لم يعد الأمر كافياً، أو مشبعاً، في الكتابة عن الرؤية الاشتراكية الحادة، اللا فوضوية، ذوية الإلهام الإنساني، والعمق التحرري والنضالي العميقين، فيما يرى البعض أن لايكفيها ماتلاقيه من النبذ، والشتائم، والاحتقار، لكونها، فقط، متجنبةً كل الشرور، في غايتها، ونضالها، ورؤيتها، تعمل من أجل الإنسان وكرامته، وتسمو لتحقيق حريته، ومحاولة إخراجه _حتى بعض الشيء _ إلى فضاءاتٍ واسعة من الحرية، والديمقراطية، من خلال اتصالها المباشر بالفكر الديمقراطي المتحرر، والنضال، رغم كل شرور المجتمع المحارب لها، واندفاعاته الشاهقة لتقليم أظافرها. ذلك، نكايةً، ببساطتها، في الحياة، والتعامل، ولكون الإنسان الكادح عندها يعلو على كل شيء، وعظمتها في بذل الجهود العارمة من أجل إنقاذه من عبثِ الرأسمالية، ورؤوس المال مبدأ عميق، لكن المجتمع الرجعي، والمتخلف، دوماً، تجده لايتنفس الحرية، ولا يجد طريقه إليها، لامن قريب، ولا من بعيد، ولا من فوقه، ولا من تحته. مجتمع يعيش تحت بيادة القمع، والذبح، والتسلُّط، يرزح باستمرار تحت وطأة الإهانات، ولا يخرج أبداً إلى أي حقل شاسع من الحريةِ، والإنسانية، والسلام. ولكنها، في مجتمعاتِ التطرف، والإرهاب، والتديُّن السياسي، ومصلحة الفرد الحاكم، والأُسر السلطوية، تعاني دوماً من الكراهية، والقمع المجتمعي، وتُواجَه بطريقةٍ انحرافية، وعشوائية، وبأفكارٍ حاقدة، فهذا يُكفِّرها، وهذا يبصق عليها، وذاك يتخذها وسيلة للنقد الساخر والهدَّام، يهاجمها الصغير، ويقذفها الكبير، ويرمونها جميعاً، ثم لاتزال أيضاً تواجه الخبث، والسوء، والاضطهاد من فِرَق العبث، هنا، وهناك. فالفكر النظيف، والمتحرر، دوماً مُحارب، مُعادى، ومنبوذ. لكنها، تظل وتبقى، ثابتةَ الجذور، لاتعقرها الكراهية لها أوتفقدها نضالها، وستمضي، كما هي، تُقدِّس الإنسان، وتحترم ذاته ووجوده، وتقاتل دوماً من أجله، وباستمرار، ولا تلبث أن تعمل على توضيح فكرة الحياة، وغايتها، دون أي مرض عنصري، أو طائفي، أو مذهبي مقيت. كلا، ولا تعمل من أجل القضية الشخصية، وتترك البقية هناك. إنها بطبيعتها، غايتها الإنسان، والكفاح من أجله سبيل.