اللواء بارجاش: مخطط حوثي لاستهداف حضرموت عبر خلايا محلية وسنواجه بحزم    الشيخ الجفري يزور أبو الشهداء والد الشهيد عبداللطيف السيد    البنك المركزي يسحب تراخيص منشأتين للصرافة ويغلق فروعهما    هناك اعلاميين رخيصين من الجنوبيين لمجموعة هايل سعيد    المشروع الأميركي – السعودي: نزع الشرعية عن المقاومة تمهيداً لفتنة داخلية!    الرئيس المشاط يعزي آل القاضي وعزلة سهمان في الطيال    الوزير باجعاله يؤكد أهمية حصول ذوي الإعاقة على كامل حقوقهم    محافظ عدن يقر رفع حافز المعلمين إلى 50 ألف    تعز.. اختتام دورة الرخصة الآسيوية (C) لمدربي كرة القدم    اتهامات لمليشيا الحوثي بخطف نجل نائب رئيس مجلس النواب السابق في صنعاء    المجلس النرويجي للاجئين: "إسرائيل" تخرق القانون الدولي في غزة يوميًا    اليونيسيف: 28 طفلاً يقتلون يومياً في قطاع غزة    النفط يتراجع وسط تصاعد المخاوف من فائض المعروض    حملة رقابية لضبط أسعار الأدوية في المنصورة بالعاصمة عدن    الحديدة: تدشين المرحلة 2 من مشروع إعادة تأهيل وبناء المنازل للمتضررين من السيول    لجنة الموارد تشيد بتحركات الحكومة لدعم العملة وتثمن دور وزارة الصناعة في مراقبة الأسواق    أي إصلاحات وحماية للعملة الوطنية وقطاع الاتصالات يسلم لشركة أجنبية    رسميا.. (ستارلينك) تدشن خدمتها من العاصمة عدن    هيروشيما: الجرح الذي لم يندمل    قرعة آسيوية ساخنة بانتظار ناشئي اليمن في كوالالمبور الخميس المقبل    وزارة الزراعة تناقش استعدادات الاحتفال بالمولد النبوي الشريف    وزير الشباب ومحافظ ذمار يتفقدان مدرسة الثلايا ومكتبة البردوني    فعالية احتفالية بذكرى المولد النبوي بذمار    متوسط أسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 5 أغسطس/آب 2025    المملكة تطلق 5 مشاريع إغاثية وتعليمية في اليمن ولبنان تخدم أكثر من 57 ألف مستفيد طج    شهادات مروعة عن تعذيب وانتهاكات داخل معتقلات الأمن السياسي بمأرب    إصابات إثر تصادم باصين للنقل الجماعي بمحافظة حضرموت    الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تشيد بالعملية اليمنية التي استهدفت مطار (اللد)    دولة هائل سعيد انعم.. نهبت الأرض والثروة ومعاقبتها مطلب شعبي    جراء الهجمات الحوثية.. "ميرسك" ترفع رسوم الشحن في البحر الأحمر    مليشيا الحوثي تختطف ثلاثة معلمين بينهم مدير مدرسة في إب    جريمة مروعة.. مواطن يقتل 4 من عائلة زوجته في إب ويصيب آخرين ويلوذ بالفرار    أيادي العسكر القذرة تطال سينما بلقيس بالهدم ليلا (صور)    النائحات المستأجرات    عدن.. البنك المركزي يحدّد سقف الحوالات الخارجية للأغراض الشخصية المُرسَلة عبر شركات الصرافة    شوقي هائل سعيد انعم يقتل الشعب ويشرب دمائهم لحصد المليارات    أصحيح هذا.. قائد عسكري كبير يسخر طقم مسلح لحماية مطعم متمرد على الأسعار    إب.. جريمة قتل مروعة أسفرت عن سقوط سبعة ضحايا    نيمار يوجه رسالة إلى أنشيلوتي بعد ثنائيته في الدوري البرازيلي    مودريتش: بطولات الريال لم تخمد حماسي    «سيدات النصر» .. لياقة وسرعات    ( ليلة أم مجدي وصاروخ فلسطين 2 مرعب اليهود )    توجيه الرئيس الزُبيدي بتكريم أوائل الثانوية.. تقدير واحتفاء جنوبي بالعلم والتفوق    الحكومة تجدد تأكيدها: الحوثيون حوّلوا المساعدات الدولية إلى أداة تمويل لحربهم    غدا الثلاثاء .. انطلاق المعسكر الإعدادي لمنتخب الناشئين    الحديدة: فريق طبي يقوم بعمل معجزة لاعادة جمجمة تهشمت للحياة .. صور    رئيس الوزراء: الأدوية ليست رفاهية.. ووجهنا بتخفيض الأسعار وتعزيز الرقابة    تضهر على كتفك اعراض صامته..... اخطر انواع السرطان    إنتر ميامي يعلن غياب ميسي لأجل غير مسمى    حضرموت التاريخ إلى الوراء    سلطة التكنولوجيا هي الاولى    تعز تتهيأ مبكرا للتحضير للمولد النبوي الشريف    رجل الدكان 10.. فضلًا؛ أعد لي طفولتي!!    توظيف الخطاب الديني.. وفقه الواقع..!!    الراحل عبده درويش.. قلم الثقافة يترجل    مرض الفشل الكلوي (15)    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستاذ عبدالجبار
نشر في عدن الغد يوم 16 - 08 - 2020


التفت إليه في الخلف
.وجدته ورائي جالس .
في الركن الأخير من المقهى .
نظرت اليه كانت يديه ترتعش وهو يحاول أمساك فنجان الشاي بقضته يده .
كنت كمن ينبش بقايا صور قديمة ولكنها عالقة في الوجدان .عرفت وجه وان بدأ كبير في السن .وأخذ الزمن الكثير من ملامح وجه، وبانت عليه التجاعيد في رقبته المتدلية من تحت دقنه الامرد من الشعر. كانت لحظات قليله ،وأنا أراقب الرجل ،حتى سأل ابني الصغير الجالس بجانبي اتعرفه..؟ قلت نعم انه الأستاذ عبد الجبار مدرس اللغة الإنجليزية فصرت مثل كتاب قديم ،وانا اقلب في صفحاته اعيد فيها السنوات التي مضت، او التي لم أكن فيها شيء.. كان مثل الظل الذي يتبعه ضوء قادم من بعيد.. وهو ينهش مخيلتي. لذكريات الطفولة. وهي أسعد سنوات العمر التي قضيتها من حياتي في عدن.. ايام الدراسه في مدرسة النهضة الاعدادية للبنين في الشيخ عثمان.ولازلت اذكر المدرسة و الأستاذ عبد الجبار مدرس اللغة الإنجليزية. او كما كانوا يسمونه الطلبة الاستاذ تختخ. شخصية خياليه من سلسلة روايات المغامرون الخمسة. كنا نقرأها ونتداولها. نحن الطلبة في ذلك الوقت .
عبد الجبار من أصول هنديه من ابناء عدن. والأستاذ عبد الجبار عكس اسمه فهو لا يحمل من اسمه شيء في شكله. كان يدخل الفصل. بنظارة سوداء مقعرة سميكة. تأخذ الكثير من ملامح وجه الأسمر وأنفه الصغير. وشاربه القصير مثل ذيل الفأر. كان يثير الضحك والسخرية، وشعر اسود مدهون بالزيت، فتشم رائحته الممزوجة بالعرق وهو ينصب فوق جبهته ،و مسدول بعنايه فائقة. إلى الخلف يغطي صلعة بيضاء في وسط رأسه. كان قصير القامه بجسم نحيل. مثل هيكل عظمي ملفوف بقميص وبنطال طويل. تراها معلقة فوق جسمه النحيل يخيل اليك انك تسطيع عدد العظام من تحت جلدة صدره العاري من فتحة القميص. وحذاء اسود كبير فوق ساقاه النحيلتين مثل أعواد القصب. لكنه كان نشط ويتحرك في ارجاء الفصل مثل النحلة وبين فترة وأخرى يشد من سرواله المترهل الى دائرة خصره الغائر جوف بطنه، و احيان يظل ممسك به حتى انتهاء الحصة...
لكنه كان رحيم جدا.. طيب القلب. لم يعاقب احد منا. رغم مايعمله الطلبة أثناء حصته، خاصة أصحاب المقاعد الخلفية .فهم اكثر الطلبة شقاوة. من الذين يجلسون في المقدمة. فكانوا يرمون عليه اصبع الطباشير وأوراق صغير ملفوفة. كان يتغافل عنها وإحيان كان يشاهد من يرمي. فيستمر في شرح الدرس بصوت قوي جهور. حتى يسيل لعاب ريقه من فمه، مثل رغوة الصابون، بين أسنانه الصفراء، من أثر التدخين ....
وكثيرا ماكان يحدثنا عن حياته الشخصية وعن زواجه وليلة الدخلة .وانه كان ساذج ولا يعرف لو تدخل والده. وقال له ماذا يفعل .ثم قال أن الزمن الآن تغير. يوجد تلفزيون وسينما. اصبحتم تعرفون كل شيء .قال لنا انتم الآن في اعدادي .أصبحتم رجال وبالغين و أعلم أنكم تذهبون إلى مدرسة البنات المجاورة لنا ،اثناء الفرصة وتتسلقون السور لأجل مشاهدة البنات ..فكنا نخجل من كلامه ثم نضحك ..فهو الوحيد من المدرسين. الذي يتحدث معنا في امور و مواضيع كثيرة غير الدرس ،مواضيع ثقافيه وعلميه، وعن اشياء كثيره لم نكن نستوعبها جيدا في ذلك الوقت.
قد أضاء عقولنا بحديثه معنا عرفنا منه أمهات الكتب ،والمفكرين كان موسوعة ثقافيه، لازلت اذكر حديثه عن الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا ،وشرح لنا ماذا تعني الرأسمالية والاشتراكية .وعن واكتشاف قبور الفراعنة في الاهرامات والمومياء. والعقاد وطه حسين .وتولستوي وهمنجواي ومحمود درويش ونزار قباني. والسينما وعمر الشريف واخر فيلم شاهده .تعلمنا منه الكثير. في المدرسة كان هو المسؤول عن إعداد المسابقات الفكرية بين الطلبة. وهو من ينظم الرحلات المدرسية. وزيارة المصانع والمتحف العسكري. ومطار عدن ومصافي عدن. كان طاقه من النشاط والإبداع. في آخر السنه الدراسية كان هو المسؤول عن المهرجان الرياضي والفني للمدرسة.
كان جبار بثقافته وجبار في نشاطه المتواصل وفنائه وحبه للطلبة. لهذا ظل الأستاذ عبد الجبار راسخ في ذاكرتي، رغم السنوات لازلت اذكر حين أسند لي دور أنطونيو في مسرحية تاجر البندقية لوليم شكسبير. و كنت خائف ان أمثل الدور، لكنه هو من اقنعني ان أمثل ذلك الدور، فتغلبت على خجلي واستعدت ثقتي بنفسي ،وأحسست بأني شىء كبير ومهم . كم انت جبار ياعبدالجبار ..! وحين رأيته جالس منطوي لوحده في ركن المقهى، مثل شيخ هرم وكبير في السن. فقمت من مقعدي و ذهبت إليه ،وسلمت عليه وعرفته بنفسي، فلم يتذكرني ، اخذ نفس عميق من سيجارة بيده وهى تهتز ، قال أن المعلم احيان قد لا يتذكر طلبته ،ولكن الطلبة عادتا، هم من يتذكرون معلمهم، فاعذرني يابني ان لم أتذكرك ،ولكن يكفي انك تذكرني. ولكني قلت له من انا واني فخور بك ..وفخور انك كنت معلمي .ثم تركته ودعته متمنيا له السلامة والعمر الطويل .ثم توجهت إلى ابنى ومضينا نمشي ،وانا احدث نفسي هل سيجد ابني معلم في مدرسته مثل عبدالجبار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.