشعب لأجل ذلك أطهر الدماء وأنبل الأرواح وأزكاها. يوم الحادي عشر من نوفمبر العام الماضي يوم أشد فظاعة وايلاما وقساوة من مشهد الجريمة النكراء في جمعة الكرامة، ذلك أن في مشهد استهداف ساحة الحرية تجلت مذبحة القيم والأخلاق باستهداف النساء الثائرات والنيل منهن جهارا نهارا دونما أي مراعاة لمشاعر الشعب والعالم بأسره. في تلك اللحظات التي سقطت فيها الشهيدات تفاحة وزينب وياسمين كان الخبث الصالحي يتجلى بأبهى صورة وأبشعها على الإطلاق في كل أرجاء اليمن، بينما كانت أرواح الشهيدات تسمو وتحلق في السماء لتخلد إلى الأبد في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وكانت تلك اللحظات القاسية جدا تخلد هي الأخرى للأجيال القادمة والتاريخ كي يسجلها واحدة من أشهر الجرائم التي ارتكبها صالح ونظامه العائلي بحق الوطن والإنسانية على السواء، بل ان التاريخ سيسجل دماء شهيدات الثورة بأحرف من نور وبأبهى صور التضحية والجهاد والبذل والعطاء ولا أشك بأن من سيقرأ تاريخ الثورة لن يتوقف عند تلك الساعات قارئا فقط، بل سيشارك الجميع مشاعر تلك اللحظات وسيفدي اليمن من أي استعباد قادم حتى لا يتكرر المشهد والصورة مرة أخرى. في تلك اليوم انتصر الحق وزهق صالح وباطله وحل عليه سخط الشعب والناس أجمعين، فمن شاهد استهداف النساء ذلك اليوم أيقن بأن الثورة منتصرة، بل إن الكثير ممن كان يناصر صالح ونظامه توقف عند ذلك اليوم وسمعت الكثير من أنصاره يتمنون بأنهم شاركوا الثورة والثوار من أول انطلاق شراراتها، ذلك لأنهم والشعب كله لم يعرف استهداف النساء مهما اختلف معها، فأعراف اليمنيين تأبى أن تتلطخ بأخلاق دنيئة كتلك الممارسات. وفي ذلك اليوم ذهلت وصعقت من موقف نادر الحدوث ذلك المشهد الذي فجرته وفاء الشيباني ليعلن عن وفاة النظام الصالحي وإلى الأبد، حينما علت زغرودتها وهي تخط عبارة ارحل ياسفاح لم أتمالك نفسي نهائيا وانفجرت باكيا من هول الموقف الذي سطرته وفاء الشيباني للتاريخ كواحدة من أقوى وأنبل نساء اليمن. كانت وفاء بصوتها وزغرودتها ثورة لوحدها أدمت القلوب والأكباد وتقطعت الأحشاء لها كمدا وألما وحسرة.. لا أستطيع تخيل الموقف وأجزم بأنه حدث في بلادي لكن حينما أدرك بأن روح القتلة علت اليمن لعقود أجزم بأن ذلك حدث يوما في بلادي. آه وألف آه عام مضى على الجريمة والقتلة يسرحون ويمرحون ويظنون أن الله غافل عما عمل ويعمل المجرمون، مهما طالت الأيام وغرتهم فإن بقاءهم في اليمن سيقودهم إلى مكانهم الطبيعي والذي ينبغي أن يكونوا فيه، فالحصانة الممنوحة حق من لا يملك لمن لا يستحق وليست ممنوحة من أسر الشهداء والجرحى وتالله ليأتي اليوم الذي يجد فيه القتلة جزاءهم مادامت أرواحنا باقية فينا وما دامت مشاهد الجرائم المرتكبة بحق الثوار (الكرامة /كنتاكي/القاع/ هلوكست تعز/ قتلالثائرات في ساحة الحرية بتعز..) وغيرها من المشاهد حاضرة فينا ولم تفارق أرواحنا وأنفسنا، ومما يتوجب علينا في مثل هذه الذكرى (11/11/2011م) الاستمرار في نهج الثورة التي خطها الشهداء والشهيدات بدمائهم وأرواحهم وعدم الانحراف عن مسار الثورة وأهدافها والله المستعان، الرحمة والخلود والمجد لشهداء الثورة وشهيداتها.