اطلقت الشرطة المصرية قنابل الغاز المسيل للدموع بعد ظهر السبت في القاهرة لتفريق بضع مئات من المتظاهرين المناهضين للنظام، بحسب صحافيين من فرانس برس. وتدخلت الشرطة باطلاق قنابل الغاز بعد ان خرج متظاهرون يضمون اسلاميين ونشطاء شباب غير اسلاميين معارضين للجيش في ميدان مصطفى محمود بحي المهندسين في القاهرة واخذوا يرددون هتافات "الشعب يريد اسقاط النظام" و"يسقط يسقط حكم العسكر".
ويجرى إحياء الذكرى الثالثة للثورة المصرية التي أطاحت بنظام حكم حسني مبارك، في أجواء من القلق الشديد، لاسيما في ظل وقوع نحو خمسة أعمال إرهابية، خلال أقل من 24 ساعة، أكبرها تفجير مديرية أمن القاهرة. فضلاً على إزداد المخاوف من وقوع مواجهة بين مؤيدي السيسي وأنصار مرسي، أو بين مؤيدي السيسي وشباب ثورة 25 يناير من جانب آخر، أو بين أعضاء جماعة الإخوان وقوات الشرطة.
وتلبية لدعوة الحكومة وحملة "كمل جميلك" لترشيح السيسي رئيساً للجمهورية، خرج مصريون إلى ميدان التحرير، للإحتفال بثورة 25 يناير، واحتشد المئات في صباح اليوم في الميدان رافعين صوراً للسيسي والعلم المصري، ورددوا هتافات مؤيدة للجيش ورقصوا على أنغام أغنية "تسلم الأيادي تسلم يا جيش بلادي".
بينما أغلقت قوات من الجيش والشرطة الميادين الرئيسية بالقاهرة، أمام تجمعات جماعة الإخوان المسلمين، وخضع المتوجهون إلى ميدان التحرير إلى تفتيش ذاتي من قبل رجال شرطة بزي مدني. وحلقت طائرات تابعة للجيش المصري في سماء التحرير وألقت على المتظاهرين هدايا وكوبونات هدايا، بينما رد المتظاهرون بالتهليل، والغناء "تسلم يا جيش بلادي".
وبالمقابل، قررت حركة 6 أبريل، النزول إلى ميدان التحرير أيضاَ، ولكن ليس للإحتفال أو تأييد السيسي في السباق الرئاسي، ولكن من أجل الإحتجاج على الأوضاع الحالية، والمطالبة باستمرار الثورة ضد النظام المؤقت في مصر، ويخشى من وقوع مصادمات بين شبابها ومؤيدي السيسي، على غرار ما حدث في احياء ذكرى أحداث محمد محمود.
ورفعت الحركة شعار "ضد الظلم والفساد.. ضد القمع والإستبداد"، ودعت المصريين إلى تجمع في ميدان مصطفى محمود، بحي المهندسين، والإنطلاق نحو ميدان التحرير.
وضعت الحركة خمسة مطالب أساسية لخروجها الثوري في ذكرى ثورة 25 يناير، هي: أولاً: ميثاق للمشاركة المجتمعية، توافق عليه كل القوى الوطنية ومؤسسات الدولة. ويتضمن كحد أدنى بنود إلزامية لوقف العنف المتبادل وأخرى تضع حدوداً لممارسة العمل السياسي بين القوى السياسية وبما يمنع أي خطاب استقطابي أو استعدائي بين أي طرف والأخر.
ثانياً: عدالة تشمل الجميع وتحتوى مجموعة من الإجراءات التشريعية والقضائية والإدارية من خلال قانون العدالة الانتقالية بما يحقق العدل للجميع كأساس للمصالحة الوطنية الشاملة.
ثالثاً: ترسيم العلاقات بين مؤسسات الدولة والمجتمع وتتضمن تحديد العلاقات ومنع سيطرة أو تدخل أياً منها في عمل الأخرين ومنها المؤسسة العسكرية ومؤسسة القضاء و الإعلام والداخلية.
رابعاً: ميثاق شرف إعلامي يضمن منع خطابات الكراهية والعنف والتشهير ووقف حالة الإستقطاب والإستعداء بين أطراف المجتمع والمتنافسين السياسيين.
خامساً: حكومة إنقاذ إقتصادي قومي للبلاد وتضمن البدء الفوري في مشروعات قومية بدعم من الأموال الوطنية وبدء تشغيل المصانع وإنعاش الإقتصاد المنهار.
مقاطعة احتفالات التحرير يأتي هذا في الوقت الذي أعلنت فيه بعض القوى الثورية، مقاطعة الإحتفالات في ميدان التحرير، ومنها التيار الشعبي بزعامة المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، خشية وقوع أعمال عنف بين مؤيدي السيسي وشباب الثورة. وقال التيار في بيان له، تلقت "إيلاف" نسخة منه: يستنكر التيار الشعبي المصري مطالبة اللواء محمد ابراهيم، وزير الداخلية لجموع المواطنين بالإحتشاد في ميدان التحرير ومباركة بعض القنوات الإعلامية لذلك وحشد بعض الجبهات والقوى لأنصارها على الرغم من علمهم المُسبق بإعلان بعض القوى الشبابية -المعادية للاخوان والمؤمنة بخط الثورة- للنزول الى ميدان التحرير أيضًا، لذا فاننا ندعو الجميع لتحمل المسئولية تجاه معنى وذكرى قيمة هذا اليوم ودلالاته لدى الشعب المصرى، ويحمل التيار الشعبي وزارة الداخلية مسئولية حماية ارواح المصريين ومنع اي احداث عنف قد تحدث بين مواطنين مصريين نتيجة لذلك الحشد والحشد المضاد".
وانتقد التيار الشعبي المصري ما وصفه ب"وقوف السلطة الحالية موقف العاجز حيال محاولات تشويه الثورة ورموزها، والانقضاض على مكتسباتها وأهدافها، والاكتفاء بالخطابات والكلمات دون تحويلها لافعال محددة تصدق الاقوال ، ونجدد نداءنا للسلطة القائمة بسرعة اتخاذ ما يلزم من اجراءات لمواجهة ووقف الحملة المسعورة ضد الثورة وشبابها، وتصحيح أوضاع جميع الشباب والمواطنين الابرياء غير المتورطين فى اى احداث عنف او أى جرائم والذين يقبعون فى السجون نتيجة لإستمرار الممارسات القمعية والغير مسئولة من وزارة الداخلية سواء بحملات القبض العشوائي أو انتهاك حقوق الإنسان والإستخدام المفرط للعنف، فضلا عن محاسبة كل من يتجاوز وينتهك القانون ايا كان موقعه او انتمائه".
ويزداد سقف التوقعات مع دخول جماعة الإخوان المسلمون على الخط، وقررت النزول إلى الشوارع والميادين، من أجل أسقاط ما تصفه ب"الإنقلاب"، ودعت أنصارها في المحافظات إلى دخول القاهرة للتظاهر، وتتحدث تقارير سياسية وإعلامية عن وجود مخططات من جانب الجماعة للقيام بأعمال عنف واسعة ضد الشرطة، بهدف اسقاطها.
الخوف من أعمال العنف وسط هذه الأجواء المشحونة بالكراهية، يخشى المراقبون وقوع أعمال عنف واسعة بين المصريين، ولكن اللواء فؤاد علام وكيل جهاز أمن الدولة الاسبق، يتوقع أن يمر اليوم بسلام كما حدث يوم 6 أكتوبر الماضي، وقال ل"إيلاف" إن الذين يتحدثون عن وجود مخططات اخوانية لتكرار سيناريو ثورة 25 يناير من اقتحام للسجون وتهريب للسجناء هم مجموعة من"الحشاشين" على حد وصفه، مؤكدا ان هناك حالة من التراجع والانحسار الكامل "للحركات الارهابية" في مصر وان الامن يتقدم يوميا، مستبعدا تماما تكرار سيناريو 25 يناير2011.
استبعاد السيناريو الماضي وحسب وجهة نظر، نبيل زكي، القيادي اليساري فان الضمانة الرئيسية لخروج هذا اليوم بسلام هو وجود الناس بكثافة في الشوارع والميادين، مشيراً إلى أنه في هذه الحالة سوف تشل يد الارهاب، وقال ل"إيلاف" أن الارهابيين لا يستطيعون الفعل أو الحركة إلا من خلال خلو الشوارع من المواطنين والتسلل والعمليات الارهابية التي تعتمد على الحركة السريعة، واستبعد تماما تكرار سيناريو11 فبراير 2011 بفتح واقتحام السجون والمعتقلات في ظل جاهزية الامن ويقظته الحالية ، متوقعا نزول حشود كبيرة للغاية من المواطنين احتفالا بالثورة وفي نفس الوقت سيكون هناك قوى ترفع شعارات تتعلق بالمرحلة القادمة مثل دعوة السيسي للترشح.
بينما قال عبد النبي عبد الستار المتحدث الإعلامي لحملة كمل جميلك لترشيح السيسي رئيساً للجمهورية، ل"إيلاف" أن الهدف من الاحتشاد والنزول يوم 25 يناير هو الاحتفال بذكر الثورة الثالثة بالإضافة إلى الاحتفال باقرار الدستور، والتأكيد على ان ثورة 30 يونيو هي امتداد لثورة 25 من يناير بالإضافة إلى مطالبة الفريق عبد الفتاح السيسي بالنزول وخوض انتخابات الرئاسة ، مؤكداً على ان الفترة القادمة في حقبة مصر لا يصلح لها سوي الفريق عبد الفتاح السيسي نظراً لحالة الإرهاب التى تمر بها مصر على حد وصفه.
وأضاف أنه الاحتشاد في الميادين من جميع أطياف المجتمع وسيضم الاعتصام مجموعه من الفنانين والسياسين والمفكرين والذين سيعتصمون في الميادين لحين إعلان الفريق عبد الفتاح السيسي موقفه من خوض انتخابات الرئاسة، متوقعاً أن السيسي لن يترك مصر في هذه الأزمة.
وتوقع أيضاً إندلاع أعمال عنف جديدة من قبل جماعة الإخوان المسلمين، لإفساد هذا اليوم بالإضافة إلى استخدام الشعارات المنددة ضد الجيش والشرطة، بالإضافة إلى محاولة استفزاز كل من سينزل في هذا اليوم للاحتفال حتى يفسدون الاحتفالات، مضيفاً أن الثوار سيتصدون لهم بسلميتهم، وسيكون سلاحهم هو الاحتشاد بكثرة في جميع الميادين، والتى ستكون حائط الصد للجماعة الإرهابية - على حد وصفه، ولفت إلى أن هذا اليوم سيكون نهاية الإخوان، وإعلان السيسي ترشحه لانتخابات الرئاسة.