منذ الأزل القديم أجتمعوا ، وعلى طاولة من خشب الغرقد جلسوا ، كل قادة صناع القرار أتفقوا ، على أن يخترعوا و يبرمجوا لعبة سياسية جديدة ، أسموها الشرق الأوسط الجديد ، ليغيروا ملامح العروبة ، و إن أمكنهم طمسها ، و دمجوا في اللعبة نغمة الربيع العربي ، ليحمسوا اللأعبين ليوقدوا لهيب القضاء على أبدية حكم حكامنا ، و بأسم الديمقراطية أغرونا ، بأننا سنحقق سعادتنا و مستقبلنا وأحلامنا الوردية ، فنفذنا لهم مخططهم الذي خطط ضدنا ، وأعتقدنا بأننا ننسج ميزان المساواة والعدالة، ولكن بأصابعنا نسجنا أكفاننا ، وبسواعدنا حملنا جنائزنا ، فلم تستقر أرض الشام ولا أرض دول المغرب أستقامت ، وأرض السودان ومصر مازالتا تتأرجحان ، وليبيا تركت جثة تنهشها الضباع ، وأرض العراق لم تضمد نزيف جروحها ، و اليمن أنعشوا قلبها بالطائفية والمناطقية ، وأرض الخليج حان شتاتها ، فأي ربيع عربي هذا ، وأي ديمقراطية كحلوا أعيوننا بها ، فلا زينوا أعيوننا و لا تركوها ترى .. متى يأهل العرب ستتغيروا ؟! رغم علمكم بحيلهم ، ومن سباتكم العميق تستفيقوا ؟! فأسلافنا بالأمس ، خلقوا نجوم العلم ، ونصبوها ركائز لتقف عليها سماء التطور العلمي و المعرفي ، و فرضوا على العجم أن يتلمذوا في مدارس أسلافنا ، ويشحتوا العلم من علماؤنا ، فأبن نفيس الدمشقي هو أول من أكتشف الدورة الدموية الصغرى ، وأبن الهيثم البصري هو أول من شرح العين تشريحاً كاملاً ووضح وظائف أعضائها ، وأبن سيناء وأبن ... الخ ، فمن المؤسف أن أحفاد التلاميذ يتحكموا بأعناق أحفاد العلماء المدرسين ، ليوجهونا كيفما يشاؤون ، ومن المؤسف المبكي ، أن يوجهوننا ضد بعضنا البعض .... فأسلافنا اليوم عمروا المختبرات على أراضينا للعجم الذين جهزوها بأحدث المعدات ، ليختبروا كل ماهو جديد وحديث من التكنولوجيا ( التي أخذوا أساسياتها من علماؤنا ) و يمارسوا سياستهم على أرواحنا ، فالثروات العربية تستخدم لسدد دين حرب العجم على العرب ، وبقية الثروات التي نجهلها أو نعلمها ، وهم يعلموها ، أستخدموا لها بارود اسلحتهم ، ممزوج بمحاليل دماؤنا ، وصنعوا طبقة أسمنتية سياسية التي سقوا بها تربتنا ، لتصليب ذرات رمالها ، لنعجز عن أستنباط كنوزها ، وتترك عذراء إلى حين توافيهم النية ، فيذيبوا طبقتهم الأسمنتية ، ليلامسوا حرير أجساد ثرواتنا ، فينتقوا لنا الحرير البخص ، فيفصلوا ويطرزوا وينسجوا ، على ما يشتهوا ، مقاسات ملابس زادنا و زاد أبناؤنا ، و يبيعوها لنا ، علماً بأنهم أنتقوا أنقىء و أجود و أغلى الحرير لأولادهم ، وكأن أولادهم أجيال أرضنا ، وأولادنا ضيوف عندهم وعلى أرضنا ، وأنهم الأحق بثرواتنا من أجيالنا ... وما يقهرك ، أن العجم يستخدموا بعضنا لقهر بعض ، حيث يتأمر العربي مع الأعجمي لأضعاف أخاه العربي ، وما يزيد القهر ألماً ، أن العرب ينفذوا مخطط العجم على الأمة العربية لكسب رضاهم ، ولم ينسى العرب ولكن يحاولوا أن يتناسوا بأن من كان بالأمس قاهراً ، فغداً سيكون مقهوراً ، و من لم يأتي دوره من العرب ، فغداً حتماً الدور دوره ... فالعجم ورغم أختلاف لغتهم ودينهم ولكنهم يتحدوا على غنائم العرب ، والعرب ورغم أن لغتهم ودينهم بل واصلهم واحد، ولكنهم مشتتين بعد ماتساقطوا واحداً تلو الأخر كخرزات المسبحة التي أنتزع المقص ( سياسة العجم ) الخصال الروحية من غيرة وثقة وعروبة ونخوة وأخرها الدين التي غرست في خيط المسبحة ، ليضعف الخيط ويسهل قطعة ، حيث أنه من السهل أن تجد الخرزات و الخيط ، و لكن من الصعب أن تجد الخصال التي كانت مرصعة على ذلك الخيط ، و التي تم غرسها في قلوبنا بالفطرة والتي ستعجز بل ستكسر أي مقص يرغب في مداعبة شتاتنا ... فماذا بعد ياعرب ؟! ومتى سنحافظ حتى على قطرة واحدة فقط من ماء وجوهنا ؟! وماذا سنورث لأحفادنا ؟؟؟!!! فلقد ورثنا الغيرة والعزة والنخوة والعروبة والأخوة التي رحلت مع مهب رياح الخضوع والأنذلال لإرضاء العجم ، فلم يعد أنين القدس يبكينا ، ولا نزوح سوريا يحزننا ، ولا دماء العراق يؤلمنا ، ولا صمت الخليج يغضبنا ، ولا فتن اليمن تقلقنا ، ولا شتات ليبيا يهمنا ، ولا مصائب مصر والسودان يشعل غيرتنا ، ولا المكائد التي تحاك على بقية الدول العربية من أختصاصنا ، ولا يهمنا أبن ( الجامعة العربية ) المجتمع الدولي الذي لا يبر اهلة بل يبر من صنعه ... فأي عروبة وأي دين وأي أخلاق وأي غيرة تملكها قلوبنا إن وجدت ...