هل سمعت يا قارئي عن شجرة، جميع فروعها مرتفعة للأعلى ، حاملة على أطرافها القمر؟ لم تسمع طبعا ! ولا أنا سمعت حتى شاهدتها في مخيلتي. فروعها العشرة هي اصابعنا نحن اليمنيين جميعا ، نحمل قمر كتبنا في وسطه " اليمن". أغمض عينيك يا قارئي... ما عاد شيء مجاني إلا الخيال في زمن البيع والشرر. شجرة لها عشرة فروع، تنمو للأعلى. تحمل على أطرافها المتفاوتة الطول، بدر مكتمل مضيء. أما الفروع الجانبية القصيرة المتفرعة من الفروع العشرة، فكانت تبرق عند أطرافها نجوم. كانت النجوم هي الثمر. هل تجد لشجرتنا مثيل بين الشجر؟ هكذا أختار لنا الله شجرتنا مثلما أختار للجميل أن يكون جميل، الغني أن يكون غني ، الموفور الصحة أن يكون موفور الصحة الله يوزع رزقه كيفما يشاء. كنا نثق أن الله يحبنا، نحن نحبه أيضا. كيف لا وقد ميزنا دون العالمين بشجرة قمر. لكن للأسف هذا هو السبب لكراهية كل الشجر من حولنا لنا ،طمعهن بنا كنا لا نلومهن أشجارهم إجاص، برتقال، تفاح، توت....موز ونحن شجرتنا قمر. قمر! لا ندر نحن اليمنيين لماذا نعيش هذه الحياة التعيسة بالرغم من أن شجرتنا قمر، كالبؤساء نلجأ لديار الغير، نبحث عن المال... نقتفي الأثر! بينما الأخرين يعيشون حياة أفضل منا بكثير، كلها بناء، يستثمرون العلم ويجلون الانسان نحن لدينا القمر وهم لديهم فواكه لكن حياتهم أرقى من حياتنا. كانوا سعداء، ناجحين، ومزدهرين أما نحن فكنا ليلا نبكي. لا ندرك لظلم حكامنا لنا سبب وجيه، لكنا كنا نثق إنا في يوما ما سننتصر كنا نتأمل بتفكير، الأشجار الأخرى، أشجار سفرجل، موز، تين،جوافة... لكن يحييون حياة راقية متحضرة رائعة، يوظفون العلم والحرية فتصبح أحاديثهم قصائد و أعمالهم درر. كانوا أحرار، موهوبين، أقوياء، نشيطين، شجعان، أذكياء...كانوا سعداء. أما نحن ففي الليالي السوداء الممطرة كان يغلبنا ليلا البكاء.كنا نبكي من فرط ما نعانيه من حرمان، تنكيل، وجوع كنا نعلم جيدا أن الحاكم لا ينجح في أن يكون حاكم جائر إلا وأيادي من بيننا قد استعمالها إليه عميلة. كذلك فعل جارنا. الشجرة الملاصقة لشجرتنا. أروينا شجرته هذا الجاحد، بنينا بلاده، شقينا وعرقنا لنبني بلاده وهو يشخر. وجاء سموه اليوم يرد الجميل قصف، قتل ودمار! أستغل المساكين فحول قرابة نصف الشعب إلى عميل.اشهد يا رب على ما في قلوبنا. كنا نكن له الاخوة، الحب والسلام وهو لا ندر لما ، الحقد لنا ضمر! لا نعلم سبب، لكن ربما لأن شجرتنا قمر. طيب هذه منة الله ، هل ستعترضون على المنن؟ نحن اليمنيين المثقفين الواعيين المستنيرين نشكل نسبة "أقلية" من الشعب ، كذلك نحن ضعفاء، ُرقينا جعلنا ُعزل، الراقي لا يحمل سلاح! بينما الأغلبية الساحقة مسلحة لذا هي قوية، لكن بقر! هي المعادلة هكذا غير عادلة البتة لكن ماذا نفعل إذا حكم القدر؟ حاكمنا منعنا مؤخرا من حمل القمر. قال رفع القمر سيقتصر على أصابعه وأصابع أسرته. "طيب ماذا عنا؟طيب و نحن؟" سألناه. أجاب:-" عيشوا على الأرض." أمرنا أن اتخذوا من التراب وطنا ومستقر. أما هو فكان يسبح في ضوء القمر،يستجم تحت نورها ويطرز فساتين نساءه بالنجوم. يا للظلم، يا للفساد المزدهر! نحرجه بالحاحنا على السؤال:-" طيب و نحن؟" أجاب:-" ازرعوا لكم في الأرض حبوب. كلوا خبز. ثم غمسوا الخبز بالمطر " كنا حزانى...كيف لا والظلم نصل سكين في صدورنا مغروس... شعور الانتماء للوطن،لا تسألنا عنه! طلقناه بالثلاث،أندثر،أندثر، أندثر! صار اليمن ملكهم، فعلام نفتخر؟ ليلا كنا نجلس في دائرة نتجاذب أطراف الحديث. زادنا يقتصر على ما يرموه لنا من فتات الناس الساكنين أعلى الشجرة ، الحاملي يا لسعادتهم القمر يلقون الينا بفتات و ِكسر... يطحنها محرك القهر داخل أرواحنا فتشتعل جمر مستعر نرفع أعناقنا إلى الأعلى، نرى صغاره يتمرجحون على الهلال. نحن نتلمس بأصابعنا الوجع، كلما التئم جرح ، تسبب الظلم بجرح جديد بصخره المسنون المنهمر! كان لزاما علينا أن نخلق لنا حياة ولو فوق التراب. ليس الباب هوذاك المفتوح، بل الباب هو الذي نفتحه نحن. ولو على التراب,ولو في القاع. حفرنا الأرض سواقي، لكي نزرعها. نقوم الصبح لنجدها قد ردمت! نبني بيت يأوينا والصبح تتهاوى أطلاله على رؤوسنا وتغطينا. كنا نجلس في دائرة ويتألق أحد شبابنا بالأفكار، يحكي لنا كيف سنتسلق القمر، كيف سأستلقي على القمر كيف سنستحم بالنور و نتنشف بنسائمه. نصحو الصبح وقد أصبح الشاب جثة هامدة. دفعها عالية ضريبة الِفكر.كيف نعمل يا ناس؟ نريد أن نعيش. فضلا إترك لنا! لماذا يفعل بنا حكامنا كل هذا... هل يخافون أن نبني جبل فنتسلق الشجرة و نأخذ منها القمر؟ للعلم.... نحن لن نسرق القمر بل هو الذي سيجري حافيا ليرتمي في احضاننا ، ما أن يرانا. أم هم يخافون أن نصلهم فنأكل من أكبادهم؟ لا ندر ما عقدتهم معنا، لكن نثق أن الله معنا و أنا بإذن الله سننتصر في تلك الليلة ونحن نيام، سمعت إحتكاك قدم فوق جذع الشجرة استرقت النظر كان أحد شبابنا يحاول تسلق الشجرة للوصول للقمر دق قلبي خوفا عليه. سيقتلونك يا بني، ألا تخاف على هذا العمر؟ وضع سبابته فوق شفتيه أن أصمت.لكني سمعت في عيناه إجابته:-" ومن يضحي من أجل القمر إذا أرخصناه و رفعنا سعر العمر، أما هكذا فبئس العمر!؟" صمت أرتعد كان نبض قلبي قد أنتقل لركبتي لم أكن أسمع إلا أنفاسه و أنفاسي. اغلقت اذناي صباحا طلع الضوء قمت فوجدت الشاب ملقى على الأرض بدمائه رسم شكل القمر انه شهيد القمر سنظل هكذا جندي مجهول محلك سر. حتى يكتب الله لشاب أن يصل لجدائل القمر. عبر الأثير أرسل إليكِ قبلاتي يا شجرة القمر سوف نطبع قبلة على خدك يوما ما... ربما قريبا ربما بعد مرور الدهر...ربما بعد أن يضعف النظر و يشيب الشعر، لا أدري. كل ما أعرفه أنني أحبك جدا يا قمر أسميته اليم 2020-08-12