يتعرض مؤتمر الحوار وأعضائه لهجمة شرسة من الأطراف التي لم تُشارك فيه, ومن بعض النخب الثقافية والفكرية التي تشن عليه حملة متواصلة منذ افتتاحه. ذلك الهجوم كان يفترض أن يؤدي دور الرقيب على أعمال المؤتمر لأنه تحت مجهر تلك الأطراف, وكان الأحرى بالأمانة العامة وبرئاسة المؤتمر أن يقللوا الأخطاء والتجاوزات الى الحد الأدنى الذي لا يُمكن تلك الأطراف من النيل من المؤتمر واسقاط شرعيته مُخرجاته بالضربة القاضية. فشل رئاسة جلسة مؤتمر الحوار بالأمس في تمرير تفويض الرئيس هادي لتقسيم اليمن الى اقاليم يعود بشكل رئيسي الى خلل في الإجراءات وليس الى أسباب موضوعية, فالطريقة الغريبة والمستفزة في طرح ذلك الموضوع المفصلي أثارت البلبلة في القاعة ما أدى الى فشل الجلسة ورفعها دون حسم الموضوع. أخاطب الدكتور أحمد بن مبارك الأمين العام لمؤتمر الحوار لا صديقي الشخصي العزيز الذي يأسرني بابتسامته ودماثة أخلاقه وسعة صدره, اقول له : نحن أعضاء في مؤتمر الحوار ولسنا " كومبارس" في أحد افلام هوليود حتى تتعامل معنا الأمانة العامة ورئاسة المؤتمر بتلك الطريقة. تبريراتك غير مقنعة بالمرة, فمطلبنا هو تطبيق النظام الداخلي وطرح التفويض للتصويت, وحساب الأصوات, إما عن طريق العد اليدوي, أو جمع توقيعات, أو استخدام الأجهزة الخاصة بالتصويت الإلكتروني التي دربتمونا على استخدامها قبل أشهر, ليتمكن كل عضو فينا من تسجيل مواقفه للتاريخ. أما الطريقة التي حاولتم عبرها تمرير التفويض فاسمح لي أن أقول لك ولهيئة الرئاسة أنها ادارة للمؤتمر بنظام الأرياف أو " الرعوية " وأشبه بتعامل مشايخ القبائل عندما يجمعون رعيتهم ويقولون لهم رأينا كذا وكذا, وما على الرعية الا أن يقولوا " تمينا ". أنت رجل أكاديمي وتعرف في الأصول أكثر من غيرك, النظام الداخلي ينص على التالي: " تتخذ القرارات في الجلسة العامة بالتوافق الذي يتحقق بموافقة 90% من الحضور على الأقل", وطريقتكم حاولت تمرير الموضع خلسة, وكأن عندكم شك في قدرتكم على حشد تلك النسبة, فلجأتم الى محاولة سرقة القرار واختلاسه على حين غرة من المتحاورين وفي ساعة الظهيرة التي تكون فيها القلوب قد بلغت الحناجر, ويريد المتحاورون العودة الى بيوتهم. أخي أحمد : هل تعلمون خطورة تصرفكم كأمانة عامة و رئاسة مؤتمر؟ هل تعون أن ذلك القرار في كفة وبقية مُخرجات الحوار في الكفة الأخرى؟, وبالتالي فإنه من غير المقبول التعامل بخفة وتحاذق واختلاس مع مثل هكذا قرارات مصيرية قد تؤدي الى تقسيم اليمن الى اقاليم, ومنها الى دويلات اذا فشلت تلك العملية نتيجة لأسلوبكم في التعامل معها. أخي أحمد تحاول اقناعنا أن المكونات اتفقت على التفويض في رئاسة المؤتمر أو في لجنة التوفيق, ذلك ليس شأننا, نحن أعضاء مؤتمر الحوار الوطني, نمثل كل أبناء الشعب, ولسنا "كومبارس" لكم أو لتكتلاتنا السياسية, وكل ما نطالب به هو تطبيق اللائحة الداخلية والتصويت على المخرجات بشكل قانوني وعد الاصوات واعلان النتيجة الرقمية, الموافقون, والمعترضون, والممتنعون, وليس كما حاولتم عبر اسلوب "تَمَينِا". مثل هكذا قرارات يفترض أن يتم ابلاغ الأعضاء قبل 24 ساعة أنه سيتم التصويت عليها في اليوم التالي, لا أن تسعوا الى سرقتها في الساعة السليمانية ان جاز التعبير. هل تشعرون أنكم تطرحون موضوع فيه فضيحة ما؟ أو مغالطة ما؟ اذا كنتم واثقون مما تطرحونه ومن شرعية وصوله الى الجلسة العامة لماذا لا تطرحوه بقوة؟ وتتخذ حياله كل الاجراءات القانونية, واذا فشل التصويت في العرض الأول يمكن أن ينجح في العرض الثاني وبنسبة 75 % كما ينص عليه النظام الداخلي الذي أعطيتمونا محاضرات طويلة عنه, لكن يظهر أنكم بحاجة الى محاضرات منا لنذكركم بمعلوماتكم التي تسعون للاحتيال عليها. أخي أحمد : كل ما نطالب به فيما يخص التفويض هو أن يكون واضحاً وله آلية تنظم اتخاذ القرار فيه, وأن يكون توافقياً وان تشترك كل المكونات في اللجنة المفترض أن تتولى مسألة تحديد الأقاليم, واذا لم تتمكنوا من تلبية مطالبنا فعلى الأقل مرروه بطريقة مشروعة تمكنا من الاعتراض وتسجيل موقفنا للتاريخ. من يسعى الى تفويض الرئيس بشكل مطلق يسعى الى توريطه وتحميله المسؤولية وحده, وقد فصلت ذلك في مقال سابق لي بعنوان " هل سيصبح هادي غورباتشوف اليمن؟". ان وقفة محمد قحطان وتصفيقه الحار للتغطية على محاولتكم اختلاس القرار تضفي علينا ضلالاً من الشك حول دور إخوان اليمن "الاصلاح" في الموضوع وتحمسهم العجيب لتوريط هادي, الى الدرجة التي على فيها صراخ محمد قحطان – الرجل الستيني - قائلاً "فوضنا فوضنا" في مقابل شعارنا " لا لا للتفويض". أريدك أن تهمس في اذن الرئيس هادي عندما تختلي به وتقول له : لقد صفق الاصلاح لصالح كثيراً وشاركوه في كل حروبه وجرائمه ثم قالوا عنه أنه " نظام سابق", هذا وهم شركاء في اتخاذ قرارات تلك الحروب وبالأخص حرب 94م, التي اباح فيها علماء الإخوان قتل نساء وأطفال ومستضعفي الجنوب بحجة تترس الجيش الجنوبي بهم, فكيف سيفعلون بهادي خصوصاً أنه مفوض وسيتحمل وحده المسؤولية وهم فقط ينعمون بالغنائم.