كيف نستطيع ان نعيد التوازن لعقول بسطاء الناس الذين غرهم كتابات وشعاراته كثير من المثقفين الذين ليس لهم هم إلا تمجيد فلان وذم فلان وبسطاء الناس الغير مثقفين يعتقدون ان كتابات هؤلاء الصدق ولاشيء غير الصدق وان من يخالفهم ذلك الرأي هو خائن للوطن وللثورة وللحراك السلمي الجنوبي. لم أجد شخصاً من بسطاء الناس يصف الزعيم فلان أو علان بكلمات من تفكيره الخاص بل كل ما يقوله هو عبارة عن ترديد لمقولة ذلك الكاتب أو المفكر ومهما حاولت ان تقنعه بعكس ذلك يقول دلل لي أو هات الدليل أو البرهان على ماتقول ؟ سبب كل ذلك هو ان فكرة معينة استوطنت عقله ولاتريد ان تغادره بسهولة لأنها عشعشت فيه وافقست أفكار سيقاتل كثير من بسطاء الناس ويقدمون أرواحهم فداء لها ولايتنازلون عن ذلك المعتقد.
الأمر المربك حقاً هي ان كثير من أولئك المثقفين يستخدمون مصطلحات في كتاباتهم تجعل أولئك البسطاء عاجزين عن فهمها وذلك لإضفاء نوع من المكانة العلمية التي تجعل مايقولونه كلام في مرتبة القول الذي لايأتيه الباطل لامن خلفه ولا من أمامه ولا من بين يديه أو رجليه.
أولئك المطبلين مجدوا لنا أشخاص في الحراك الجنوبي وإذا أردت الوصف الدقيق لهم فأنهم أصنام وجعلوا بسطاء الناس يركضون وراء سراب تلك الأصنام وكأنهم مخدرين بأوضاع مزرية وتهميش وإقصاء ومعاملة سيئة وظلم شديد ....وأصبح الخوف يسيطر عليهم من الإبادة الكاملة لشعب عاش وهو يرنو إلى الأفق من اجل حياة كريمة.
أوهمهم مثل أولئك الكتاب في ذلك الزمن ان ان الحياة التي يعيشونها لاتستحق منهم البقاء على وضعهم ذلك ولكن بدون مقاومة له فقط تذمر وتململ مع وجود مجموعة بالتأكيد أعلنت رفضها التام وخروجها إلى الدول المجاورة فضاعوا مع الضائعين ولكنهم تركوا المجال لأولئك النفر للانفراد بشعب الجنوب حيث عملوا بكل هدوء وضمن خطة طويلة الأمد لإيصالنا إلى باب شعوب.
الان ومع إدراك تلك المجموعة ان الخروج من باب شعوب أصبح قاب قوسين أو أدنى عادوا ليمارسوا لعبتهم تلك في إحياء أصنام تركها إبراهيم بعدما علق الفاس في رقبة كبيرهم مردوخ ليكون عامل لتبيان وجهة نطره في عدم الفائدة من تلك الأصنام وهو على إدراك تام بأن مردوخ صنم لن يتكلم ابداً .وعادوا لامتطى ركابهم التي اعتقد انها في مبركها منذ ان نزل عنها ركابها بالأمس القريب لتكون وسيلة تضليل وتطبيل من جديد.... لكن مردوخنا استيقظ من سباته ونطق بعد ان صام دهرا وعاد يلملم الأصنام المكسرة هنا وهناك وقام المطبلين يرسمون له صورة الفارس المغوار الذي سوف يعيد لنا جنوبنا الحبيب. ان من فشل على مدار زمني طويل ولم يستطع ان يحل كثير من مشاكله إلا بأنهار من الدماء وزرع الحقد والكراهية والمناطقية الممقوته لن يستطيع ان يقدم للجنوب إلا السراب القديم.
أصبح شعب الجنوب يبحث عن نقيض هذه الدولة المهترئة وبكل تأكيد يرنو إلى دولة يحترم فيها القانون إلى دولة تبني الوطن والمواطن دولة ترتقي بكل ماتملك لتكون في مصاف الدول المتقدمة بحيث تجد الجنوبي يصرخ بملىء فيه انا جنوبي وافتخر. إذا كان أولئك المثقفين الذين يفترض بهم ان يكونوا مشاعل نور ونبراس يضيء للكثيرين دروب الحياة ارتضوا ان يكون مطبلين ومضللين فعلينا ان نبحث عن نهر أخر نروي منه عطشنا وان نردم بئر برهوت التي يقال انها بئر الشياطين والتي اعتقد ان كثير من مثقفينا يرتوون من ماءها كل ما أحسوا بالعطش.