مبدأ التصالح والتسامح لم يتحقق بقرار سياسي أو جمهوري ولم يأتي بتوجيه من مكون أو حزب ولا بتعليمات منطقة دون أخرى؛ وإنما انطلق من العاصمة الجنوبية عدن تحديدا من مقر جمعية أبناء ردفان خاص بالجنوبيين ينهي أسباب وتداعيات وتبعات ونتائج صراعات الرفاق الفرقاء في التنظيم السياسي الواحد ومن ثم الحزب الواحد ويطوي صفحات مرحلتها إلى الأبد. وكان إعلان مبدأ التصالح والتسامح الجنوبي الخطوة العملية الجبارة التي قضت على مضاجع احتلال الشمال للجنوب. وكان تكتيكا وإستراتيجيا مهدا لاندلاع الثورة الجنوبية ممثلة بالحراك الجنوبي السلمي. إعلان مبدأ التصالح والتسامح كان الرد العملي والملائم العنجهية والغطرسة والظلم التي مارستها منظومة النظام القمعي سلطة ومعارضة على شعب الجنوب. وقد برزت فكرة التصالح والتسامح بعد حرب 1994م وانقسام الحزب الاشتراكي اليمني إلى تيارين نتيجة انتساب عدد كبير من الشماليين الغير ملتزمين ببرنامجه السياسي ولا بنظامه الداخلي،وإنما كيدا لعرقلة التصديق على القرارات والتوصيات لصالح الحكومة ولخدمة المتنفذين الشماليين. الأمر الذي أدى إلى ظهور تيار إصلاح مسار الوحدة في الحزب الاشتراكي اليمني تزعمه المناضل محمد حيدرة مسدوس،وطبيعي أن يكون هذا التيار جنوبي خالص. ولاشك أن أهداف هذا التيار معروفة للساسة والحزبيين وعامة الشعب أهمها إعادة الاعتبار لشعب الجنوب وضمان حقوقهم وتأمين حياتهم وإلغاء فتوى الحرب التي تكفرهم وتطبيق القرارين الدوليين 924و931 وتنفيذ تعهدات الحكومة اليمنية تجاه الجنوبيين في رسالة كل من رئيس الحكومة آنذاك محمد سعيد العطار ووزير الخارجية اليمني محمد سالم باسندوة. وفور الإعلان عن مبدأ التصالح والتسامح الجنوبي أليس من واجب كل الساسة الجنوبيين والقادة والزعماء والرؤساء القبول به كأمر واقع وملموس والانخراط فيه تلبية للإرادة الجماهيرية الجنوبية دون شرط أو قيد. وبخصوص الأزمة السياسية التي نشأت في المرحلة الانتقالية التي أعقبت إعلان الوحدة المشئومة وأفضت إلى شن الحرب الظالمة، ظلت كما هي ولم يخرج أحد من الحرب منتصرا. وهاهو الشمال يتجرع من نفس كأس الهزيمة التي تجرع الجنوبيون منها قبل 26سنة. ومازال الشماليون متشبثين بموقفهم الرافض لمبدأ التصالح والتسامح مع الجنوبيين عندهم حب الاستعلاء على الجنوبيين ربما يكون ظاهرة مرضية.