لا شك أن كل إنسان سوي يكره لغة الحرب ويعشق رآية السلام.. قضية لا يختلف فيها اثنان إطلاقاً .. ولكن عندما تستخدم تلك الوسيلة الجميلة الرائعة لتحقيق مآرب أخرى غير تلك المآرب التي يتمناها من تطحن رحى الحرب فؤاده وتمزق أحشاءه وتسحق عظامة ..فتلك لعمري مهزلة لا تقل شناعة وبشاعة وقبحاً عن الحرب نفسها . فكرامة الإنسان وحريته لا قيمة لها البتة . لذلك اليوم يمارس السفيران الحاكمان بأمر الله ( آل جابر في عدن وإيرلو في صنعاء ) مسرحية هزلية سمجة على الشعب اليمني دونما مراعاة لمشاعرنا وآلامنا وأوجاعنا وقيمنا وتاريخنا وحضارتنا فسفير يعرض مبادرة من عدن وسفير يرفضها من صنعاء حتى صرنا وكأننا شاة تقسم في مسالخ الذبح دونما قناعة لمالكها هكذا للأسف بكل سخرية واستخفاف ومهانة تمارس علينا وصاية غير مقبولة من قبل أطراف الصراع الإقليمي والدولي الذين جعلوا أرض اليمن مسرحاً لنفايتهم القذرة وتصفية حساباتهم السقيمة. وفي الحقيقة إن العيب كل العيب لا يكمن في ذلك التصرف الأرعن من قبل السفيرين الغير عابهين بآلام اليميين وأوجاعهم... ولكن العيب في تلك النبتة الخبيثة اللئيمة التي نبتت على حين غفلة في أرض اليمن حتى أصبحت كالسرطان المخيف لا على الشعب اليمني فحسب وإنما على دول الجوار بشكل خاص وعلى الملاحة الدولية بصورة عامة . تلك النبتة الخبيثة هي من أعطى الخارج الضوء الأخضر للتدخل في شؤون اليمن الداخلية بحجة حماية مصالحها . ومن جانب آخر هناك حكومة هزيلة ضعيفة سلمت قيادة أمورها للسفير السعودي يتحكم بها كيفما يشاء حتى قدت كالدمية في يدي الصبي لا حول لها ولا قوة . وبين صلف السفيرين وحماقة الحوثيين وهوان القيادة السياسية الشرعية ...هناك قصص وحكايات وروايات يندى لها الجبين تكتب بمداد من دم وتسجل بأنات قلب وتدون بدمع عين ... ومع الأسف الشديد لا تعني تلك القصص والحكايات لأولئك المتنفذين وللحكومة الشرعية شيئاً . وهكذا ضاع الشعب اليمني. وهكذا يسفك دمه وهكذا يتجرع مرارة الظلم ويجتر آلام المعاناة ويكتوي بنار الحرب المجنونة ويدفع فاتورة نزغ السياسة الخبيثة للأطراف المتنازعة والتي قررت أن تصفي حسابها على تراب اليمن الطاهر . فحسبنا الله ونعم الوكيل فإلى متى أيها العقال والمفكرين والمثقفين وأرباب السياسة وقادة الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وقطاعات الشباب والشابات ...إلى متى سنظل ننظر إلى جرحنا النازف الذي يثعب دما .. ولا نحرك ساكنا . إلى متى سنظل نحترب على مستوى كافة وسائل الإعلام في حرب كلامية عبثية وهمية تغذى من أطراف الصراع أنفسهم الهدف منها أن يشغلوا الرأي العام حتى لا يوجه سلاحه الإعلامي إلى المتسبب الحقيقي في معاناة الشعب اليمني . لقد فقدنا الأمل أيها العقلاء في تحالف ظننا فيه الخير فكان حاله كقول الشاعر : (كالمستجير من الرمضاء بالنار .) وانتزعت الثقة من حكومة عاجزة لا هم لها إلا متابعت صفقات الفساد . وقيادة سياسية شائخة حالها ...كالمريض لا حي فيرجى ..ولا ميت فينعى فكم أتمنى من الإخوة والأخوات الناشطين إعلاميا أن ننحي ولو موقتاً المهاترات على وسائل التواصل الاجتماعي ونوجه جهودنا كلنا أجمعون إلى الدعوة لوقف هذه الحرب المجنونة التي احرقت قلوب كل اليمين . ويجدر بي هنا أن أشير إلى المبادرة التي تقدم بها مجموعة من رجال السياسة والفكر في اليمن وعلى رأسهم سيادة الرئيس علي ناصر محمد لوقف الحرب واللجوء إلى منطق السلم والحوار بعيدا عن منطق التعالي والتكبر وبما يحقق المصلحة العليا لكافة اليمنيين .