لم أرد الخوض في مثل هذه المواضيع التي تتحدث عن الأشخاص سواء بالذم أو التمجيد ولكن الضرورة دفعتني لاقتحام هذا الباب والولوج إلى باحة مثل هذا النوع من الكتابات فالحالة التي وصلت إليها الثورة الجنوبية تفرض علينا كمثقفين وكتاب حملنا الراية الأولى للثورة وكان لنا السبق كمثقفين في تأجيج نيران تلك الثورة في صدور المناضلين الثوار من أبناء الجنوب وبالتالي الدفع بهم في مضمار الثورة التي باتت اليوم علما لا يستطيع أحدا أن يتنكر له أو يلغيه تلك الحالة تفرض علينا مواصلة القيام بواجبنا تجاه هذه الثورة المنجز ولكن هذه المرة من خلال تطهيرها وكشف محاور الخطر الذي يتهددها !!
من خلال يوميات الثورة وأثناء تواجدنا في الساحات وغيرها من مواقع النضال السلمي يصادفنا البعض من الأخوة الذين بات لا هم لهم سوى خلق الزعامات وتمجيدها والذود عنها وهم بالمناسبة قله لا يشكلون رقما ذا قيمه في الشارع الجنوبي ولكن ضجيجهم المدعوم بالمال والوعود والإغراءات الأخرى يكاد يصل إلى كل أرجاء جغرافية الثورة الجنوبية وهنا مكمن الخطر الذي يؤسس له بعض سماسرة الثورات تساعدهم أسباب عده أهمها تدني الوعي وغياب الإخلاص الحقيقي للقضية عند البعض وانتشار ثقافة ( أتقلبوا) التي أسس لها (متعمدا) نظام الاحتلال وباتت ثقافة تسيطر على مجريات حياة الكثير ممن ولدوا في عهد الجمهورية اليمنية ومن كانوا سادة القوم فيها من أبناء الجنوب !!
ولقد أدمن هؤلاء البعض عادة توجيه اللوم لكل من يحاول الاقتراب من أصنامهم الأضعف (حولا وحيلة) من أصنام أسلافهم أجلاف قريش بل أن هؤلاء ينفون الوطنية والإخلاص للجنوب عن كل من يحاول أن يتناول أسيادهم ويؤكدون في خطابهم مع حلول كل ظلام بأن الطريق إلى محراب الإخلاص للثورة الجنوبية لا يأتي إلا عبر ساحاتهم التي تتزين بصور تلك الأصنام التي تفوق في تلميعها وضخامة أحجامها صور البسطاء من أبناء الجنوب الذين وهبوا حياتهم رخيصة شهداء لوطنهم الجنوب ولانتصار ثورتهم !!
لقد بنينا مواقفنا تجاه تلك الأصنام من خلال الواقع المعاش وإفرازاته التي تملأ الساحة ومعطيات الساحة الجنوبية على مدى سنوات الثورة وما قبلها ولم نبني مواقفنا لا سمح الله انطلاقا من عداء شخصي أو منافسه على (الثابتية أو الزعامة) فنحن كجزء من النسيج الجنوبي تضررنا وانهارت أحلامنا وخسرنا أجمل سنوات أعمارنا نتيجة لقرارات بعض تلك الأصنام الارتجالية والغير مدروسة والتي تصل أحيانا إلى حد العبثية وانعدام المسئولية ورغم كل ذلك خرجنا كغيرنا نرفع شعار التسامح والتصالح متناسين كل ما لحق بناء ومتطلعين إلى غد يعوض الأجيال القادمة بحياة تجنبها مخاطر ما صادفناه وعشناه كجيل كتب عليه أن يدفع ثمن (صبيانية) أصنام تلك المرحلة!!
مثلما أسلفنا فلسنا ضد احد لشخصه ولكننا ننطلق في نقدنا لما يصدر عن بعض (سدنة) تلك الأصنام وحاملي المباخر والمتحدثين من سلوكيات وتصرفات في الساحة الجنوبية والتي لا تتواكب مع ظروف الشارع الجنوبي الراهنة ولا تراعي المرحلة الحساسة التي تمر بها الثورة الجنوبية التي تبدأ بحالة التشظي التي يعانيها الشارع الجنوبي ولا تنتهي عند إفرازات التركة المثقلة التي تركها حكام الجنوب منذ الاستقلال في عام 1967م وحتى لحظة تسليمهم الجنوب للعقيد علي عبد الله صالح حينها والتي تثقل كاهل الجنوب بمواطنيه ونخبه السياسية والاجتماعية وغيرها والتي ما زالت تأثيراتها حاضره في المشهد الجنوبي ومؤثره فيه حتى اللحظة وإن أبينا !!!
أن الإصرار الغريب من خلال السلوك اليومي للبعض على تبني قضية شرعية السيد علي سالم البيض وتحويل جزء من الجهد الجنوبي بوسائل عدة ترغيبية وترهيبية للنضال في سبيل تحقيقها وفرضها كأمر واقع على الفعاليات وغيرها من الأنشطة التي تشهدها الساحة الجنوبية أمر يحتاج إلى التوقف عنده وتأمل مشهده ووضع إجابات ناضجة ووافية تنصف الجنوب وتنصف الرجل على حد سوا أمام الأسئلة التي يطرحها.. فمثلا هل السيد البيض على علم بما يعتمل على الساحة الجنوبية باسمه وهو داعم له وموافق عليه أم أن هناك من يحاول الإساءة للرجل بنسب مثل هذه السلوكيات والتصرفات إليه لمصلحة جهات وقوى أخرى؟؟ لماذا يظل الرجل صامتا تجاه هذه الأفعال ولا يخرج عن صمته تجاهها ويوضح لأبناء الجنوب موقفه منها ويضع النقاط على الحروف ؟؟ ألا يستحق أبناء الجنوب ساعة من وقت الرجل ليعلن فيها موقفه من هؤلاء المتحدثين باسمه بحيث يتضح لأبناء الجنوب ما الذي يحدث والى أين سيقود؟؟ هل المرحلة بظروفها الحالية ووضع القضية الجنوبية فيها تسمح بالتخلي عن النضال لإثبات شرعية القضية والوطن المسلوب والحق المنهوب والتفرغ للنضال من اجل إثبات شرعية الأفراد أيا كانوا؟؟ وفي حالة ما سلمنا جدلا بجواز الحديث في هذه المرحلة الحساسة عن شرعية الأفراد فلماذا يصر المتحدثون باسم السيد البيض على الحديث عن شرعيته منفردا رغم انه إذا ما أخذنا مرحلة ذهابه إلى الوحدة الفاشلة كمثل لإثبات تلك الشرعية فأن الرجل لم يذهب منفردا بل كان أمينا عاما للحزب الاشتراكي اليمني وهي الصفة التي وقع بها وثيقة الوحدة فلماذا إذا لا يتم الحديث عن شرعية الحزب الاشتراكي الذي يمثله البيض والذي كان حاكما للجنوب بحكم دستورها ؟؟
وإذا ما أخذنا مرحلة ما بعد حرب 1994م وإعلان فك الارتباط وتشكيل الحكومة كمثل لإثبات شرعية الرجل فلماذا لا يتم الحديث عن شرعية الدولة التي قامت برئيسها البيض ونائبه السيد عبد الرحمن الجفري وغيرهم من قيادات تلك الدولة التي كانت فاشلة أيضا؟؟ أليس جديرا بنا مادمنا رفعنا شعار التسامح والتصالح أن نطبقه بما يمليه علينا ديننا الإسلامي الحنيف والذي يؤكد أن شرعية وقبول التسامح ترتبط ارتباطا شرطيا وثيقا بإعادة المظالم إلى أهلها وإذا ما سلمنا أن تاريخنا كجنوبيين ما قبل الوحدة الفاشلة كان تاريخا قائما على الاغتصاب للسلطة وللإرادة ولغيرها أليس بالأسلم أن نطبق هذا المبدأ العظيم عمليا من خلال تكليف فريق قانوني متخصص من أبناء الجنوب المحايدين الذين مازالوا محافظين على استقلاليتهم بتبني مسألة تحديد شرعية القيادة وإعادة الحق لأصحابه طالما والبعض يصر على عدم القبول بالتوافق والتسليم بحق الآخر الجنوبي في المشاركة في قيادة العمل الثوري الجنوبي وكذلك المساهمة والمشاركة في صنع الجنوب القادم ؟؟
أعتقد أننا إذا ما بحثنا مخلصين عن إجابات شافية لهذه الأسئلة فأننا سنكون قد قطعنا شوطا مهما في خلق تقارب بين أبناء الجنوب لأننا سنصل حتما إلى حقيقة ما يراد لثورتنا وبالتالي سنعمل على حمايتها وستخلق تلك الإجابات لدينا وعيا بضرورة القبول بالتعدد والتنوع الذي سيحافظ على وحدة الصف الجنوبي لأننا سنكون حينها قد أزلنا أحد أهم أسباب الفرقة والتمزق ووضعنا اللبنة الأساسية للجنوب غدا الذي يقوم على التعددية والقبول بالآخر وستوفر علينا تلك الإجابات الكثير من العناء والجهد وستوجه المال المهدور على شراء الو لاءات وحمل لواءات الشخصنة إلى حيث ينبغي أن يكون والاهم من كل ذلك أننا سنضع حدا لحالة الانقسام التي باتت تهدد الشارع الجنوبي والتي لم تعد خافية على احد والتي لن يكون آخر مظاهرها ما حدث في فعالية( القرار قرارنا) في 18مارس2013م وما قبلها !!!