*مما لا مجال فيه للريب أن الإسلام كرم المرأة المسلمة تكريما عظيما ينافي دعوات الإنحطاط والمستشرقين الذين يدّعون أنهم يكرّمون المرأة ويعتنون بها -فالمرأة في الإسلام هي الأم- هي الأخت- هي البنت- هي المريبة- هي المجاهدة في بيتها- هي من تصنع الأجيال" ليس من تكريم المرأة اختلاطها بالرجال- ليس من تكريم المرأة مشاركة الرجال العمل- ليس من تكريم المرأة جعلها أضحوكة يضحك عليها أهل الشرق والغرب عبر دعوات الحريات والحقوق والمساواة بين الرجل والمرأة..
لقد كانت ولادة الأنثى في عصر الجاهلية تاريخاً أسوداً في تاريخ الوالدين بل في حياة الأسرة والقبيلة وانتهى بهم الحال إلى وأد البنات وهن أحياءً -قال الله تعالى حاكياً عن حالهم (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم يتوارى من القوم من سوءِ مابشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا سآءَ مايحكمون).. يظنون أن البنات عارٌ وخزي ومادروا أن في تربيتهن فضيلة لهم وسبيلاً إلى جنة ربهم سبحانه..
ولما أشرق الإسلام بنوره كرم المرأة المسلمة أيما تكريم سواءً كانت امرأة، أو أختاً، أو بنتاً، أو زوجةً، بل رتب الأجر الجزيل والثواب العظيم على من أحسن القيام بهن وتربيتهن ومن فضل إعانة فضل البنات والبر بهن أنها سبب من أسباب دخول الجنة..فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 《من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعة》..رواه مسلم.. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم《من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يؤثر ولده عليها يعني من الذكور أدخله الله الجنة》.رواه أبو داود..
وهذه رسالة إلى من أنعم الله عليهم بالبنات لمَ التأفف؟ ولمَ الحزن ؟ولمَ تمشي بين الناس وفي شعورك أنك ناقص؟ أما تدري أنك قد وجبت لك الجنة إذا قمت بتربيتهن وأحسنت رعايتهن وقمت على مصالحهن كما صح بذلك الخبر عن سيد البشر؟ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم《من عال ابنتين أو ثلاثاً أو أختين أو ثلاثاً حتى يبن أو يموت عنهن كنت أنا وهو في الجنة وأشار بأصبعه الوسطى والتي تليها 》..رواه أحمد.. قال ابن بطال حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك..إنتهى كلامه رحمه الله رحمة واسعة..
ومما يجلب للبنات المحبة، والسعادة- محبتهن، ورحمتهن، وكفالتهن، وتزويجهن. فإياك إياك أيها الأب أن يراك أبناؤك، وبناتك وكأنك أمامهم وحش مفترس،أونسر جارح_ ولكن كن حنوناً -رفيقاً -لين الجانب- رقيق المشاعر.. وإذا بدر من جاريتك خطأ وزلل تعامل معها برفق ولا تكن ذا خشونة في أهلك ومع بناتك- ومن مظاهر رحمتك بهن تأديبهن وإلزامهن طاعة الله تعالى -وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وإدخال السرور عليهن ولا تظن أنك تفرح بناتك عندما تأتي لهن بدش فيه المياعة ،والخليعة، والمسلسلات الهدامة ،والترويج لبضاعة الغرب العفنة ومن ماثلهم لإن هذا من خيانتك أيها الأب لأهلك وفلذات كبدك -فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول 《من كن له ثلاث بنات يؤدبهن،ويرحمهن، ويكفلهن، ويزوجهن وجبت له الجنة قال وإن كانتا اثنتين قال وإن كانتا اثنتين قال فرأى بعض القوم أن لو قالوا واحدة لقال واحدة 》.رواه أحمد.. فاحمد الله ياخي المسلم أن رزقك الله تعالى الذرية الصالحة خصوصاً البنات! غيرك عقيما- غيرك يتمنى طفلا ،أوبنتاً صغيرة يلاطفها ويداعبها ويمرح معها لأن الأولاد زينة، ومسرة فليحمد اللهَ المسلم ولا يكون من الذين لا يرضون بتقدير الله وحكمته لعل الله تعالى ما أعطاك الأبناء، وأعطاك البنات إلا لحكمة.. قد يكون الأبن عاصياً يجلب لوالديه الشر المستطير ،وقد يكون عدواً لك كما قال الله تعالى(يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم)..
فاحرص يامسلم أن تكون ممن قام بأمر رعايتهن على أكمل وأتم وجه فمن ذلك النفقة عليهن، وتعليمهن العلم الشرعي، وصيانتهن عن الفتن والشرور، وتحري لهن الخير والبحث عنه، وجلب لهن الوسائل المفيدة التي تشغل أوقاتهن من تعليم لأمور الإسلام، وتزويجهن إذا أتى لهن ممن يُرتضى دينه، وخلقه ،وأمانته، وعدم تأخيرهن، والإضرار بهن قال تعالى 《ولا تكرهوا فتيايتكم على البغآءِ إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم》 فتنبه أخي المسلم ولا يخيل إليك أن تربية البنات مجرد توفير لهن الأكل، والشرب،والكسوة، والنفقة عليهن؛ ولكن المراد ماهو أعم من ذلك من الإحسان إليهن في عمل الدنيا والدين.. فالله أسأل أن يرزقنا ذرية صالحة وأن يعيننا والمسلمين والمسلمات على القيام برعاية أبنائنا، وبناتنا- والقيام بهن على أحسن وجه حتى نكون رفقاء لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم إنه ولي ذلك والقادر وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...