يقول الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى : وما الحرب إلا ما علمتم وذقتموا ** وما هو عنها بالحديث المرجم . متى تبعثوها تبعثوها ذميمة **وتضرى إذا أضريتموها فتضرم فتعرككم عرك الرحى بثقالها ** فتلقح كشافا ثم تنتج فتتئم . فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم ** كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم. تلك هي ذمامة الحروب ,وهذه هي نتائجها الكارثية ,وذاك هو حالها المشؤوم . قتل وتقتيل وخراب وتخريب وهدم وتهديم وضياع وتضييع . مآس لا تنتهي , وأوجاع لا تتوقف , وآلام لا تطاق أرواح بريئة تزهق , وأزاهير جميلة تقطف , ودماء زكية تراق . إنها الحرب أيها القادة .. إنها الحرب أيها السادة .. فما أتعسكم وأتعسها وما أقبحكم وأقبحها , وما أبشعكم وأبشعها. ألا ترون كيف يقتل الأخ أخاه بكل وحشية وشناعة وبشاعة وفضاعة ...لا لشيء إلا أن ذلك التصرف الأرعن هو نتيجة لتعبئة وسخة وقناعات وهمية وأفكار خاطئة يتلقها أولئك المتحاربون في ميادين القتال بعواطفهم لا بعقولهم ...فيندفعون إلى ساحات الوقى بجنون مصحوب بحقد دفين , وحمية عمياء , وعصبية مقيتة وفكر منحرف.. فيقتل بعضهم بعضاً هكذا دونما مراعاة لحق الاخوة وأواصر النسب والقربى..ولو أعمل أحدهم عقله قليلا ...لما فعل ذلك البتة (إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ). فإليكم أنتم أيها المتحاربون في ساحات القتال ... لن يوقف الحرب غيركم أفيقوا من سكرتكم .. عودوا إلى رشدكم .. إلى متى ستظلون يقتل الضحية الضحية لا يدري لمصلحة من ؟ أنتم في ساحات الموت تسكبون دمائكم الزكية وتجودون بأرواحكم الندية وتضحون بأحلامكم الوردية على طول اليمن وعرضه وشرقه وغربه في الفيافي والقفار والجبال والوديان والسهول والقيعان .... ومن يقف وراء هذه الحرب اللعينة _ وهم أعداء وهميون _ يقبعون هناك في الفنادق الفارهة ويتجولون في العواصم الجميلة ..ويجلسون تارة مع بعضهم البعض على موائد الطعام الفاخرة ,ويتبادلون القبلات الحانية ويوزع بعضهم على بعض الابتسامات العريضة , ويتحاورون ساعة كيف سيتم توزيع المناصب وتقسيم المكاسب وتحديد المغانم.... وأنتم تطحنكم رحى الحرب أيها القوم . هلا فكرتم قليلا ... من هو المستفيد من هذه الحرب المجنونة ؟ ما هي النتائج المأمولة بالنسبة لكم أنتم ؟ ما هي الأهداف التي ترجون تحقيقها ؟ فأوقفوا الحرب أنتم يا من أياديكم على الزند !! كفاكم مهازل , كفاكم سفكا للدماء , كفاكم إزهاقاً للأرواح ... لن يوقف تجار الحروب هذه الحرب اللعينة حتى يضمن كل منهم نصيبه من القسمة... ما دام في ساحات الموت مجانون يتسابقون من سيقدم روحه قبل صاحبه فيموت لا يدري لماذا مات ...في الوقت الذي يعلم تجار الحرب لماذا مات وجاد بروحه ذلك المسكين . ألا ما أتعسكم يا عباد الكراسي !! ألا ما أقبحكم يا تجار الحروب !! ألا يكفيكم لعباً بأرواح الناس ؟ ألا يكفيكم عبثاً بمقدرات الشعب ؟ ألا تحرك ضمائركم تلك المناظر الفضيعة التي تخلفها الحرب ؟ ألا تثير مشاعركم هذه الصرخات الحزينة للأمهات والأرامل والأيتام ؟ ألا ترى أعينكم هذا الواقع البائس الذي وصل إليه الشعب المسكين ؟ تباً لكم وألف تب .. أماتت ضمائركم فلم تعد تؤنبكم ؟ أعميت أبصاركم وبصائركم فلم تعد ترى ؟ أقست قلوبكم فلم تعد بها رحمة ؟ أفسدت أنفسكم فلم تعد تتأثر ؟ أتركونا يا تجار الحروب فكفاكم عبثاً بأرواح الشباب ,كفاكم تماد بمقدرات الشعب , كفاكم لعباً بعقول الأجيال . اطمئنوا فالجحيم يتسع للجميع ...فالأمر لا يحتاج كل هذه المنافسة الشرسة على من سيكون الأسوأ فيكم ...كما قال أحد الفلاسفة . اختصروا الطريق ترفقا بما تبقى من رمق الحياة لقطااااع واسع من الشعب اليمني المنهك... لأن التاريخ أثبت أن الحروب الأهلية لن تنتهي إلا بمصالحة . في الجاهلية استمرت حرب داحس والغبراء بين الإخوة الأعداء أربعين عاما ...وانتهت بصلح بين الفريقين .. واليوم أمام أعينكم يصطلح الاخوة المتحاربون في السودان بعد عقود من الحرب , وفي ليبيا وصل الناس إلى قناعة بضرورة وقف الحرب والجنوح إلى الصلح والسلام . فلا داعي للتمادي وإطالة زمن الحرب والخراب . أرجوكم تقاسموا المكاسب هنيئاً لكم. وزعوا المناصب مبارك عليكم . خذوا المغانم حلال عليكم ِ فقط خلوا لنا الوطن .