جراح متعفّنة وغضب يجتاح مأرب وتعز بعد إهمال جرحى العدوان    زيارة ولي العهد السعودي لأمريكا استنزاف الثروات وتبديد السيادة    "زيم" البحرية تسعى للعودة إلى الإبحار عبر باب المندب    اليونيفيل تسجل 10 آلاف انتهاك إسرائيلي جوي وبري في لبنان    كم سيربح؟.. مقابلة ترامب تعزز ثروة كريستيانو رونالدو    ضبط قاتل بائع السمك في مدينة البيضاء    بخضر : استكملنا كافة التجهيزات لنصف ونهائي البطولة ونطالب الأندية والجماهيرية بتقديم لوحة فنية وجمالية استعراضية تنافسية في الملعب والمدرجات    الجاوي: رفع سلطة صنعاء للرسوم الجمركية إعلان استسلام للعقوبات والحصار    مينديش يعود لpsg الفرنسي    عن وزارة الاعلام والوزير التويتري وإرث وطن    "وثيقة" تكشف عن تعويم حكومة صنعاء للدولار الجمركي مع سعر السوق الموازية    إحباط عملية تهريب مخدّرات وإيقاف المتورطين في منفذ الوديعة    "وثيقة" تكشف عن تعويم حكومة صنعاء للدولار الجمركي مع سعر السوق الموازية    الاتحاد اليمني لكرة القدم يصدر تعميمًا تنظيميًا شاملًا يحدد ضوابط ومواعيد مسابقات الدوري بدرجاته الثلاث    قراءة تحليلية لنص "هروب وعودة" ل" أحمد سيف حاشد"    النائب بشر: لا يوجد "ضيف" محبوس وممنوع من الزيارة    بثلاثية نظيفة.. المنتخب الأولمبي يفوز على "كسكادا المصري" استعدادا للمشاركة في كأس الخليج    الأحد المقبل .. تدشين مخيم للعيون في الزهرة بالحديدة    العراق يواجه الفائز بين بوليفيا وسورينام وإيطاليا مع إيرلندا الشمالية في الملحق    اللحم غير المطهو جيداً... مسبّب للسرطان؟    المؤسسة الوطنية لمكافحة للسرطان تحتفي بإنجازاتها وتكرم مجموعة هائل سعيد أنعم كداعم رئيسي للمؤسسة    باتيس يشيد بدور نقابة المهندسين الجنوبيين بحضرموت في تعزيز العمل الهندسي    ثورة في علاج السكري: توصيل الأنسولين عبر الجلد دون حقن    أيهما أفضل: العمرة أم الصدقة؟    أوروبا في أزمة خطيرة بسبب أوكرانيا    تشكيلات عسكرية.. حضرموت اليوم بحاجة إلى العقلاء، لا إلى مشعلي الحرائق.    دراسة: سيجارتان يوميًا تضاعفان خطر فشل القلب والوفاة المبكرة    توزيع هدايا رمزية عينية للأطفال المرضى بمستشفى الثورة بالبيضاء بمناسبة اليوم العالمي للطفولة    مصطفي حسان يطلق رواية أبناء الرماد.. تكشف خيبات الحرب وتعرّي الفساد    الصفقة السعودية ‐الأمريكية.. خطوة استراتيجية تعيد رسم موازين القوة    جرحى تعز يعلنون رفع الاعتصام من أمام الجوازات عقب اتفاق مع قيادة المحافظة    البنك الدولي يحذر من تفاقم أزمة الأمن الغذائي في اليمن    الغيثي: استمرار شراكة الانتقالي مع حكومة الشرعية يدفن القضية الجنوبية    أحسم الأمر قبل تفاقمه    الإمارات تتخذ ميناء بوصاصو مركزا للمؤامرة على اليمن والمنطقة    لوجه الله.. امنعوا الباصات وأعيدوا باصات النقل العامة    تركيا تتاجر بآلام غزة وتناور بورقة نتنياهو... وكذبة اعتقال النتن ياهو    الجنوب بين معاناة الناس الحياتية وتسابق أجندة المصالح الخارجية    استعداد لمنع استيراد الملابس الجاهزة وتوفيرها محليا بجودة افضل    اختتام جمعية المنتجين ومركز سند دورة في تمكين المرأة اقتصاديًا    وزير الداخلية.. جابي ضرائب لا حامٍ للمواطن.. غرامة مالية متنقلة على ظهور الناس    متقاعدون معاقون في عدن: راتب 25000 ريال لا يعيل أسرة ولا يغطي أجرة المواصلات    العزي يطلّع على سير العمل في ملعب الظرافي تمهيدًا لافتتاحه    خبير في الطقس: البرد سيبلغ ذروته خلال اليومين القادمين ودرجات الحرارة السطحية تنخفض إلى ما دون الصفر    الاتفاق بالحوطة يتغلب على البرق بتريم في البطولة التنشيطية الثانية للكرة الطائرة بوادي حضرموت    قراءة تحليلية لنص "عيد مشبع بالخيبة" ل"أحمد سيف حاشد"    (هي وهو) حين يتحرك النص بين لغتين ليستقر    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع شبكة تحويلات مالية وأربع منشآت صرافة    مدينة الوفاء والسلام المنكوبة    العلامة مفتاح يشيد بالمشاريع الكبيرة لهيئة الزكاة    مهرجان "إدفا" ينطلق من أمستردام بثلاثية احتجاجية تلامس جراح العالم    يا حكومة الفنادق: إما اضبطوا الأسعار أو أعيدوا الصرف إلى 750    الإعلان عن الفائزين بجوائز فلسطين للكتاب لعام 2025    فريق أثري بولندي يكتشف موقع أثري جديد في الكويت    إحصائية: الدفتيريا تنتشر في اليمن والوفيات تصل إلى 30 حالة    قطرات ندية في جوهرية مدارس الكوثر القرآنية    تسجيل 22 وفاة و380 إصابة بالدفتيريا منذ بداية العام 2025    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الذي أصاب ابن الجن في رأسه؟
نشر في عدن الغد يوم 31 - 03 - 2020

1. أغلقنا الأرض! وربما يصبح الإغلاق أشد إحكاماً، ووطأة. تغيرت القواعد، وآن لنا أن نتخيل الأشياء التي لم تكن في الحسبان ..
وضعت الرؤية التي قدمها مجموعة من الباحثين، برئاسة نيل فيرغسون، إلى الحكومة البريطانية ثلاثة سيناريوهات لتخيل الشكل الذي ستأخذه الجائحة في بريطانيا [وأميركا]:
سيموت نصف مليون بريطاني إذا لم تتخذ أي إجراءات، أو نصف ذلك العدد إذا عطلت الحياة الجماعية بشكل عام، أو في حدود 20 ألف حالة وفاة إذا ما مُدّت تلك الإجراءات ل 18 شهراً!
لم تتحدث الرؤية عن أسابيع ولا عن بضعة أشهر. كانت حاسمة في الإشارة إلى الحقيقة الجديدة القاسية، وإلى الخيار الوحيد حيالها: احتمالها. وإلى حجر وعزلة ممتدة.
قال فيرغيسون:
علينا أن ندرك أننا دخلنا في زمن جديد، وأمامنا أن ننتظر حتى نحصل على اللقاح.
في التمثيلات البيانية التي قدمها فريق البحث كانت موجة كورونا تصعد وتهبط، وصعب على الباحثين تخيل شكل للنهاية خارج "اللقاح". من المتوقع، وفقاً للنماذج التخيلية التي قدموها، أن تشهد الموجة صعوداً آخر مع نهاية العام الحالي، مع الشتاء القادم.
سبق لرئيس فريق منظمة الصحة العالمية إلى الصين أن وضع التخمين ذاته: عندما نقترب من "الخروج" ستكون موجة وباء قادمة قد بدأت للتو.
هذه التخمينات هي جرس إنذار. ولكن لمن ولماذا تقرعون الأجراس؟ ليس بوسع العالم فعل شيء أكثر من العزلة والتباعد والتداوي بالأعشاب.
ملحوظة:
دعمت منظمة الصحة العالمية مشاريع بحثية صينية، وأسيوية، لدراسة إمكانية علاج وباء سارس بالأعشاب [الوباء الراهن هو أيضاً سارس]. قدم الصينيون عدداً من الدراسات حول الأمر، بعضها كان جيداً حتى إن المنظمة نشرته على موقعها. ومن حاصل أكثر من 126 عشبة قالت البيانات الصينية المتعددة إنها وجدت 26 منها ذات نفع. في ووهان، تقول معلومات منشورة، جرب الصينيون العلاج بالأعشاب إلى جانب المستحضرات الكيميائية. قالت دراسة مثيرة إن المرضى الذين تداووا بالأعشاب إلى جانب الأدوية الكيميائية تحسنوا على نحو أسرع من نظرائهم الذين اشتملت بروتوكولات علاجهم على الكيمياء وحسب.
على كل حال: الأعشاب والفيروسات واحد من أكثر الموضوعات الطبية استقرار في التاريخ.
2. ولكن .. هل علينا أن نتوقع موجات جديدة من الوباء؟
الإجابة: نعم.
في العام 2014 نشر فريق بحثي أميركي بقيادة كاترين سميث، متخصصة في البيئة والبيولوجيا التطورية، دارسة مذهلة في مجلة J R Soc Interface. قام الفريق بدراسة تأثير التحولات البيئية على خصائص الأمراض الوبائية في الفترة الزمنية بين 1980 و2013. درس الفريق 12102 حالة وبائية، لعدد 215 من الأمراض المعدية، داخل حوالي 219 شعب. شملت الأوبئة تلك قرابة 40 مليونا ..
لكل وباء خصائص بيئية معينة، كما هو متعارف عليه في علم الأوبئة، وكما تعلمنا في المدارس الطبية.
لاحظ الباحثون أمراً مثيراً:
ازدادت الأوبئة من حيث العدد، الانتشار، والضراوة مع الزمن. وكلما توغلنا في الحياة الصناعية، وازداد تخريبنا للبيئة خرجت الأوبئة وضربت بقسوة ووحشية. وفي كل مرة تبدي تلك الأوبئة خصائص جديدة لم تكن معروفة عنها.
تقول النماذج المقترحة إن المستقبل سيكون عامراً بالأوبئة. أرفقت بالمقالة صورة توضح كيف نمت كل أشكال الأوبئة في العصور الحديثة، بما فيها تلك التي تسببها الميكروبات القادمة من الحيوان.
لقد فعلنا ذلك بأنفسنا، ليس هناك من حرب سرية ولا مؤامرات. راجعوا البيانات لتعرفوا ما فعلناه وكيف فعل حياتنا.
محلوظة:
في القرية، وقد عشت طفولتي على جبل، قال لنا كبار السن: لا ترم حجراً إلى الوادي ولا إلى الأماكن المظلمة، لا إلى الأنهار ولا الغيول. ربما وقع الحجر على رأس طفل من أطفال الجن. إذا حدث ذلك، تقول النصيحة، فسيقلب الجن قريتنا رأساً على عقب.
هذا ما تفعله الأوبئة، تلك الظواهر التي تخرج من اللامكان حين تقع معاولنا العمياء على رؤوس الجن!
3. ما الذي يمكن أن يحدث للعالم:
الجوع، أم الفيروس؟
تخيلوا معي هذه الصورة الرهيبة:
فجأة أغلقت بومباي أبوابها. في بومباي يعيش الملايين من عمال اليومية، يقومون بكل المهن الدنيا وبالكاد يجدون مطارح للنوم بالقرب من أماكن عملهم. الآن عليهم أن يعودوا إلى قراهم البعيدة والنائية. بلا مواصلات، وقد تقطعت بهم السبل، كان عليهم أن يغادروا العاصمة ويعودوا مشياً على الأقدام إلى قراهم، مئات الكيلومترات. عاد بعضهم من الطريق، قالوا: الفيروس ولا الجوع.
هذا المشهد ممكن مستقبلاً:
يختفي الشرطة ويخرج الجياع، وتنهار الحضارة في جانبها الأخلاقي أولاً. ما عليك سوى أن تنشر الجوع في مدينة إذا أردت أن تحول أهلها إلى مجرمين. نقلت فرانكفورته ألغيمانية، الصحيفة الألمانية المرموقة، تقارير مفجعة من جنوب إيطاليا، حيث بدأت الناس في السطو على المتاجر والممتلكات. وسبق لنا أن قرأنا عن الأميريكيين الذين، ما إن تأزمت الأجواء، حتى ذهبوا لشراء الأسلحة. سيدافع المرء عن بيته، يتخيل الأميركان. قال تقرير، مر مرور الكرام، إن ثلاثة آلاف شرطي من شرطة نيويورك أصيبوا بالفيروس وغادروا الخدمة. ينشر الفيروس الجوع والجريمة أكثر من الموت والمرض.
هذا السيناريو القيامي ممكن.
4. من السويد وألمانيا يمكننا رؤية الجانب المضيء من هذه المأساة:
السويد:
استوعبت الكارثة دون أن تلجأ إلى الإجراءات القاسية. أوقفت التجمعات فوق 50 شخص، سمحت للناس بالخروج، تركت المطاعم والمتاجر تعمل، وقالت للناس: ابتعدوا عن بعض، لا تسافروا إلا للضرورة، التزموا النظافة. لم تزد على ذلك. يعتقد السويديون أن هذه الجائحة ستأخذ وقتاً طويلاً، وأنها تتطلب تغييرات شاملاً في شكل حياتنا الجماعية والاقتصادية. تواجه السويد التحدي بمستوى منخفض من الأداء الاقتصادي يمكن احتماله على المدى الطويل بدلاً عن إجراءات اقتصادية قاسية لا يمكن احتمالها سوى لفترة بسيطة.
ألمانيا:
في لقاء صحفي مع نائب رئيس نقابة الأطباء الألمان، هذا النهار، قرأنا معلومات تبعث على السعادة:
استطاعت الدولة، خلال وقت قصير، أن تضيف إلى كفاءة نظامها الصحي عدد 10 آلاف جهاز تنفس اصطناعي. كما ربطت عدد حوالي 1200 وحدة عناية مركزة منتشرة في كل البلاد داخل شبكة واحدة، وأمكن معرفة حركة العناية المركزة الألمانية في كل لحظة، كأنها مستشفى واحد.
ألمانيا هي خامس أكبر دولة موبوء في العالم، بعدد حالات حوالي 62 ألف، ومع ذلك فإن أقل من 4% فقط من كفاءة العناية المركزة مشغولة الآن. قال راينهارت، في اللقاء إياه، إن مشافي ألمانيا أبعد ما تكون عن الإنهاك أو الضغط.
لاحظوا أن هذا البلد لا يردد أي شعارات، ولا يقدم أي استعراضات على الصعيد الدولي. وعندما وضعت دير شبيغل على غلافها صورة لميركل وهي تحمل اليورو على كتفيها، أو وهي واقفة واللاجئون يتسلقونها .. كانت تضع صورة ملائمة لهذه البلاد.
سنتعلم الأشياء الثمينة ونحن نخرج من هذه الجائحة الرهيبة:
من إيطاليا ومن ألمانيا .. من إيران ومن السويد .. ومن الصين والهند..
5. لن أفقد تفاؤلي وثقتي بابن الإنسان.
كل المحبة لكم.
م. غ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.