بالرغم اني مع الذين رفضوا المشاركة الجنوبية في مؤتمر الحوار الوطني لكون القضية الجنوبية تختلف عن القضايا المطروحة للنقاش في هذا المؤتمر والتي في الغالب محصورة بين الشماليين , وان كان الجنوبيين قد تأذوا من مفاسدها لكنهم ليسوا معنيين بإصلاحها ومن جهة اخرى تجد ان غالبية الجنوبيين قد أصبحت عندهم قناعة من أن الرموز السياسية والقبلية ورجال الدين بالشمال ليسوا محل ثقة ولم يوفوا دائماً بالعهود والاتفاقات كما حدث لاتفاقية الوحدة والعهد والاتفاق وحتى دستور دولة الوحدة نقضوه بالتعديلات لكثير من مواده الّا ان هناك مجموعة من الاخوة الجنوبيين ومنهم قيادات وشخصيات جنوبية لها رأي مختلف عن الرؤيا السابقة مبنية على اساس ضرورة اشهار القضية الجنوبية في المحافل الدولية والمنظمات الاممية من داخل مؤتمر الحوار الوطني بالإضافة الى ضرورة ان نسمع المثقفين من الشباب الشماليين المشاركين في هذا المؤتمر بحقيقة قضيتنا الجنوبية التي ظللتهم عنها السلطة خلال الفترة الماضية ومع هذا يجب إلا تحجّم القضية الجنوبية كما ارادوا الاخوة الشماليين فقط في المطالبة بالانفصال لأسباب حقوقية وإنما الواجب مناقشتها من مكوناتها في مراحلها الثلاثة الاتية: المكون الأول: القضية الجنوبية للمرحلة من ثورة 26سبتمبر1962م وحتى تحقيق الوحدة في عام 1990م وفي هذه المرحلة يجب الاشادة والتمجيد لتضحيات الجنوبيين بالعديد من المواقف ,ابتداءً بالحشد الشعبي من مدن وأرياف الجنوب الذين سارعوا بالآلاف للدفاع عن ثورة 26 سبتمبر جنباً الى جنب مع الشماليين المدافعين عن هذه الثورة ومنهم العديد استشهدوا وجرحوا على قمم الجبال والوديان في المناطق الشمالية معا الاشارة من ان هذا الموقف نابع من قناعتهم في حينه بضرورة وحدة الارض والإنسان اليمني وقد كان لهذه القناعة التي كانت راسخة في وجدان غالبية الجنوبيين الدور الكبير في فرض التوجه الوحدوي للسلطة في الجنوب والتى على اساسه أقنعت الكوادر الجنوبية المؤهلة بضرورة تقاسم الوظائف في الإدارات والمصالح الحكومية مع الشماليين القادمين من الشمال دون تمييز ومثلهم الطلاب بالنسبة للمنح الدراسية في الخارج وحتى المناصب القيادية في السلطة والحزب كان التعيين فيها على نفس هذا الأساس وآخر هذه التضحيات هيا التضحية التي اقدمت عليها قيادة الحزب الاشتراكي عند التوقيع على اتفاقية الوحدة اواخرعام 1989 م وتنفيذها في عام 1990م لقصد دعم موقف الرئيس علي عبد الله صالح في مواجهة من ادعى انهم معارضين الوحدة والتي اعتبرها المحللين السياسيين بالموقف الشجاع وآخرين اعتبرها الضربة القاضية للجنوبيين . المكون الثاني: للقضية الجنوبية للمرحلة من الاشهر الاولى للوحدة وحتى بداية الحراك في عام 2007م وخلال هذه المرحلة مارست القيادة الشماليه بالتعاون مع رموز قبليه ورجال الدين وبعض من قيادات الاحزاب وبدعم خارجي ابتداءً بقتل عدد من الكوادر الجنوبية وتهميش دور القيادات الجنوبية بالوزارات والمصالح الحكومية للدفع باتجاه الحرب التي حشدوا لها قواتهم العسكرية ورجال القبائل والمليشيات لبعض الاحزاب والتي انتهت بتلك النتيجة المؤسفة ثم تلتها عمليات نهب المؤسسات التي كانت تعيَش عشرات الالاف من الاسر الجنوبية وانتهت هذه المرحلة بتجميد غالبية القيادات وأفراد القوات المسلحة والأمن وعدد كبير من القيادات المدنية الى جانب تلك الاساليب التي احرمت الجنوبيين الخريجين من الجامعات والمعاهد المتوسطة من التوظيف في الادارات والمصالح الحكومية والمؤسسات العامة مع تشديد اجراءات التحاق الجنوبيين في المعاهد والكليات العسكرية لإحكام عملية التجويع والتهجير المرسومة لضمان تجهيل وتشتيت الجنوبيين ,كما يجب الاشارة في هذا الجانب لموضوع فتوى علماء دين شماليين وهو الذي نسبوا له كل تلك الممارسات لكونه لا يزال مستمر لهذا الوقت بالإضافة للإشارة لموقف الشعب بالشمال من الممارسات التي ذكرنا جوانبها المختلفة والحقيقة أن غالبية الشعب بالشمال مع الاسف شاركوا السلطة ورموزها في العدد من هذه الممارسات والأخرى منها كانوا بين التأييد والصمت عنها
المكون الثالث: لهذه القضية للمرحلة من بعد قيام الحراك الجنوبي السلمي في عام 2007م وبخصوص هذا الموضوع يؤكد شعب الجنوب تمسكه بحقه المشروع في تقرير مصيره الذي كفلته تشريعات المنظمات الاممية اسوةً بما حققته الشعوب التي سبقتنا النضال من اجل هذا الحق المشروع باعتبار ان الشعب الجنوبي يتمتع بجميع ما يميزه كشعب مستقل في هويته المحافظ عليها من مئات السنين كما كانت تدير شئون هذا الشعب دولة معترف بها دولياً وعضو في منظمة الاممالمتحدة والجامعة العربية والمؤتمر الاسلامي وبقية المنظمات الحقوقية الاخرى اما الذي كان يربطها بالجمهورية العربية اليمنية هي فقط تلك الاتفاقية التي نقضها الجانب الآخر بالحرب التي شنها على شعب الجنوب في عام 1994م تم استباح خيراتها ومصادر دخلها والممتلكات الخاصة لشعبها الأعزل بالقوة العسكرية المدججة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة وهذا الموضوع الذي طرحه الإخوة الجنوبيين الذي يرأسهم الأخ الاستاذ محمد علي احمد في مؤتمر الحوار مشكورين ((مع احتفاظي برأي السابق)) مع جميع وثائقها ولكنه لم يعجب الإخوة الشماليين لكونهم لا يزالوا بالعقلية التي أوهمتهم السلطة السابقة عبر وسائلها وإعلامها الضالة التي روجت لها بعد حرب 94م باعتبار أن الجنوب كان جزء من مماليك الأئمة في اليمن والوحدة ما هي إلاّ عودة الفرع للأصل وعلى هذا الأساس يعتقدون أن نصيبهم من ثروات الجنوب حقاً مشرع وهذا مفهوم لا يقبله عقل حتى ممثل الاممالمتحدة وصل للحقيقة عندما قدم مقترحه بوثيقة مخرجات القضية الجنوبيه التي تم تعديلها ثلاثة وعشرون مره وأخيرا اضاف لها المؤتمر الشعبي أربع نقاط لأسباب ضعف الفريق الباقي من الجنوبيين في هذا المؤتمر وإصرار الإخوة الشماليين على وهمهم وعندها سيستمر الخلاف وأخشى أن يصل إلى حد الصراع كما ظهر بوادره ..والله يلطف