في يوم10\11\2011م كانت هناك مساعٍ حميدة من قبل لجنة التهدئة الأهلية مع السلطات المحلية لتهدئة الأوضاع في تعز، ولكننا فوجئنا في ظهر ذلك اليوم الخميس بالقصف العشوائي على جميع أحياء مدينة تعز الحالمة، والذي استمر ليلة الجمعة ونهارها، وكان هذا القصف بجميع أنواع الأسلحة بما فيها الثقيلة لا يفرق بين حي وحي وبيت وبيت بل قُصف كل شيء في المدينة المدارس والمساجد والمستشفيات والشوارع والأسواق...الخ. وكان القصف الشديد يوم الجمعة 11\11 على ساحة الحرية وحواليها وطرقها فقد ضربت بيت الشهيد هاني الشيباني واستشهد وظهرت أخته وفاء الحرة الأبية في القنوات في ذلك الموقف البطولي الأسطوري حين سطرت بدم أخيها عبارة "ارحل يا سفاح" وتكلمت تلك الكلمات الثورية التي عبرت فيها عن ثورية حرائر تعز واعتزازهن بالثورة وشجاعتهن بالوقوف ضد الظلم والطغيان والاستبداد مهما قدمن من تضحيات، وكان استهداف الساحة الهدف منه منع الثوار والثائرات من أداء صلاة الجمعة في الساحة، ورغم ذلك القصف للطرق المؤدية للساحة إلا أن الأحرار والحرائر تسللوا لواذاً حتى وصلوا الساحة، وكان القصف الشديد مُركزاً على ساحات النساء وفندق المجيدي، وكنا نشاهد الساحة تشتعل ناراً من شدة القصف وكان القصف على فندق المجيدي بالأسلحة المتوسطة وكانت الحرائر يجلسن أسفل الفندق وقد نصحن من قبل بعض الثوار بالابتعاد عن هذا المكان ولكنهن أبين إلا الجلوس الذي مثل شجاعة وإباء لا يخفن إلا الله ولسان حالهن يقول: "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا..." وقبل خطبة الجمعة وشدة القصف كان الشباب ينقلون الجرحى في كل لحظة، وفي هذا الوقت أصيب الدكتور المناضل الشجاع عبدالله الذيفاني وتم إسعافه وجُرح آخرون وتم إسعافهم ورغم شدة القصف من جميع الاتجاهات فإن المصلين الأحرار والحرائر توافدوا من كل حدب وصوب بين الرصاص المصبوب على الساحة، وبدأ الخطيب خطبته، وكانت القذائف تمر من فوق رأسه... في هذا الوقت عبّر المجرمون عن غيظهم الشديد فقصفوا بالدبابات فندق المجيدي الذي استهدف الحرائر الثائرات المصليات العابدات وخرجت تلك الثائرة الجريحة وهي تتعثر من شدة الإصابة واستشهدت في الحال الشهيدة (تفاحة، وياسمين، وزينب) وجُرحت أخريات .. وهب الشباب ليأخذوا الشهيدات ولإسعاف الجريحات إلى المستشفى الميداني، ورغم ذلك كله فقد استمر الثوار والثائرات صامدين في الساحة واستمر الخطيب في خطبته الأستاذ أحمد عبدالرب برباطة جأش وشجاعة نادرة وأداء متميز وبعد أداء صلاة الجمعة قام المصلون جميعاً بمسيرة غاضبة لا يخافون الموت وقصف الطغاة المجرمين إلى المستشفى الميداني (الروضة) في حي الروضة، وهناك كانت الفاجعة فلقد شاهدنا الشهيدات الثلاث وشهداء آخرون، وكان المنظر رهيباً لم يملك فيه الإنسان إلا أن يذرف الدموع مهما كانت رباطة جأشه. إنه مشهد الحرية والعزة والكرامة والمواطنة المتساوية. مشهد التضحية والفداء. مشهد تقديم الأرواح من الرجال والنساء من أجل الحرية والمواطنة المتساوية, ومن شدة التأثر سألني البعض هل هنّ قريباتك؟ قلت: لا. ولكنهن أخواتنا من حرائر تعز اللاتي قدمنّ أرواحهنّ رخيصة، وكنّ يبحثن عن الشهادة من أجل الحرية والكرامة, إنه يوم مشهود تجرد فيه الطغاة المجرمون، والعبيد المحترفون للقتل من كل شيء إنساني وأخلاقي وديني, فلا احترام لصلاة الجمعة ولا للأطفال والنساء والمصلين, فالخزي والعار لأولئك الذين قاموا بهذه المجزرة وهم "قيران وضبعان والعوبلي" وغيرهم... هؤلاء المجرمون لن يفروا من العدالة مهما طال الزمن. وبعد ذلك قامت قوات العوبلي من جهة مستشفى الثورة بضرب المستشفى الميداني، وقوات ضبعان من جبل جرة فضرب من جميع الاتجاهات بحوالي 14 قذيفة مما أدى إلى قتل بعض المصابين، وجرح البعض الآخر، ومن شدة القصف سقط أحد الجرحى ووقع على الأرض شهيداً.. أي وحشة هذه التي ارتكبها هؤلاء المجرمون الذين لا يزالون يمشون مطمئنين آمنين على الأرض، والأصل أن يكونوا في السجون والمحاكم لينالوا جزاء ما اقترفوه من جرائم حرب في حق الإنسانية , إن تعز لن تهدأ ولن تطمئن حتى يحاكم القتلة المجرمون وإنها لثورة حتى تتحقق جميع أهداف الثورة.. لقد تحرر أبناء تعز وأبناء اليمن وأبناء ثورات الربيع العربي , تحرروا من الخوف، إلا من الله تعالى، وقاموا بثوراتهم من أجل الحرية والكرامة والمواطنة المتساوية وإنهاء الظلم والاستبداد والطغيان، وسيظلون في ثوراتهم في الساحات حتى تكتمل أهداف الثورة ويحاكم القتلة ويرحل آخر فاسد في نظام المخلوع, وعلى بقايا النظام الفلول وأعوانهم من الثورة المضادة أن يدركوا بأن الشعب الذي فجر الثورة في 11 فبراير 2011م وحقق هدفه الأول بإسقاط رأس النظام سوف يستمر في ثورته حتى يحرر البلاد من الفلول وأعوانهم المتحالفين مع المخلوع، وأن دماء الشهداء والجرحى لن تذهب سدى ... "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون". ملحوظة: بلغ عدد الشهداء في هذا اليوم 13 شهيداً نساء وأطفال ورجال... الرحمة للشهيدات والشهداء، والشفاء للجرحى، والحرية للمعتقلين، والنصر للثورة، والخزي والعار للقتلة وأعوانهم.