30 / 10 / 2006 م من أين أبدأ.. وبماذا أستهل.. وبأي حال أكتب.. ومن يفترش القلب ويسكن مهجة العين قد ذهب.. وغادر.. بلا عودة؟!. لم يستأذننا ولم يودعنا.. ولم نودعه.. ولم نكن نتصور أن موعد الفراق قد حان.. وأنه سيكون في مقدمة طابور طويل نقف جميعاً فيه ولا نعرف أين موقعنا.. ومن يسبق.. ومن يلحق؟!. إنه الخبر الصاعقة.. الفاجعة.. الكارثة.. الجرح.. الوجع.. الحزن. مات حميد شحرة .. غادر الحياة.. انتقل إلى جوار ربه.. تركنا وذهب ليرتاح.. ونحن هنا نحتسي ألم فراقه.. ونبكيه بحرقة.. وليس بأيدينا إلا أن نقول: لله ما أعطى ولله ما أخذ.. إنا لله وإنا إليه راجعون. كان في ضيافة الرحمن في بيته الحرام.. وعند الكعبة المشرفة يلهج بالدعاء.. متذللاً.. خاضعاً.. يبحث عن الرحمة والمغفرة.. ويسأل الله ألا يتوفاه إلا وهو راضٍ عنه. بقي في مكةالمكرمة.. ظل قلبه مرتبطاً بها.. يقضي أجمل وأحلى وأغلى أيام عمره.. ولم يشأ أن يغادرها.. فاختتم فيها آخر أيام الشهر الكريم.. وآخر أيامه في الحياة.. واستقبل العيد لأول مرة بأربعة أعياد غمرته بالسعادة.. عيد الفطر.. وعيد وجوده في بيت الله.. وعيد وجود زوجته وفلذات أكباده إلى جانبه.. وعيد أدائه للعمرة التي هي كحج وقدومه للطواف والسعي.. والطاعات.. والعبادات. لم يكن يعرف أن موعده قد حان.. وساعته قد قربت.. وأن الموت ينتظره في ختام رحلته إلى المسجد الحرام والكعبة المشرفة.. فما أن ودّع تلك البقعة الطاهرة بدموع الفراق حتى لقي ربه سعيداً مبتهجاً.. حين قدر له الله تعالى أن يبدأ حياته الدائمة بنهاية سعيدة.. وخاتمة إيمانية لحياته الدنيا الفانية. حميد.. كان وداعك الجمعة الماضية.. مؤلماً.. محزناً.. وما أقساها.. وأصعبها من لحظات عندما أهلنا عليك التراب.. ودعونا لك بالثبات والرحمة.. وتركناك.. وغادرنا يسكننا الصمت.. ويلفنا الذهول.. والدموع لغتنا الوحيدة ما بين النظر إلى قبرك والإبحار في تقاسيم وجهك وابتسامتك.. ودعاباتك.. وتقاطيع كلامك الممتع.. وقلمك الأنيق. هل نحزن.. أم نفرح.. وهل نعزّي أنفسنا في رحيلك يا حميد.. أم نبارك؟!. في الحلق غصة.. وفي القلب حسرة.. وفي العين سحابة أحزان.. ومطر من دموع.. وغيابك صعب.. وفراقك مُرّ.. ومع كل ذلك هنيئاً لك الرحيل إلى دار الخلود.. ومبارك الخاتمة الطيبة. ولكل المحبين والأعزاء.. والزملاء.. لا تحسبوه ميتاً.. إنه باقٍ في قلوبنا.. ومهما كان الحزن بإمكاننا أن نفرح؛ لأنه ترك الدنيا ومتاعبها وزخرفها وغرورها.. وأصاب الآخرة. ألف مبروك حميد.. ورحمة من الله تغشاك.. وشفاء منه لزوجتك وأولادك.. إنا لله وإنا إليه راجعون.