لعله من المفيد من معرفة العدني ومن هو العدني ، وشخصيته ، واهتماماته ، في ظلال تجاذب أهل الصراع السياسي لتقسيم اليمن أو تثبيت وحدته ترابه وفي انشغال الجميع ، فاجأني خبر وفاة اعز وأطيب جار في حارتنا بعد صراع مع المرض ، وأود الاعتراف إنني لم أتملك نفسي فأجهشت بالبكاء وان ذرفت دموعي وأحرجتني مشاعري وانأ أتكلم مع والدتي وهي تنقل لي هذا الخبر فهي لم تراني من ربع قرن وانأ ابكي.
والحقيقة إن لي أقرباء وأهل توفوا رحمهم الله وانأ بعيداً عنهم منذ ربع قرن ، حزنت لفراقهم نعم ولكني لم ابكي مثل طفلا فقد عزيز مثلما بكيت على فراق العدني ، واعذروني على ركاكة تعبيري لأنني لازلت اشعر بغصة في صدري بسبب ذلك الخبر ، وقد يخطر في بالكم من هذا العدني الذي اختزلت مقالاتي له ورثاء له وعزائي من الله إن يغفر له ، ولعلي اقتضب من هذا الخبر شيء من الأمل والفرح وهو إن نهايته كانت حسنه فقد مات مبطوناً وهناك حديث للنبي صريح يبشر بالشهادة من مات مبطوناً ، ثم إن اجله أتاه بين أهله ووسط حارته ،.
ورغم إن موعد دفنه كان في وقت متأخر من الليل ا عدد الناس الذين حظروا جنازته شيء لا يصدق فهو لم يكن شخصيه سياسية أو تجاريه أو ممن يلوكون ألسنتهم في الصحف أو التلفزيون انه ببساطة : المرحوم مراد خدشي ولأنه كذلك فقد استحق من الجميع كل الحب والتقدير من أهل حارته ، وهذا ما كان يقصده رسول الله عندما قال بيننا يوم الجنائز فقد عبر أهالي حارتنا البسيطة من كبار السن وصغارهم وحتى الذين لم يعرفوه عن تقديرهم له ، نعم هو لم يوزع أموالا لهم ولم يطلب زعامتهم ولم يسعى لمنصباً بهم وعليهم ولكن إعطاءهم ابتسامته العريضة وبشاشته وحسن خلقة مع الجميع فهو لم يفرق بين احدهم قط فقد كان يسلم ويتحدث مع الصالح والطالح الصغير والكبير والفقير والميسور .
إما قصه تعلقنا به فذاك امرأ إنا لااستحق أو أحرى لا استطيع إن اعبر عن ذلك وبدأت حكايتنا منذ 1980م عند وصولنا لي حارتنا في حاشد المنصورة ، فقد انتقلنا من منطقة يقطنها أغلبيتهم من محافظه أبين ووصولنا إلى منطقة جديدة لم نكن نعرف عن العدنيين كثيراً ومع وصول عائلة مراد الخدشي وعقيلته الكريمة كان تعاملنا معه حذراً إلا انه دخل قلوبنا وعقولنا قبل بيوتنا وشاركنا همنا وطعامنا وفتح بيته لنا وترك مفاتيح قلبه وبيته لنا ، حتى تعلمنا منه ومن زوجته الكريمة أنواع الطبخ العدني من صياديه وبريس ولازلت اذكر أول عشار طعمته من بيت مراد خدشي واذكر أول برطمان عشار اهتدتا إياه زوجته الكريمة ،واذكر مزاحنا وسهراتنا معه ولحظات لعب الورق معه . بفراق مراد إننا لمحزنون ياابوا محمد وأننا نطلب لمغفرة له من الله وان يلهمنا وأهله الصبر والسلوان وان لله وان إليه لراجعون .
مراد خدشي هذا نموذج للإنسان البسيط العدني بأخلاقه ودماثته نموذج لعدن المتسامحة مع أهلها أو مع من أغضبها عدن التسامح والبساطة عدن التي تجعلك تحبها رغم قسوة طقسها وظروفها التي تعيش بها ألان . لذا من كان يعرف مراد خدشي فعدن هي مراد لذا أتمنى إن نجد في كل جاراتنا عدني مثل مراد خدشي رحمه الله