كنا كقوة مثقفة في جنوباليمن وشماله , من ضمن مآخذنا على المؤتمر الشعبي العام , يعلن عن نفسه حزب سياسي , ويقدم نفسه عمليا كتجمع قبلي , يحتكم في خلافاته مع الآخرين قبليا , و يكفر عن خطايا نفوذه بتقديم الديات والاَروش , كنا نسخر من هذه الأفعال , عندما كنا مجتمع مدني مثقف , مجتمع متطلع لدولة ونظام وقانون , اين نحن اليوم من الأمس ؟! وهل ندرك الأسباب والدواعي . هنا من حقنا ان نصرخ وبصوت عالي , ونتنهد بقوة , آه يا زمن تحملناك وتحملنا مآسيك وقلنا الحياة , كفيلة في تعليم المتسلطين على رقابنا , والقوى العفنة التي تتسلق كل ثورة وغضب شعبي , متطلع للدولة والنتيجة خذلان وانتكاسة , وما أشد الانتكاسة التي نحن فيها اليوم .
كل ما نتذكر وضعنا الاسي , نقول يوما مر , وخلفه ينتظر يوما حلو , نذوق الكثير من المرارة , ولكننا نستحق شيئا من الجمال والحلاوة , لن يطول عذابنا و سننجو.
يطول الانتظار و عذاباتنا تطول , ويبقى الى متى ؟! ,وهل فعلاً لن يرتاح البسطاء من أمثالنا سوى في قبورهم هذا إذا تركوا لنا قبوراً نرقد فيها؟, يسرقون تطلعاتنا ,فيسرقون حياتنا , في كل عملية نصب وقتل واستباحة وبسط , في مشهد للصوص والفاسدين , وهم يعمرون القصور , التي تحرسها ابنائنا البسطاء براتب فتات من بقايا فيدهم , عن أي انتصارات ومستقبل يتحدث هؤلاء البغاة .
لن ينتصروا لقضايانا وقد انسلخوا منا , بمجرد ما أن تربعوا المنصة , وانتشوا بالتصفيق , امتهنوا استثمار معاناتنا وما سينا , أجادوا لعب المدياسة , باعتقادهم انها سياسة , رفعتهم لبروج عالية , ورغد العيش , تفننوا والمناكفة , واجادوا الابتزاز , فسكنوا القصور والفلل , و استثمروا كل ما يمكن استثماره من متنفس ومنتزه ومركز تجاري وسياسي , سلوكهم وثقافتهم المتدنية تقول (ان لقيت شيء في طريقك واعجبك شله ), السياسة الوحيدة الذي أجادها , وفشلوا في كل السياسات .
لا طعمنا حرية , ولا استقلال , والعدالة حدث ولا حرج , وعادك تشتي خدمات .
الخدمات لا تعنيهم وبكل بجاحه ليست من مهامهم , لا تزعجوها , اتركوهم ينعمون الأرستقراطية , كما قال مطبل , ما شفتهم الا هم , قد البلاد من زمان تنهب , يعني هربنا من لص وفاسد للصوص وفسده , ومش أي لص , لا مثيل له من 67م , نشهد لهم تفوقهم على الأولين في العبث بحياتنا بمهارة .
وقال مطبل اخر كيف تطالبوا بالخدمات من مناضلين , ضحوا وقدموا الشهداء , وبدء يسرد فساد الاخرين وهو منتشي , يردد اسطوانات سمعناها كثيرا , ولم نرى موقف صادق يكشف حقائق ذلك الفساد , والعمل على تفعيل أدوات الضبط والربط والمحاسبة , ولم نجد فاسد قدم للقضاء في محاكمة عادلة , في وقت هم مسيطرين عسكريا , كان بإمكانهم ارساء عدل ان كانوا صادقين , تقديم مثال طيب وأثر يحفظ لهم سمعتهم ومكانتهم في نفوس المراهنين عليهم , لكن بالإحباط والخذلان هو الأثر الواضح اليوم , اثر من يدعي الشرف والنزاهة والنضال , وهو غارق بالفساد والانتهاك , وبعضهم ارتقى لمستوى مجرم وقاتل , مستبيح الارواح والاعراض والأراضي والبيوت .
ولكل طاهش , ناهش , رغم اننا من دعاة الدولة والقانون , ورفضنا ونرفض العودة للتحكيم القبلي والاروش المتخلف , فليكن تأديب , لكل من لا يحترم مجريات العصر والحياة , الزمن كفيل بتأديب , وبنفس العصاء التي يلوح بها .