( الدعوات المطالبة برحيل التحالف العربي في هذا التوقيت الصعب دعوات تغلبها العاطفة والتدهور، وهي تتبنى مطلبا لايراعي حساسية المرحلة ويفتقد لموضوعية المطلب نفسه). يجب ان ندرك ان مغادرة التحالف دونما إنجاز اي تسوية سياسية او توافق داخلي قبل ذلك، معناه الذهاب فعليا نحو مزيدا من الفوضى والاحتراب . فخصوم الداخل الذين قادت بهم الخلافات السياسية يومها الى حرب شعواء قبيل تدخل التحالف العربي نفسه قطعا لن يختلف الامر معهم من حيث الاستمرار في تصعيد الخلاف السياسي او رفع وتيرة المواجهة العسكرية حال غادر التحالف او لم يغادر، هم معنيون فقط في التمسك بمصالح وأجندات ذاتية لاتلتقي مع مصلحة البلد العليا، لذا فجدوى نضوب الخلافات السياسية المؤدية للصراع والأزمة تبدو هنا ضئيلة جدا وربما منعدمة تماما، ذلك لعدم ارتباط نشوبها بكينونة التحالف أصلا، لربما وجد التحالف ضالة البقاء وتبرير فشل سياساته في استمرار خلافات الداخل وحروبهم، لكنه لم يكن السبب في حدوث الخلاف السياسي والانقلاب الذي خلف الازمة الحالية، لهذا فان منطق الحل يقودك الى التوجه نحو معالجة سبب الازمة والصراع وليس نحو النتائج التي ترتبت عليهما اذا اردنا حقا الحديث عن مسار الحل الناجع. الخلاف الداخلي هو من جلب التحالف وليس العكس، فأيهما أحرى بالمطالبة إذن ! "مطالبة أطراف الداخل بالجلوس سويا وحل الخلاف بينها قبل كل شيئ؟ أم القفز مباشرة الى المطالبة برحيل التحالف ثم الوقوف بعدها متفرجين على مشهد الصراع وهو يتعقد اكثر وأزمة الانقسام الداخلي وهي تهوي نحو المجهول؟ علينا معرفة طبيعة المسؤوليات والالتزامات المطلوب من التحالف الإيفاء بها، وتحديدا المسؤولية القانونية والاخلاقية التي تحتم عليه العمل على ايجاد الأليات والسبل المؤدية الى تحقيق تسوية الحل الشامل لانهاء الصراع والأزمة باليمن، وهو ما سيدفع بنا لمطالبته أمام العالم أجمع بتحمل مسؤولياتها كاملة في إنجاح العملية السياسية والمساعدة في تجاوز تبعات الكارثة الانسانية الناجمة عن الصراع قبل مغادرته البلد بدلا من مطالبته بالرحيل فورا واعطائه المبرر المطلوب للتنصل من واجباته ودفن مخلفات الفشل هكذا ببساطة. نحن نؤكد ان الدعوة الانسب في هذا الوقت تحديدا هي المطالبة ببذل مزيد من جهود تحقيق التوافق وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء والخصوم، بالتزامن مع المطالبة بتصحيح سياسات التحالف وإصلاح مسار إدارته للصراع والأزمة. بالمناسبة ! وعلى ذكر دعوات الرحيل وصداها بالخارج، فإن أهم عوامل وإشتراطات إمكانية إستماع المجتمع الدولي اليها بجدية هي تحقق ( السلم الداخلي وأمن الجوار فيما يتصل ببلد الأزمة) قبيل الحديث عن جواز فسخ عقد التفويض الاممي المشرعن للتدخل الخارجي وفك قيود البند السابع، وبالتالي منطقية ومشروعية تلك الدعوات، وهو ما ليس متوفرا حتى اللحظة . فإذن، هل يبدو عقلانيا بلوغ أعلى المبنى بغير استخدام سلم الصعود الذي يمكنك من ذلك؟ وهكذا هو الأمر تماما فيما يتعلق بمنطق وصحة تلك الدعوات ! إذا ينبغي أولا صنع الاسباب الموضوعية التي تجعل من الدعوات المنادية برحيل التحالف اكثر منطقية وتناسقا مع واقعها وبما يؤهلها فعلا لأن تطالب لاحقا، وأن يسمع لها حقا.