أكتب هذه الحلقة في أخي وأستاذي وصديقي ناجي أحمد محسن بينما هو مرقد في العناية المركزة في مستشفى الجمهورية في غيبوبة تامة عن الوعي بحيث لا نملك أن نصنع له شيئا غير الدعاء. إنه ليحزنني يا صديقي ألا تقرأ ما أكتبه فيك الآن وقد كنت حفيا بما اكتب سواء كان فيك او في اي موضوع آخر . وكان يسرني سرورك بما كتبت فيك من حلقات سابقة وطموحك أن تقرأ كتابا كتب في انجازاتك التربوية والتعليمية إلى جانب زملاء العمل التربوي في حالمين من إدارات مدرسية ومعلمين والجهات الحكومية الأخرى ذات العلاقة. واني أرجو من الله أن تقرأ هذا وتقرأ كتابا انجز فيك كما كنت تريد وترجو. نسأل المولى تعالى ذي الجلال والإكرام أن يضخ الحياة في بدنك ويخرجك من غيبوبتك وينجيك من حالك المؤلم إنه لطيف رحيم. سوف أذكر في هذه الحلقة بعض المواقف المشرقة والمشرفة في سيرة الاستاذ ناجي أحمد محسن عافاه الله ، اي الموافق التربوية والتعليمية . 1.من هذه المواقف ان بعض طلاب الثانوية اليتامى حينما كانو يطردون من المدرسة لاي سبب- وكثيرا ما يأتي اليتيم شقيا كأن ذلك ابتلاء للمجتمع ، حتى أن هناك مثلا في حالمين يقول ( إذا وجدت اليتيم داخل زربة لا تخرجه ولا تروح من عنده ) وهذا مثل عجيب يحث على التعامل الحذر مع اليتيم- بعض هؤلاء الطلاب في حالة طردهم وطلب المدرسة منهم أن يحضروا ولاة بحكم فإنهم يجدون صعوبة في تلبية ذلك لأن اباءهم قد ماتوا واقرباءهم قد يقسون عليهم او انهم بعيدون عنهم . بعض هؤلاء يتوجهون إلى الاستاذ ناجي احمد مدير مكتب التعليم في المديرية لا ليشكوا إليه مما جرى لهم، ولكن ليشفع لهم وليقوم مقام ولي امرهم فيلتزم عليهم، فكان يقبل مثل هذه الطلبات رحمة بهم ووفاء مع آبائهم خاصة إنه كان يعرف هؤلاء الآباء الذين رحلوا ، فيذهب إلى إدارة الثانوية ويلتزم عليهم بالا يكرروا مثل هذه الاخطاء التي وقعوا فيها ولا نراه يصدر توجيهات من مكتبه ويلزم إدارة المدرسة ان تعيد الطالب فلانا او تقبل الطالب فلانا او تتجاوز عن خطأه، ولكنه يذهب بنفسه كولي امر ويلتزم عمن لا آباء لهم وهذا تواضع جم ورحمة ووفاء . وهؤلاء الطلاب كذلك يقدرون هذا الأمر ويحرصون الا يكرروأ الخطأ مادام مدير التربية نفسه قد التزم عليهم حتى لا يعرضوه للحرج أمام إدارة المدرسة ويخلفوا وعدهم وعهدهم له ، لأنه قد أخذ منهم وعدا وعهدا غير مكتوبين كتصرف تربوي أخلاقي. 2.حينما كان مشرفا على محو الأمية وتعليم الكبار 1975م تم فتح 455 مركزا في جميع قرى حالمين ، مراكز للرجال ومراكز للنساء وحصل المركز الرابع حالمين على المرتبة الأولى خلال عامي (75-76 ) و (76_77) في نجاح عملية محو الأمية وتعليم الكبار على مستوى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وقد كانت هذه العملية تجري في أرياف الجنوب عامة بشكل رئيسي. 3 - في شهر مارس 1978م استلم ادراة التربية والتعليم في المركز بعد أن تلقى دورة تربوية لمده 6 اشهر عام 1977م وكان في مركز حالمين في ذلك العام 19 مدرسة ابتدائية وإعدادية واحدة فقط ، وكانت المشكلة التى تواجه عملية التعليم في المركز هي نقص المدرسين واعتماد المنطقة على المعلمين من خارج حالمين وفي عام 1979م ذهب الاستاذ ناجي أحمد بنفسه إلى ثانوية البروليتاريا في لحج التي كانت تقع مكان معسكر اللواء الخامس حاليا، واستطاع أن يقنع عددا من طلاب حالمين هناك بأن يلتحقوا في سلك التدريس في حالمين . وفي العام الدراسي 1981م 1982م جرى الاكتفاء الذاتي من المعلمين من داخل المنطقة نفسها، وشهدت بذلك وزارة التربية والتعليم في عدن من خلال ندوة علمية بأن حالمين اكتفت بالمعلمين من أبنائها . 4 - من الظواهر التي ارتبطت بعملية التربية والتعليم في ظل إدارة الاستاذ ناجي احمد محسن الطويلة أن مكتب التربية والتعليم في ردفان المديرية الشرقية سابقا ومكتب التربية والتعليم في لحج المحافظة الثانية سابقا كانوا يشهدون ويقرون بأن إدارة التربية والتعليم في حالمين لم تحول إليهم اي مشكلة غير الاحتياجات والطلبات الضرورية اي لم تكن هناك قضايا بين المدرسين او بين الإشراف والإدارات المدرسية او بين الطلاب، او بين إدارات المدارس وأولياء الأمور وغيرها من القضايا التي كانت ترفع اليهم من قبل المناطق الاخرى ، وسبب ذلك ان مثل هذه القضايا في حالمين كانت تحل داخليا في إطار المدارس او من خلال مكتب التربية والتعليم في حالمين بالتنسيق مع الجهات الاخرى. وهذه ظاهرة ممتازة ينبغي الحفاظ عليها . 5- مع بداية الالفية الثالثة بعد ان أصبحت حالمين مديرية توسعت ادارة التربية والتعليم في حالمين فتم تاسيس فريق التوجيه الفني وفريق الرقابة وغيرهما وبدأ الاهتمام أكثر بالطلاب المتفوقين على مستوى مدارس المديرية فكان يتم رصدهم وتحويلهم إلى عاصمة المديرية ليدرسوا في ثانوية حالمين النموذحية المسماه الآن بثانوية الفقيد الاستاذ سعيد صالح قاسم الدباني رحمه الله، للاهتمام بهم وقد كان لهذه العملية نتائج طيبة ومبهرة وكان العديد منهم يحصلون على المراتب الأولى على مستوى المحافظة ، وكان منهم من شارك ضمن العشرة الاوائل في الجمهورية وحصل عدد منهم على منح للخارج من ضمن حصة المحافظة حيث حصلت مديرية حالمين على اكثر هذه المنح بالحق والعدل وبجدارة واضحة، كذلك تمكن الكثير من اولئك المتميزين من الالتحاق بكليات الطب في جامعة عدن وفي غيرها فليست المسالة مسالة درجات عالية في الثانوية فحسب ولكن كانت هناك جودة في التعليم ، لأنهم واجهوا امتحانات قبول في كليات الطب المختلفة وفي كلية الهندسة وغيرها. طبعا كل هذا تحقق بجهود كبيرة من الإشراف ومن إدارة الثانوية في حبيل الريدة وسائر الثانويات في حالمين . مرة أخرى نبتهل لله تعالى أن يشفي أستاذنا الفاضل ناجي أحمد محسن.