رحل يوم أمس القيادي والمناضل الجسور والمدفعي الكبير الذي ذاع صيته في ربوع الوطن من أقصاه إلى أقصاه، بعد مشوار حافل بالنضال في ميادين الوغى،وبعد صولات وجولات خطت أسمه بأحرف من نور ونار في ساحات الحرب والقتال.. رحل اللواء ركن / محمد عمر السعيدي (ناذخ) بصمت رهيب لم يعهده أحد،بل وتلاشى مشوار حياته ونضاله في تلابيب الحياة وساساتها المشغولين بالصراعات التي لاتنتهي.. رحل عملاق عرفه القاصي والداني يذود عن حياض الوطن ويدافع عن مكتسباته وثرواته، فلم يكن يوماً متقلب أو بلا ضمير او بلا مبادئ أو بلا قيم كما هو حال الكثيرين في أيامنا هذه.. مع أني لم التق قط بهذه الهامة العسكرية ولم يحالفني الحظ أن أتشرف بها إلا أنني ومنذ أن كنت طفلاً أسمع به وعن بطولاته وصولاته وجولاته وحرفيته ومهارته التي جعلت منه علماً عسكرياً وقيادياً بارزاً محنك لايستهان به.. اليوم رحل هذا المناضل الجسور بصمت البسطاء بعد أن كان عظيماً يهابه الكل،فهكذا عادة العظماء يناضلون بصدق وتفان ويرحلون بصمت ودون ضجيج أو ضوضاء أو حتى أدنى إهتمام من قبل الدولة التي تلاشت هي الأخرى بين هذا وذاك.. رحل ناذخ ومعه ادركنا قُبح الساسة والسياسين وقذارتهم،فحينما يرحل هامات وقامات ومناضلون ويوارون الثرى ولايحضر جنازتهم أو تشييعهم أدنى مسؤول فنحن أمام دناءة وحقارة ليس لها مثيل،أمام واقع مزري ومؤسف ومؤلم في ذات اللحظة لحال هؤلاء الذين قدموا الغالي والنفيس من أجل الوطن، ويجازيه ساسة الوطن بالجحود والنكران واللأمبالاة.. لا بواكي اليوم يا أيها المناضل الجسور فقد تحجرت مآقي الساسة وتحنطت ضمائرهم وتجمدت دماؤهم وباتوا أجساداً خاوية خالية من معان الوطنية والإنسانية والضمير،فأقل القليل بعد هذا التجاهل الذي طالك في مشوار حياتك الحافل هو الحضور الباهت لتشييعك ومواراتك الثرى.. ولكن للأسف.. لا هذا ولاذاك ولم تكلف نفسها تلك القيادات أن تحضر لتشييع جثمان المناضل الجسور ورحل الرجل بصمت ودون ضجيج في مسقط رأسه يتبعه الصادقون ممن عاشره وعايشه وعرف قدره ومكانته وقيمته وأحبه لوطنيته ونضاله وقبلها لشخصه الكريم السوي المستقيم.. مؤلم أن يبذل الإنسان منا قصار جهده ويقدم جل عمره ومعظم حياته لأجل تراب وحياض الوطن ثم يكون النكران والجحود هو مصيره وجزاءه وضريبة هذا المشوار الحافل والساسة لاهون في تلابيب السياسية ودهاليزها..