بعد استقلال الجنوب بسنوات قليلة طارد نظام الحكم في الجنوب جدنا وأبونا الشيخ سليمان سعيد بقشان رحمه الله وزجوا به في سجون عدن لشهور والسبب كما قيل وقتئذ أنه ينتمي إلى عائلة برجوازية. وبعد شهور من سجنه مع رفيق دربه جدنا الآخر صالح عمر بقشان رحمه الله، وفك اسرهما فيما بعد وهاجر سليمان سعيد بقشان إلى المملكة العربية السعودية عند أخوانه عبدالله وأحمد أبناء سعيد سليمان بقشان رحمهم الله جميعاً. فمضت السنوات تلو السنوات ودخل الجنوب في دوامة الصراعات وخان رفاق الدرب بعضهم بعضا وبقي سليمان سعيد بقشان قلبه معلقاً بوطن اجداده وكان حلمه أن يشق طريق عقبة خيلة كي يستفيد من هذه الطريق كل أبناء الوطن وخاصة أبناء وادي دوعن، وقد تحقق حلمه وانجز ذلك الحلم في منتصف ثمانينات القرن الماضي وفي عهد النظام الذي حاربه. كان عمري وقتئذ ما يقارب سبع سنوات وقد شاهدت هذا التحول في قريتنا من شق الطريق وأصوات الدانميت وهي تهز بيوتنا الطينية، فكنا نخرج من بيوتنا عندما ينادي (بارود) تحذيراً لنا بأن نخرج من بيوتنا كي لا تقع على رؤوسنا.
وبرغم اساءات نظام الحزب الاشتراكي لأسرة بقشان والكثير من الأسر الحضرمية وغير الحضرمية وخاصة شخصية سليمان سعيد بقشان الذي ظل هذا الشيخ الفاضل ينظر إلى وطنه ووطن اجداده ويتابع التحولات السياسية والاجتماعية، وكان يشعر وقتئذ بأن عليه واجباً تجاه أهله وهم يعانون في الحياة في ظل نظام ينظر إلى مواطنيه بتوجس وعندما سمحت له الفرصة فقام بشق الطريق للناس الذي عجزت عنه دول الجنوب وقتئذ التي حاربته وسجنته لأنه ينتمي إلى قبيلة مشهورة وأيضاً ينتمي إلى عائلة برجوازية. فمضت الأيام وتتبعها الأيام ويشهد الوطن تحولات بعد الوحدة وبعد حرب 1994 والكل من تجار الحضارم وغيرهم ينظرون من الخارج إلى تحولات وطنهم والرياح تعصف به وهي رياح مؤذية.
ومرت السنوات ومازال حلم (البرجوازي) سليمان سعيد بقشان يراوده أن يشق طريق رأس حويرة إلى عقبة خيلةوكان وقتها طريح الفراش وكان ولده أحمد سليمان وأيضاً ابن أخيه المهندس عبدالله أحمد بقشان وكل أفراد عائلة بقشان يدركون حلم والدهم سليمان سعيد بقشان فقاموا مشكورين برعاية ابنهم وأخيهم المهندس عبدالله أحمد بقشان بشق طريق رأس حويرة وهو مشروع عجز أن تقوم به دولة الحزب الاشتراكي اليمني وأيضاً دولة الوحدة، وكان الطريق ليس لبقشان أو لأهل خيلة او لقبيلته سيبان بل لكل أبناء الوطن ومع هذا قامت أسرة بقشان بأكبر انجاز وهو بناء مدارس حديثة في دوعن ابتدائي ومتوسط وثانوي وأيضاً مدرسة ثانوي خاصة بالبنات وهذا من أعظم الانجازات، فكانت البنات لا يكملن تعليمهن بسبب افتقار الوادي لمدرسة خاصة بهن ونجح البرجوازي السابق بقشان والذي حولته بعض الأقلام فيما بعد (عفاشي) في إنجاز هذا المشروع الذي لم تقم به دولة الحزب ولا دولة الوحدة وهذا يحتسب له ولعائلته على مر التاريخ. فبعد مرور سنوات جاء ذلك الشخص الحزبي الذي قبض على الشيخ سليمان سعيد بقشان يعتذر من أهله وقال؛"لهم كانت أوامر عليا من الحزب".
وهكذا تسامح الرجال وهي مواقف رجال لا يعرفها إلا الرجال وما يؤسف أن هناك أصواتاً مازالت تذكرنا بذلك الزمن البغيض الذي حارب من يختلف معهم في الرأي أو في الانتماء ومازالت بعض الأصوات تكرر المشهد بصورة لا تليق بهذا الوطن ونضال شعبه. وسوف يأتي اليوم وسيعتذر هؤلاء على تجاوزاتهم وتخوينهم لكل من يختلف معهم وسوف يقولون كانت لدينا: "أوامر حزبية، ومكايدات سياسية“،، وسنقول لهم الوطن فوق الجميع ونحن رجال ونترفع عن الصغائر وسنقول لهم سوف تذهب الاحزاب والمكايدات السياسية وستبقى بصمات من خدموا الوطن شاهدة لكل الاجيال وسيبقى الوطن فوق الجميع. _ ملاحظة: هذا البيت بيت بقشان في قريتي خيلة وقد هدده البريطانيين بالضرب وجاء الحزب وهددهم وأيضاً هدد الحزب بمصادرة مزارع قبيلتنا في غيل الحالكة وجاءت أصوات بعد الحزب وتهدد ومازالت تهدد أصوات محسوبة على مكونات سياسية. فنحن لسنا ضعفاء ولن نكون لقمة سائغة ونحن ننشد دولة النظام والقانون ولا نريد احداً أن يزايد علينا فقد ضربت بريطانيا قبيلتنا سيبان ومنهم اهلي الحالكة وضربت حصوننا في شرج حاح حصن بلحمر وحصن بانخر. فلا احد يزايد على أهلي وقومي فقد قاتلنا وشاركنا في جميع مراحل الوطن، ودخلنا العسكرية والسياسة والقضاء ليس من أجل أشخاص او أحزاب بل من أجل المسؤولية تجاه الوطن،وهناك غيرنا من أبناء الوطن من قدم ومازال البقية يقدمون وهذا واجب أخلاقي وديني. وهذه رسالة لمن يشكك في دورنا الوطني وليس افتخارا،فنحن ننشد دولة النظام والقانون كي يتساوى الجميع تحت مظلتها.