صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القيادي الاشتراكي محمد غالب: دخلت السجن وعمري 13عاماً بسبب تنظيم مسيرة مؤيدة لثورة سبتمبر
نشر في المصدر يوم 09 - 10 - 2010

تنشر صحيفة "السياسية" الصادرة عن وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" حوارات أسبوعية تتناول جوانب مخفية عن شخصيات سياسية واجتماعية عرفنا نصف حياتها لكننا لا نعرف شيئاً عن نصفها الآخر.

المصدر أونلاين وبالاتفاق مع الصحيفة ومع الزميل صادق ناشر الذي قام بإجراء هذه الحوارات يعيد حوار مع محمد غالب أحمد السقلدي عضو المكتب السياسي، رئيس دائرة العلاقات الخارجية للحزب الاشتراكي اليمني.

*لو أردنا نبش ذاكرتك منذ كنت صغيراً؛ فماذا تتذكر من هذه المرحلة؟
-أتذكر أشياء كثيرة، لقد وُلدت في منطقة الشعيب بمحافظة الضالع عام 1949، وتربّيت السنوات الأولى من عمري في قرية اسمها "الكتمي" في منطقة مريس بمديرية قعطبة، فوالدي كان أحد المقرّبين للشيخ السقلدي، شيخ الشعيب، والذي قاوم بريطانيا عندما هجمت على المنطقة الشعيب، وقد قاومهم بالسلاح، ووالدي كان معه، وفّر والدي وابن عمه وآخرون إلى مريس.

هذه البدايات الأولى التي أتذكر بعضاً منها في حياة الطفولة، وقد تعلمت في قريتنا واسمها "بخال"، وكانت أكبر قرية في الشعيب؛ لأن أغلب مشايخ الشعيب منها؛ فكان كل الناس يتعلّمون ويحفظون القرآن هناك.

في القرية تعلّمنا القرآن الكريم، ثم ذهبنا للدراسة في المدرسة الابتدائية، وكُنّا ننتقل إلى الصف الثاني مباشرة، وقد تعبت كثيراً في طفولتي؛ لأن أبي كان مغترباً في فيتنام، ولم يكن لديه هناك دخل كافي؛ فقرر الانتقال إلى أمريكا، حيث عمل في المزارع، لكن مع ذلك كان دخله قليلاً، ولهذا تعب كثيراً في حياته.


في فريق كرة القدم في ثانوية الشعب مدينة عدن
وقد تربيت عند جدتي، وكنت أحياناً أرعى الغنم، خاصة في الإجازات. ثم انتقلنا للدراسة في زنجبار (أبين)، لأنني كنت من أوائل الطلاب في الدراسة في الابتدائية بالشعيب، وكان الذين ينجحون ينقلونهم إلى المدرسة المتوسطة في زنجبار، إذ يأتون بهم من كل مناطق الجنوب باستثناء حضرموت، لحج وعدن.

*كم كان عمرك حينها؟
-كان ذلك عام 1962، وعمري حينها حوالي 13 سنة، أو بهذا الحدود. كان كل الطلبة الذين كانوا في زنجبار قد أصبحوا من القادة الكبار، مثل: عبدالله علي عليوة، علي أسعد مثنّى، علي سالم لعور، جاعم صالح، محمد عبد القوي، الخضر صالح، وهؤلاء كانوا قبلنا. وأتذكر أنّني دخلت السجن بعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962، وكان ذلك بسبب قيامنا بتنظيم مسيرة نؤيّد فيها ثورة سبتمبر، وكان الفنان محمد محسن عطروش عنده قصيدة للشاعر عبدالله نُسير، يقول مطلعها:

"بسم الله .. باسم الشعب الجبار الذي ثار وأعلنها جمهورية"، كانت أول مظاهرة لتأييد ثورة سبتمبر في الجنوب في زنجبار، يعني أول دخول لي السجن في قضية سياسية كان في زنجبار وعُمري لا يتجاوز ال13 سنة، وقد درسنا دراسة جادة في زنجبار ومنها انتقلنا إلى كُلية الشعب بمدينة عدن، وهي كلية الاتحاد سابقاً.

*ماذا تركت السنوات الذي عشتها في الشعيب ومريس، سواء في علاقاتك مع أقرانك الصغار أم مع الأهل؟ كيف بدت لك الحياة في تلك الفترة باعتبار أنها كانت حياة صعبة؟
-الحياة لم تكن صعبة فحسب، بل صعبة جداً، وكانت هذه الحياة قد ولّدت عندي منذ كنت صغيراً كُرهاً للظلم وللظالمين. كان أبي وأمّي يحدثاني عن تنقلنا من مكان إلى آخر، وأنا لا زلت رضيعاً، ثم بقائنا في منطقة خارج منطقتنا التي ولدت فيها، وكان ذلك يزيد عندي الكُره للظلم، ومنذ صغري كنت أحب أن أعيش مع الناس العاديين. وكنت وفياً لعائلتي، حيث أقوم بتلبية متطلبات أفرادها. وقد اشتغلت بفلاحة الأرض، وكنت أهتم بجدتي (أم والدي) وهي عمة شيخ البلاد السابق محمد مقبل السقلدي -رحمه الله- أي أن نشاطي كان مركزاً على خدمة العائلة.

عندما كبرت عرفت أن العائلة هي المجتمع الصغير، وكنت في صغري شقياً، ولا أقبل الغلط، وكُنت أتعارك دائماً مع أقراني وزملائي الذين يعتدون على الضعفاء، لكنني لم أكن أضرب أي فقير، ولا أدع الآخرين يضربون فقراء القرية أو خارجها، كُنت أقف معهم دائما.

وأذكر أنه كان هناك قتال بين مريس والشعيب، وقد قام أناس من قبيلتنا بنهب أغنام من مريس، وجاءوا بها مع الراعي إلى القرية، فذهبت مباشرة إلى الراعي وأخذته إلى بيتنا وعزمته، فقام بعض الأشخاص بضربي؛ لأن الراعي كان بنظرهم عدواً، أما أنا فقد كان هذا الطبع، وهو نصرة المظلوم، موجوداَ فيّ، ولم يتغيّر حتى اليوم.

كُنت أرى أن التعامل مع المساكين والفقراء أقرب لي، وكنت أتعاطف معهم؛ لأنني كنت أتعب، فأبي كان في بلد الاغتراب، وكنت لا أحصل على المبالغ اللازمة للمدرسة، وكان هؤلاء الناس يساعدونني رغم أنهم فقراء.

*كيف بدأت الأيام الأولى في المدرسة؟ كيف كان شعورك في تلك الأيام؟
- أولا، كُنا نذهب إلى المعلامة قبل الذهاب إلى المدرسة. وعندما كان الطفل يُنهي المعلامة ينظّم له حفل كبير. يعني أنك لا تدخل المدرسة إلا وأنت واعيا ومدركا لما حولك، وفي ذلك اليوم يحصل لك استقبال كبير، وأنت بالطبع تأتي وقد قرأت كثيراً في بيتك، ومدرسة تعلّم القرآن كانت في "السيلة"، أي في الوادي.

أهم يوم في حياة الصغير هو يوم تخرجه من المعلامة، أي عندما يختم القرآن، كان هذا يوم عيد بالنسبة للأطفال وحتى لأسرهم، وفي المعلامة كانت تحصل أشياء عجيبة. فعندما كان يأتي أحد الأشخاص المغتربين كُنا نذهب بعده نجري ونغنّي له أناشيد ليعطينا نقوداً ثم نذهب بها إلى الفقيه حتى نحصل على إجازة، وكان إذا لم يتم ذلك نتحصّل على ضرب، وقد كُنت أنجح في هذا؛ لأنني كنت أعرف بعض المغتربين، لكن في بعض الأحيان كُنت أسبب لنفسي الأذى، لأنني كنت أرجمهم بالحجارة عندما لا يعطونني شيئاً، لهذا كُنت أُضرب منهم ومن الفقيه.

محمد غالب مع الزميل صادق ناشر
بيئة الشعيب
*ما الذي كان يميّز بيئة الشعيب في تلك الفترة، سواء من حيث العلاقات مع الأصدقاء والناس بشكل عام أم من خلال الألعاب التي كُنتم تمارسونها وأنتم صغار؟
-ما كان يميّز منطقتنا أنها كانت مشهورة بأنها منطقة شُعراء. فقريتنا هي الأولى في عدد الشعراء حتى اليوم. تجد الناس يقولون الشعر في الأعياد والأعراس وفي المنتديات التي يلتقون فيها. الأطفال الذّكور والإناث، النساء والرجال يقولون الشعر. يعني البيئة بيئة شعرية، حتى ونحن صغار عندما كان كل واحد يهجو الآخر يهجوه بالشعر، وتعودنا على هذا.

كُنا نتبارى فيمن سيصمد أمام المطر والسيول بما فيها تلك التي تأتي من المناطق الشمالية، والتي كانت تصب في وادينا، الذي يمتد حتى وادي بنا، الواقع بين جُبن والشعيب. كما كنا نلعب بالأحجار، وبالعتل حق الأرض، ونعمل مباريات فيها. كُنا نرتّب مباريات في الجري وفي الرماية، ومباريات في حرث الأرض وسقي الأرض بالماء، هذه هي كانت المسابقات حقنا.

كانت حياة القرية، رغم صعوبتها، جميلة ووديعة ونظيفة جدا، وفي المدرسة الابتدائية كانت نفس الحكاية، أذكر أنه كان يعطى لكل منا في الشهر كيلو حبً، وكنا نروح نبيعها ونشتري بها بعض الأشياء الضرورية للوالدة، وكنت أسير من المدرسة إلى القرية قرابة ساعتين، كنت اشتري حلاوة "مضروب"، ولا زالت أمي تذكر ذلك حتى اليوم، كنت أقوم بربطه في طرف الكيس الذي أنام عليه، فعندما أمشي قليلاً أجوع فأقوم بأكل جزء منه، وكلما جعت أكلت قليلاً، وبالتالي يصغر شيئاً فشيئاً، وكنت كلما صغر قرص الحلاوة المضروب أقوم بمطه، ولا أصل إلى عند الوالدة إلا وهو وسخ وصغير الحجم. فذات مرة أخذت قرص الحلاوة المتّسخ والممطوط وطرحته في وجهي مثل ما يطرح الكدم في "الموفا"، وقالت لي أأكله هو ووسخه، وهذه الحادثة لا زلت أتذّكرها ولم أنسها في حياتي.

*كيف كان تعلّقك بالأرض؟
-كنت اشتغل في الأرض؛ لأن أمّي كانت تمرض ولم يكن لدينا من عمل في الإجازة سوى حرث الأرض، والاعتناء بالبقرة التي كانت تعطي لنا الحليب والسمن، لهذا كنت حريصاً على كل ذرّة من الأرض، لكنني كنت كريماً أيضا، وكنت أعطي للناس قدر ما أستطيع، طبعا لم نكن أغنياء، ولكن كان هناك من هم أقلّ منا فقراً، لهذا كنت أعطي لهم قدر الاستطاعة، كنت أحب الأرض ولا زلت أحبها حتى الآن، وعندما أذهب في الإجازات أذهب للعمل في الأرض.

والجميع يعلم في الشعيب أن جدّ أسرتنا واسمه مقبل عبد الرحمن السقلدي كان لديه 360 جربة و360 شجرة عِلب، أي على عدد أيام السنة، لكنه أوقف غالبيتها للأولياء، واسمه "حلاب الحديد"، و"غثيم الدقن"، وكان كريماً ومتديناً، لكنه -رحمه الله- أبقانا نعيش على قطع قليلة من الأراضي، والبقية أصبحت وقفاً كما ذكرت، وهذا فقط للذِّكرى.

*ما كانت طبيعة عملك في الأرض؛ هل الاعتناء بها أم بفلاحتها؟
-اشتغلت في الفلاحة، أو ما يعرف ب"الحجن"، للأعشاب والشجر، وكنت فناناً في هذا العمل وسريع الحركة.

*متى كان الوقت المفضّل لديك؟
-يوما الخميس والجمعة، عندما كُنت في المدرسة، وفي الإجازة كلها كُنت أتفرّغ للعمل في فلاحة الأرض وزراعتها.

*يعني كنتم تستيقظون فجرا؟
-نعم، كُنا نصحو فجراً، وكانت أمي تخاف عليً كثيرا، خاصة عندما كان يهطل المطر بقوّة، فكانت تجهش بالبكاء خوفاً عليّ؛ لأنها كانت حريصة كثيراً على حياتي، وأنا كنت حريصاً على أن اشتغل وأتعب.

*هل كنت تعمل في أرضكم فقط أم في أماكن أخرى؟
-كُنا نشتغل في أرضنا وفي أرض أصدقائنا، أي كُنا نتبادل العمل كلٌ في مكان الآخر، كنت أذهب للعمل في أرض أصدقائي، وهم يأتون للعمل في أرضنا.

مظاهر الظلم
*واقع الحياة في وجود الاستعمار كان قاسياً، هل كانت هناك مظاهر ظلم معين تتذكرها حتى الآن؟
-في الشعيب لم تكن هذه المظاهر موجودة بشكل قوي، لكن هذه المظالم كانت موجودة بعد اندلاع الثورة في الجنوب، فقد كان أشبه بالعقاب ضد الناس، خاصة وأن الشعيب كانت جزءاً من الثورة. وأنا أريد أن أؤكد على شيء هام هنا وهو أنه لم يكن مُمكنا لوجود ثورة في الجنوب دون أن تكون لها خلفية في الشمال، يعني عندما بدأ صالح مصلح قاسم الثورة في الشعيب هرب إلى مريس واحتضنه الشيخ السقلدي، ابن عمنا، وعندما طلب منه الاستعمار أن يسلّمه لهم وأن يعيدوا له أملاكه في الجنوب رفض وقال هذا رجل مناضل ضد الاستعمار.

ولقد رأينا هذا القهر في زنجبار بأبين، رأينا كيف كانوا يمارسون القسوة مع الناس، كان الانجليز والسلاطين يرتكبون القسوة والقهر والطبقية، فقد كان الفلاحون والصيادون مذلين بشكل غير عادي، وهذه مناظر رأيتها بنفسي.

*أين أنت من بين إخوتك؟
-أنا الأول من بين إخوتي.

*هل فرض عليك هذا مسؤوليات إضافية؟
-نعم، وهذا هو السبب الذي جعلني أخرج من الثانوية من أجل العمل لإعالة أسرتي وأنا صغير.

*كيف كانت علاقتك مع والدتك؟
-علاقتي مع أمي لا زالت إلى الآن كما كانت، وأنا صغير، فهي شاعرة ومناضلة، ومعروفة في الوسط الاجتماعي، وفي التنظيم السرِّي للمرأة أثناء الكفاح المسلّح، وقلّدت ميدالية مناضلي حرب التحرير.

*أين أكملت الابتدائية، هل في مريس أم في منطقة الشعيب؟
-الابتدائية كانت في الشعيب.

*هل تتذكر أول يوم للدارسة؟
-في أول يوم للدارسة كانوا يعملون لنا احتفالاً خاصاً للطلبة الذين يختمون القرآن الكريم، وكان أستاذنا محمد الحبيشي هو معلّمنا وهو مربِّي الناس في الشعيب كلهم، وأخوه كان الفقيه في القرية، هم من منطقة دمت وهربوا إلى الشعيب وتزوّج من عمّتي، أخت والدي، المهم أنهم كانوا يعملون لنا احتفالاً خاصاً لأننا كنا نأتي ومعنا لوْحٌ يسمونه "البشارة"، يعملون لنا احتفالاً خاصاً فيه أناشيد وأغانٍ وغذاء.

*هل تتذكر شيئاً من هذه الأناشيد؟
-لا أتذكرها، لكن الذي كُنا نأتي به هو حفظنا للقرآن الكريم، يعني كان سلاحنا هو حفظ القرآن.

*هل كانت المدرسة في مكان قريب أم كانت بعيدة؟
-المدرسة بناها البريطانيون، ولا زالت البناية موجودة حتى اليوم، وكان فيها مدرسون أكفاء، ومن الطراز الأول، وهذه حقيقة، فقد تخرّج على أيديهم الكثير من القادة من منطقة الشعيب كلها.

*هل تتذكر بعض المدرسين الذين درّسوك في تلك الفترة؟
-الأستاذ محمد الحبيشي، الأستاذ محسن عبيد محسن -رحمهما الله-، الأستاذ عبد القادر صالح، ما زال حياً يُرزق، وهؤلاء كانوا من المدرّسين الأساسيين الذين علّمونا في تلك الفترة.

*في كم مُدة أنهيت مرحلة الابتدائية؟
-أنهيتها في أربع سنوات، ثم انتقلت إلى المتوسطة في زنجبار.

المُغادرة إلى زنجبار
*غادرت الشعيب إلى زنجبار، فكيف كانت لحظات الفراق مع الأهل والأصدقاء؟
-هذه مسألة لم استوعبها في تلك الفترة؛ لأننا كنا نسير سيراً من الشعيب إلى وادي خلّة، وهناك تركب سيارة "بدفورد"؛ فقد كُنا نعيش حالة صعبة منذ أن يتم أخذنا إلى حين وصولنا، كُنا في حالة استفراغ دائم، لهذا لم نكن نعرف ما الذي حصل في الرحلة، كانت الرحلة متعبة، أولاً كنا نمر بعدّة نقاط، كانت هناك نقطة في مشيخة المفلحي، وفي إمارة الضالع نقطة عسكرية للدولة هناك، ثم القطيبي شرق الحبيلين، ثم العلوي في ردفان، ثم الحوشبي، ثم سلطنة لحج، هذه كانت دول كل واحدة منها لها جيشها وعلمها وحدودها وكل شيء، وكان السائق يدفع لهم جميعاً ضرائب.

*كم ساعة استغرقتها الرحلة من الشعيب إلى زنجبار؟
-هناك حوالي 10 ساعات في الطريق من الشعيب إلى لحج فقط، ومن ثم كنا نسافر برا نحو ساعة من لحج إلى عدن، ثم من عدن إلى زنجبار حوالي ساعتين على الساحل، أي أن الطريق كان على البحر وكان بسيارة أجرة.

*هل كانت هذه المرة الأولى التي تتعرّف فيها على السيارة في ذلك اليوم، أم أنه كانت معك معرفة سابقة بها؟
-كانت أول مرة اطلع فيها سيارة من الشعيب إلى لحج.

مع الشهيد قاسم الزومحي أحد قادة ثورة الرابع عشر من أكتوبر
*كانت زنجبار محطة استثنائية في حياتك، كيف بدأت تتكيِّف معها؛ باعتبار أنها منطقة غير منطقتك؟
-كُنا مجموعة من الشعيب ومن الضالع ومن المناطق الأخرى، وقد كانت مرحلة رئيسية في حياتي؛ لأنها ربطتني بالناس، فقد كان الطلاب يأتون من مناطق في أبين وشبوة ومن يافع العليا والسفلى، أما الطلاب في لحج فقد كانوا يذهبون إلى الدراسة في منطقة الوهط والحوطة؛ فقد كانت الضالع إمارة والشعيب مشيخة، ولذلك لم تتنازلا لإرسال أبنائهما للدراسة في الوهط، كان فيها جانب سيكولوجي.

أستطيع القول -كما سمعت- إن مدرسة زنجبار خلقت عدداً من قيادات ثورة ال14 من أكتوبر، من بينهم: الرئيس سالم ربيِّع علي، إلى بقية المناضلين مثل ناصر صداح والعطروش، بمعنى أن في هذه المدرسة كانت هناك خليّة نحل تخرج منها القادة والمناضلون الأوائل، ومنهم القادة الجُدد الذين تبوأوا أعلى مناصب في قيادة الحزب الاشتراكي اليمني، وفي الجبهة القومية وفي جبهة التحرير.

محمد غالب .. سيرة ذاتية
-محمد غالب أحمد السقلدي.
-من مواليد 14/10/ 1949 قرية بخال، مديرية الشعيب بمحافظة الضالع.
-المهنة الحالية: عضو المكتب السياسي، رئيس دائرة العلاقات الخارجية للحزب الاشتراكي اليمني.
- المستوى الدراسي: ثانوية ودراسة عُليا في موسكو (دبلوم).
- انضم إلى الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل عام 1965، وشارك في المقاومة ضد الاستعمار البريطاني، وتعرّض للاعتقال عدّة مرات في سجون زنجبار- البحرية- صلاح الدِّين - سجن الصحراء.
- 1968: مدرساً في منطقة الشعيب.
- 69 - 71 - 72: السكرتير الثاني الحزبي في محافظة لحج، مسؤولاً حزبياً عن ردفان.
- 72-74: سكرتير أول (قنصل) في سفارة اليمن الديمقراطية وسكرتير أول منظمة الحزب ببريطانيا (لندن).
- 74-77: مديرا لدائرة المغتربين والشؤون القنصلية.
- 77-78: مستشار وقنصل في سفارة اليمن الديمقراطية – السعودية.
- 78-79: مديرا لدائرة المغتربين والشؤون القنصلية – عدن.
- 79-81: قائم بأعمال السفارة – السعودية.
- 81-83: نائباً لوزير الخارجية لشؤون المغتربين - عدن.
- 83-84: نائباً لوزير الثقافة والسياحة – عدن.
- 84-86: نائبا لوزير الدولة لشؤون الرياضة – عدن.
- 86-90: رئيسا للمجلس الأعلى للرياضة (وزير) – عدن.
- 87 – مايو: 90 انتخب عضوا في مجلس الشعب الأعلى عن دائرة يافع.
- فبراير 1990: انتخب رئيسا للجنة الاولمبية الموحّدة لعموم اليمن – عدن.
- مايو 90 – إبريل 93: عضوا في مجلس النواب اليمني (الموحّد)- صنعاء.
- مايو 90 – 93: نائبا لوزير الشباب والرياضة – صنعاء.
- إبريل 93 – إبريل 97: أعيد انتخابه عضوا في مجلس النواب وحصل على المرتبة الأولى على مستوى اليمن (دائرة 82 الشعيب – الحصين – يسري).
- 74 – 94: عضو منظمة قاعدية، حيث انتخب في ستمر 94 لأول مرّة عضوا في اللجنة المركزية والمكتب السياسي للحزب الاشتراكي، وأُعيد انتخابه في المؤتمر الرابع عام 2000 والمؤتمر الخامس 2005.
- 98-2000: انتخب رئيسا لدائرة المنظّمات الجماهيرية.
- 2002-2005: انتخب رئيسا للدّائرة الحزبية والتنظيمية.
- 2005: انتخب رئيسا لدائرة العلاقات الخارجية.
- منذ 2004: عضوا في المؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الإسلامي.
- حاصل على ميدالية مناضلي حرب التحرير ووسام 22 يونيو ووسام الاستقلال (30 نوفمبر).
- متزوج ولديه 2 من الأبناء و3 بنات: ذو يزن، صنعاء، أديس، لبوزة، ذكرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.