إن أرضنا بحاجة الى شبابنا في أبراز مقوِّمات عزِّنا وأعظم أسبابِ صلاحنا مبدأ الاتفاق على كلِّ خير والاجتماعِ على كلّ برّ والالتحام في ضوء ثوابت ديننا ، فمتى حدنا ، تفرقت كلمتنا واختلفت توجهاتُنا وتبدَّدت وحدةُ صفِّنا ، كما فعل من كان قبلنا في السبعينات والثمانينات من الأعوام المنصرمة ، عندئذ يضعُف شأننا، وتذهب هيبتنا، ونفشل في جميع أمورنا قال تعالى ( وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) [الأنفال:46]. وإنّه لحريّ بنا اليوم أن ننسَى خِلافاتنا، وأن نقدِّم الصالحَ العامّ على الصالح الخاصّ، وأن نحذوَ حذوَ غيرنا فنأخذَ بمضامين وأسباب الاجتماع على الهدى والخير والصلاح .
شبابنا اليوم من خصائصكم أنكم خيرُ لنا ممن حكمنا السالفين ، الفاسدين المفسدين ، المتنفذين ، أنتم طليعةً إلى كلّ خير، فواجبكم إبراز الخير بما تمارسِونه من خُلُق قويم ومبادئ فاضلة ، أملنا فيكم كبير في النهوض بتكليفكم بالعمل لكلّ خيِّر إيجابيّ يحفَظنا من الفسادِ وعوامله والمنكر وأسبابه والشر ومضامينه، وبما نرجوه منكم أن تقوموا بالدعوةٍ للفضيلة وإقامةِ حياةٍ خيِّرة تقودوننا للموازين العادلة والقيم الطيبة .
فإذا فقدتم مقوّمات هذه الخيريّة التي اختُصَّيتم بها أو أخلَّيتم بشروطها وقعنا في الأضرار والمِحن وحَصَل لنا الشرورُ والفتن ، يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم : ( والذي نفسي بيده ، لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر أو ليوشكنَّ الله أن يبعثَ عليكم عقابًا منه ، ثمّ تدعونَه فلا يُستجاب لكم ) رواه الترمذي وحسنه .
عليكم بالبشارة بأن المظلوم لابد أن ينصره الله جلّ وعلا ، مهما وُضِعت في سبيلكم العوائق وقامت في طريقكم العراقيل ، ومهما رصَدَ الباطلُ من قوّة الحديد والنار وفنون الدعايات المُغرضة والافتراءات الكاذبة ، فأنتم موعودون بالنّصر الشامِل والعزِّ الكامل في ديننا ودنيانا ، في حربنا وسلمنا ، لكنَّ هذا النصرَ مشروطٌ بالصّدق في الإيمان والعمل بالإسلام والقيام بسنة سيّد الأنام والاهتداء بسيرته عليه أفضل الصلاة والسلام ، ( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ) [الصافات:171-173]،( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ) [غافر:51].
يا شبابنا أنتم موعودون بالاستخلاف في أرضنا الطيبة والتمكين المتين على الدين الحقِّ والحياة الآمنة من المخاطر والأضرار، ولكن هذا الوعدُ مرتبطٌ بقيامكم بحقوق هذا الدين ، والالتزام بطاعة ربِّ العالمين ، حتى لا يبقَى فيكم من هوًى في النفس ولا شهوةٌ في القلب ولا حركة في هذه الدنيا إلاَّ وهي تبعٌ لما جاء به المصطفى وهذا وعد من ربكم البر الرحيم : ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِى ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدّلَنَّهُمْ مّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِى لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذالِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ وَأَقِيمُواْ الصلاةَ وَاتُواْ الزكاةَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) [النور:55، 56] .
أسأل الله لنا ولكل شبابنا التوفيق والنجاح والخير والسؤدد والحمد لله رب العالمين .