لقد طوى العام 2020 صفحته الأخيرة، بعد أن طويت معظم صفحاته بكثير من الانكسارات والأحزان، ولا ندري ما تضمره أيام العام الجديد إلينا، وهل كان وداعنا لعام مضى غادرت معه جميع المرارة؟ أم مجرد وداع عام مرير، واستقبال عام آخر تحمل صفحاته نفس المرارة؟. في الوقت الذي تستعد فيه شعوب العالم لإحياء الاحتفالات بقدوم عام 2021 بالألعاب النارية التي تنير السماء بتشكيلات من الأنوار والألوان الساحرة والتي تدخل البهجة على القلوب، كانت عدن قد فتحت صفحة يومها قبل الأخير من العام، بانفجار صواريخ بالستية بدلا عن الألعاب النارية، والتي أنارت سماء مطارها الدولي بلهب النار والدخان في وضح النهار، وكان دوي تلك الانفجارات قد هز جميع أرجاء العاصمة عدن، ففزع الأهالي ولكن فزعهم كان عابر وبسيط، فقد اعتادوا على سماع ازيز الرصاص ودوي الانفجارات وقد كان لتكرار سماع هذه السمفونية المرعبة، التي لم تفارق مسامعهم منذ نشوب الحرب الطويلة والمستمرة، أثره ومفعوله في إبطال وقع الصدمة في النفوس، وفي إضعاف وتراخي مشاعر الخوف، وعلى كل حال، فقد كانت تلك الانفجارات القوية قد وقعت لحظة وصول الطائرة التي تقل على متنها أعضاء الحكومة الجديدة، حيث حطت تلك القذائف على صالة الاستقبال وعلى بعد امتار قليلة من الطائرة، كما تزامن ذلك الانفجار مع استعداد ركاب الطائرة من الوزراء ورئيس الحكومة للنزول والتوجه إلى صالة الاستقبال، ولسوء الحظ كانت الطائرة محاطة بجمع غفير من المستقبلين والمرحبين بوصول الحكومة من الرياض بعد طول انتظار، وكانت قد غمرت جميع المتواجدين في المطار مشاعر الفرح والسعادة ولكن ذلك الفعل الشنيع قلب تلك المشاعر الطيبة إلى أحاسيس مرعبة وشعور لامس الجميع باقتراب الموت، فامتلأت النفوس بخوف ممزوج بسخط عارم، وعلا أنين وصراخ الجرحى من بين الغبار والدخان، وصمتت أفواه القليل من الناس نهائيا حيث كانت قد فارقت الحياة سريعا، لقد كانت مأساة بكل المقاييس، حصدت عشرات القتلى والجرحى ونشرت الذعر والحزن عند الجميع. وهذه الحادثة لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، ولكنها ستمر مغلفة باتهامات لا تحمل دليل قانوني، وسيغلق ملفها كما غلق الملف السابق، وربما تتحول بفضل الأقوال الخادعة والشعارات الزائفة إلى نصر، فيقال لقد فشل العدو في استهداف الحكومة والقضاء عليها، وكأن الارواح البرئية التي زهقت وبعدد يفوق عدد أعضاء الحكومة ليس لها الحق في العيش أو تعتبر بمقاسات التزوير أقل وزنا وأدنى قيمةً، وربما ايضا يجري التستر على هذه الجريمة بأطلاق شعارات جوفاء تشير إلى أن الهدف والقصد هو تدمير عدن وخدش جمالها الرائع ولكن مخطط العدو فشل وستنهض عدن شامخة بشموخ صالة مطارها الدولي!. ينبغي على الحكومة الجديدة وهي تستقبل العام الجديد في عدن وتباشر مهام عملها من مسافة قريبة لمحيط التفجير أن تبلور صورة ما حدث، أمامها وعلى مرأى ومسمع منها، بكل شفافية للجمهور، وتحدد الجهة التي وراء هذا التفجير، وما هو الهدف والمغزى من ذلك العمل الجبان؟؟