من محاسن فيروس"كورونا"أنه أرعب دول الاستكبار العالمي؛هد حيلها وأذلٌها في غضون أيامٍ معدوداتٍ،وجعلها مقطعة الأوصال،مجزأة المدن؛أوقف طائراتها وقطاراتها وباخراتها ومشاتها،وجعل شوارع عواصمها العامرة،وممرات مدنها الراقصة الصاخب،تبدو يباباً وخراباً موحشاً،يخيٌم فيها سكون الفاجعة وصمت الفزع،يطل ساكنوها من شرفات ونوافذ قصورهم الشاهقة،خائفين مذعورين،ينظرون،بتوجسِ وحذرِ،إلى تلك الشوارع الخاوية من الحركة والممرات الفارغةمن المارة ،وكأنهم يشاهدون،أمام أعينهم،غول ذلك الفيروس المفترس يركض فيها بحثاًعنهم!! لقد هزٌ فيروس كورونا تلك الدول المتبجحة،ذات الأقتصاديات القوية،والتراسانات العسكرية الضخمة،والتقدٌم العلمي والتكنولوجي المتطوٌر،وعرفهاأنها،رغم قوتها،أوهن من خيوط العنكبوت،مع أن بعضاً منها دول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي تنفرد بقرار حق النقض،الفيتو،الذي،عادةً، ماتستخدمه في تمزيق الشعوب الفقيرة،كي تظفر بنهب ثرواتها الطبيعيةبطريقةِسهلةِميسٌرةِعلى طبقِ من ذهبِ،وهذه الدول القويٌة في مجملها،رأينا كيف وقفت مستحكمةًعاجزةً عن مواجهة عدوِحقيرِوصغيرِ لا يرى بالعين المجردة،فقد استطاع هذا العدو المتناهي في الصغر أن يكسر جبروتهاويلقٌنها درساً قاصياً،أدركت من خلاله أنه لا دول قوية تقع في المقدٌمة كأمريكاوبريطانياوفرنساولادول ضعيفة تقبع في المؤخره مثل،اليمن والصومال وجيبوتي ، فكل دول المعمورة،الغنيٌة والفقيٌرة،شركاء على حدِ سواءِ في أحقيٌة العيش الكريم على سطح هذا الكوكب . وبالمقابل إذا كانت تلك الدول القويٌةالمنيٌعة عجزت وفشلت في إحتواء وباء"كورونا"رغم فرضهاإجراءات العزل الصارمة،فما حال أهل البلاء في اليمن،شماله وجنوبه،وهم يعيشون وضعاً صعباً،وحرب الحوثة الشعواء التي حصدت منه ماحصدت من الأروح والأنفس،ولا تزال الأصابع قابضة على الزناد والحرب مستعرةً في طول البلاد وعرضها،هذا الشعب المطحون المفتوت المعجون الذي معظمه يعيش حياة الكفاف على راتبِ حقيرِ ضئيلِ يأتي حيناًويغيب أحياناً وإن أتى لا يفي بعلاج الإسهالات المائية الحادة المستوطنة في البلاد،وعلى ضوء ذلك يتوجٌب على الجميع استشعار خطورة فيروس "كورونا"الذي يحوم حول الديار ويطرق الأبواب والمنافذ باتباع أبسط إجراءات السلامة والإبتعاد،قدر الإمكان عن أماكن التجمعات البشريٌة واللجوء إلى استخدام مواقع التواصل الإجتماعي للتعبير عن التهاني أو التعازي في مختلف مراسيم الولائم والأفراح أو مواقف المآتم والأتراح،وإن ألتقى ،عن طريق الصدفةبعد فراقِ طويل،الخلان والأصحاب والأحباب في الأسواق أو في مقايل الشواطئ والمتنفسات عليهم تجنًب عناق الحضن بالحضن وحرارة الشد بالأيدي والإكتفاء بالسلام من بعيد على حسب قول الفنان القدير محمد سعد رحمه الله،كي يجنبوا أنفسهم خطورة الإنتقال من الأسواق والمتنفسات إلى المحاجر وغرف التنفٌس الإصطناعي !!