محافظ محافظة عدن، الأستاذ أحمد حامد لملس، سلام عليكم، أتمنى أن تكون بصحة جيدة، مع دعائي لك بمساء وسيم يشب ملامحك، وخميس رايق مثلك وأنت تقود الرانجورفر يوم أمس... دونما قدمات رسمية أو جمل متكلفة، دعني أدخل في صلب الموضوع مباشرة، عزيزي لملس. أظنك تابعت النقاش المحتدم الذي جرى بخصوصك نهار اليوم الفائت، لعلك اطلعت على الجدل المثير الذي دار حول شخصك، ولربما ذهلت لحالة الفرز تلك التي جرت في الساحة الجنوبية بين من يدافع عن لون بشرتك وسيارتك ونظارتك الشمسية وبين آخرين يفتشون داخل فطورك عن خلفيتك الفكرية والحزبية. لاحظ سيادة المحافظ كم أننا تافهون لدرجة أن نتجاهل كل ما يحدث في البلد ونمضي نتجادل ليس حول عملك ووظيفتك أو مشاريعك التي سوف تنفذها ولا عن خططك المستقبلية لإدارة المحافظة، سيكون جيداً لو أن نقاشاتنا تمحورت حول هذا، غير أننا في الواقع ذهبنا نختصم بشدة ونكيل لبعضنا الشتائم واللعنات ونتخذ وضعية اصطفاف وطني بسبب شخصك وخلفيتك الايدلوجية وهندامك وقيادتك لسيارتك الرنانجروفر. التي بالمناسبة لم أبارك لك بها، مليون مبارك مؤخراً يا عم حامد وربنا يكرمك ويزيدك من فضله يا رب. لقد خضنا ناقشاً حاداً وكثيفاً تمركز حول طريقة تناولك للكبدة.... نحن فارغون إلى هذا الحد المحزن يا سيد أحمد. والفراغ كما تعلم يورث العطالة. غير أن عطالتنا هذه المرة بدت موحشة جداً وباعثة للعزاء، لدرجة أنها قادتنا إلى اشتباك لفظي استهدف كل الممنوعات، وما ندري لربما تحول في الأيام المقبلة إلى اشتباك مسلح، وكل ذلك من أجل سيارتك الفارهة، والكبدة التي اصطبحت بها صباح الأمس.. فلو أنك لم تتناولها لكنت فعلت معروفاً وارحتنا من معركة شرسة استنزافت طاقات الكثير منا.. حسناً، لندع هذا الآن سيادة المحافظ، فلا شيء يفيد، لا الندم ينفع ولا الكبدة تستطيع تغيير الواقع.
كبدتك يا حماده قسمت الناس إلى فريقين. فريق يتبنى فكرة الدفاع عن الكبدة على نحو هستيري، وآخر يرفضها كلياً ويناهضها بسخط عارم. الفريق المؤيد للكبدة، ينطلق من فكرة ثابتة تتمحور حول أنك حراكي أصيل وجنوبي من الدرجة الأولى. ووفقاً لهذه القاعدة يحصر الفريق كل أعمالك وتحركاتك وتصريحات التي تقوم بها ويجمعها داخل إطار وطني خالص، يراكمه لك بمرور السنين.. فبالتالي يعتقد هذا الفريق المناصر لك؛ أن كل ما تفعله نابع من حس وطني وبطولة جنوبية خالصة، هدفها الجنوب العربي واستعادة دولته.. حتى وأنت تستعرض بالرانجورفر في شوارع المدينة مرتدياً نظارتك الشمسية، كان يقسم اتباع هذا الفريق الذين من الواضح أنهم يحبوك أكثر من نفسك ويقدسوك على نحو غير طبيعي، لم تكن لتحلم أن تتحصل عليه حتى من المدام، أم أولادك نفسها.. يقسم هؤلاء على أن كل ما تفعله مهمة خارقة تستدعي الاعتداد والدهشة وتقربنا أكثر من الاستقلال. ولا أبالغ أن قلت لك أن أصحاب هذا الفريق المولهين بك وجدوا في الكبدة التي اصطبحتها تقشفاً اقتصادياً غير مسبوق، ونظام غذائي قاسي سيخسرك الكثير من وزنك ويفقدك وسامتك.. لذا فلا تستغرب لو أنهم بعثوا لك نصحوك في الأيام القادمة يقترحوا عليك بوضع بعض التعديلات الطارئة فيما يتعلق بنظامك الغذائي الحالي.
أما الفريق الآخر أو الثاني، فليس بينه وبين الأول أيما فرق، لا يتمتع بأي ميزة وليست له فرادة، ويحمل الصفة المرفة ذاتها التي يحملها الفرق الأول، ويتناول كل ما يخص شخصك وشخصيتك بتطرف يساوي تطرف الفريق الأول، ولكن في الاتجاه المعاكس.. ينظر لك هؤلاء، وأعني أتباع الفريق الثاني، على أنك شيطان رجيم مفرغ تماماً من أي قيمة جميلة، وليست لديه القدرة على فعل الخير.. يرونك شخص متدثر بالخطيئة والسوء يفتقر للحس الوطني والأخلاقي. يصورونك كرجل شر محض انتزعت من دماغه مناطق فعل الخير، فبالتالي يعتقدون أن كل ما يصدر عنك شر، وشر فقط.. أنت في نظرهم مؤتمري، والمؤتمر منصف لديهم مسبقاً على أنه كائن قذر فاقد للنزاهة والشرف، يتجاهلون الكثيرين من شرفاء هذا الحزب العريق ومن خلال الأشخاص السيئين في المؤتمر يعممون صفاتهم على الكل وينظرون لكم كجماعة فاسدة وعابثة وشوية لصوص ومخربين.
هذا الحكم يبدو متشنجاً ومصحوباً بنظرة حكم مسبقة راكموها منذ حكم عفاش المدمر للدولة، فبالتالي هي نظرة قاصرة لا علاقة له بالعدل، وتفتقر أيضاً للدقة والموضوعية والنزاهة.. كما يفعل بالضبط أتباع الفريق الأول المؤيدين لك، هم كذلك يقعون في نفس الخطأ ويتصروف حيالك بطريقة هي أقرب للتأليه وبناء صنم وثنية ثورية مدمرة، ويصنعون منك زعيم يمني وبطل قومي مخلص. على نفس النسق الذي صنعت به الزعامات العربية من قبل. تلك التي فيما يعد نالت منهم الشعوب العربية كل الويلات والكوارث. وهم إذ يفعلون ذلك يضروك أكثر مما يخدموك لو أنك تعلم الحقيقة عزيزي حامد، وأظنك تعلمها بلا شك. لديك تجارب تؤهلك لذلك..
عزيزي حامد لملس، في النهاية دعني أخبرك بشيء مهم جداً يجب عليك أن تعرفه.. كل ما فات لا يمثل أي قيمة واقعية وليست له أهمية.. فلا الفريق الأول سيجعل منك إله في نظر الناس، ولا الفريق الثاني يستطيع أن يحولك شيطان.. ستبقى كما أنت دائماً، حامد لملس.. هناك شيء واحد مهم، هو أنك محافظ لمحافظ عدن. معنى ذلك أنك المسؤل الأول عن كل ما يحدث في المدينة. عليك إنما يركن الأهالي، وأنت الشخص الذي سيحاسبوه في حال قصرت عن آداء واجباتك تجاههم ومدينتهم. أنت فقط من سيحاسب عن هذا وليس سواك.. سواء هنا في عدل الدنيا، أو في القيامة عند عدل الأخرة، إن قدر لك أن تنجو.
أكنت مؤتمرياً أو انتقالياً أو شرعياً أو حتى حوثياً.. أأنت شبوانياً، يافعياً، ضالعياً أو انحدرت أصولك من مدينة تعز.. كل هذا لا يهمني كمواطن بسيط يفكر في لقمة عيش شريفة، وحياة كريمة.. حياة متواضعة تتناسب مع الوضع العصيب الذي نمر به، وتتفق مع ظروف الواقع المريرة.. حياة يسودها أمن وأمان ويكفيها بعض الخدمات الرئيسة والمهمة... فلسنا في ترف لنخوض جدلية تتعلق بالكبدة التي تناولتها في المطعم الشعبي رفقة بعض المطبلين، أو للاحتفاء بسيارتك الجديدة.. ليس هنالك أي أهمية أكانت نظارتك الشمسية ماركة أم عادية اقتنيتها من أحد المفرشين في شارع الحب... الأمن والأمان، المرتبات، الماء، الكهرباء... تلك مهمتك الحاسمة يستلزمك القيام بها. ثم أفعل بعدها ما يحلو لك. اركب سيارة فارهة أم بالية، أو امطي حصاناً فضياً أو أعتلي حتى حماراً.. كل كبدة أو لحم صغار، بيض، شبس هذا لا يعنينا.. كن وسيماً كمحمد حماقي أو كن بشعاً كالشاب خالد كل ذلك عديم الجدوى.... ما يهمنا هو آداءك لوظيفتك، وتوفيرك الخدمات.
وشكراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وأسفين على الاطالة، وتعكير صفو الليلة.