يطل علينا الثلاثون من نوفمبر عيد الجلاءالمجيدفي الذكرى الثالثة والخمسين،والجنوب يمر اليوم،بمنعطفٍ في غاية الخطورة والتعقيد ،حيث يتكالب ويتآلب عليه الأعداءوالحاقدون من كل حدبٍ وصوبٍ ومن جهاتٍ عديدةٍ شي شرقي وشي قبلي؛ بؤركثيرة خطيرة وخبيثة،يخوض فيها الجنوبيون مواجهات الشرف والإستبسال،دفاعاً عن الأرض وصوناًللكرامة والعرض . وهذه المعارك المفتعلةمع شعب الجنوب،طويلة الأمد أسلوباً وتخطيطاً،هي في الواقع استدراج ممنهج خسيس ،الغرض منه استنزاف الموارد البشريٌة والماديٌة للجنوب وتفتيت لُحمته الداخلية،حتى يصل إلى مرحلة الضعف والعجز،تستطيع فيهاهذه القوى الظلاميةالحاقدةمن تمرير مشاريعها القذرة وتحقيق أهدافها الخبيثة بكل أريحية،فيقف حينها الجنوب صاغراً عاجزاً مستكيناًلا يقوى على المقاومة والمجابهة . استطاع الآباءوالأجداد،بالعزيمة وقوٌة الإرادة،وبفضل تلاحمهم وتماسكهم وتكاتفهم،وبالوسائل البدائية التي لا تساوي شيئاًنظير قوٌةوجبروت المستعمرالبريطاني أن ينتزعوااستقلال الجنوب التام والناجز،في الثلاثين من نوفمبر الأغر 1967م ،كما استطاعوا في خلال مدٌةٍقصيرةٍ وفي سباقٍ مع الزمن أن يرسوا مداميك وأسس دولةٍ قويٌةٍ،محكومةٍمنذ وهلتها الأولى،بنظامٍ ودستورٍ وقانونٍ يضمن الحريًة والمساواةوالعدالة الإجتماعيًة لكل فئات الشعب . لقد تحققت للجنوب مكاسب وطنية في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وغيرها،فبلغ بهاومن خلالهاذروةالرقي العلمي والتقدم المعرفي والنهوض المتطور في مجالات الخدمات والتنمية التي شملت عموم قرى ومناطق ومدن الجنوب، خلال الفترة الذهبيةما قبل عام النكبة 1990م. وهاهو الجنوب اليوم ،بعدحياة العز والرخاء والأمن والإستقرار بفعل غلطةالشاطر،يهوي إلى مكانٍ سحيقٍ ويعود إلى مايشبه ذلك العهدالبائدالذي عاشه أوائل أجدادنا،إبان الحكم الاستعمار البريطاني البغيظ،فقددُمرت كل منجزاته ومكاسبه الوطنية،وصار يكابد مرارة الظلم والذُل والهوان وجورالهيمنةوالتعسٌف والطغيان وكأن الجنوب لم يتحرر يوماًما ؛ فقر مُدقع،وشظف مفجع،سلب ونهب،نفوس بغير ذنبٍ تزهق ودماء بلا جرمٍ تهرق،مآسي وآلام يتعرٌض لها شعب الجنوب،بعد أن وقع مصيره في قبضة محتلٍ غشومٍ جهولٍ،أفضع هتكاًوفتكاً وأبشع إيلاماً وجرماً،حتى أنه لا يروق لناالحال اليوم،أن نحتفي بعيد الاستقلال ونحن نرزح تحت الاحتلال،أفلا يستنهض نوفمبر الميمون فينا الحميٌة والعزائم والهمم ؟!! .