يبدو أن هناك دروساً عظيمة ستهدينا الهبة الشعبية التي بدأت في العشرين من ديسمبر من محافظة العلم والحضارة , من حضرموت التي نشرت خيوط ضوؤها لتنير بقاع واسعة من الأرض على مدى التاريخ . ها هي هذه المرة تنتفض وتهب هبة رجل واحد بعد ان فاض الكيل وعجز الصبر عن الصبر . هي إذن هبة حضارية شكلت , منذ انطلاقتها نقطة تحول جديدة وعظيمة في المسار الثوري التحرري لشعب نحو التحرير والاستقلال , لا شك انها ستفرز دروساً جديدة وثقافة جديدة اساسها رسوخ الوحدة الجنوبية وتلاحمها وثقافة ترتدي الأخلاق والقيم الحضارية .
نستطيع القول أن الدرس الأول الذي قدمته لنا هذه الهبة المباركة في ايامها الأولى هو الرغبة الجامحة في توحيد الصف من المهرة إلى باب المندب مساعدين وداعمين ومؤيدين للهبة العظيمة . حيث استجابت جميع المحافظات الجنوبية وسارت بنفس النموذج التي بدأته حضرموت .
اما الدرس الثاني والمهم هو ان القبائل شعرت فجأة بالضرورة الملمة لعمل صلح عام ويسمح لها بالقيام بدورها الوطني في الهبة وهو ما دعت له قبائل شبوة بصلح عام لمدة سنة ولا بأس إن نتوقف قليلاً عند هذه الدعوة لندعمها وندعو جميع القبائل في كل الجنوب أن نحذو ما قالته قبائل شبوة في الدعوة لصلح عام حيث أن الصلح هو الركيزة الاساسية المهمة والواجب الوطني الذي يتحتم علينا لحملة لمسألة في ايجابيات لنبذ الخلافات والوصول إلى نهاية للثأر الذي طالما استقبلته وغزته ودعمته قوى في مصلحتها شرذمة القبائل وتمزيقها وبخلخلته وحدتها وهذا لا يتناسب مع ادى الواجب في الهبة الشعبية ومعرقلاً لقيام دولة وطنية ذات قانون ومؤسسات تحتدم فيها الحقوق ويعيش فيها الناس سواسية . فالجنوب ينشد دولة جديدة حضارية تختلف عن ما كان قبل عام 1999م بكل المقاييس .
وأما الدرس الثالث فيجب ان تستوعبه جميع القيادات السياسية في الخارج والداخل والمكونات في يجسدوا هذا التلاحم والايقاع المتزن الواحد الذي نراه في شعب الجنوبي الثائر فالشعب جعلت من الهبة موحداً بشكل لم يسبق له مثيل في افعاله وسلوكه الحضاري وسلميته وتناغمه على ما قاله الحديث الشريف " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد اذا اشتكى منه عضواً تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " .
نلمس , حقيقة أن هناك خطوات حثيثة لنبذ كل الخلافات طالما الهدف اصبح واحداً أكثر من أي وقت مضى . وعلى الجميع احترام الجميع وعلى الكل التعايش مع الاخر فالكل في الجنوب على مستوى السياسي والشعبي والقيادي والتقاعدي أصبح اليوم مطالباً لنصرة هذه الهبة المباركة التي بالتأكيد ستخرج دروسها إلى خارج الحدود في المستقبل .
وتضل حضرموت نبراساً للعلم والحضارة , ويظل الجنوب نموذجاً فريداً في كفاحه الحضاري السلمي المشروع لنيل استقلاله وقيام دولته , وعلى العالم أصبح لزاماً للنظر إلى هذ الشعب وتلك العناوين التي يخطها هي الطرق النموذجية لإدارة الشعوب في الحرية والاستقلال .