سحبت السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة يوم الأربعاء سفراءها من قطر في انقسام لم يسبق له مثيل في دول مجلس التعاون الخليجي التي دبت الخلافات بينها بسبب الاضطرابات السياسية التي تهز الشرق الأوسط. وعبر مجلس الوزراء القطري عن "الأسف والاستغراب" لقرار الشركاء في مجلس التعاون الخليجي لكنه قال إن الدوحة لن ترد بالمثل لأنها ستظل ملتزمة بأمن كافة دول مجلس التعاون واستقرارها. وأدى سحب السفراء إلى تصعيد صراع داخلي على السياسة الخارجية في مجلس التعاون لدول الخليج الذي يضم أيضا الكويت وسلطنة عمان ويمثل تحديا كبيرا لحاكم قطر الشاب بعد أشهر من توليه السلطة. وتشكل المجلس المؤلف من نظم حكم ملكية في الثمانينات لمواجهة النفوذ الإيراني في الخليج ويضم بعضا من أكبر منتجي ومصدري النفط والغاز في العالم. وتزايد استياء السعودية كبرى دول مجلس التعاون من حيث السكان والمساحة والاقتصاد خلال السنوات القليلة الماضية بسبب مساعي قطر وهي دولة يسكنها مليونا نسمة توظيف ثروتها الهائلة من صادرات الغاز لتحقيق نفوذ إقليمي. وتهاوت البورصة القطرية بعد قرار سحب السفراء يوم الأربعاء وهبط المؤشر القطري بنسبة 2.3 بالمئة. وهناك استثمارات كبيرة عابرة للحدود في بورصات دول مجلس التعاون الخليجي من الدول الأخرى الأعضاء في المجلس. ويلعب المستثمرون السعوديون دورا كبيرا في أسواق دول مجلس التعاون الأخرى. يأتي البيان بعد جهود سعودية على مدى عامين لتعزيز الوحدة بين دول المجلس في السياسة الخارجية والأمنية في محاولة لتعزيز جبهة موحدة ضد ما ترى أنه عدوان إيراني. غير أن محللين ودبلوماسيين من الخليج يقولون إن من المبكر جدا إثارة الشكوك في قدرة المجلس على التماسك ويشيرون إلى خلافات سابقة بين الدول الأعضاء تمت تسويتها في وقت لاحق. وهناك خلافات حدودية عمرها عقود بين كثير من دول المجلس لكن عادة ما تبذل جهود لحلها دون أي مرارة على ما يبدو. وتتبنى قطر سياسة مستقلة في منطقة تحكمها أسر حاكمة محافظة وتدعم جماعات إسلامية في مصر وسوريا ودول أخرى في الشرق الأوسط. وتنظر بعض دول مجلس التعاون إلى هذه الجماعات بريبة أو تناصبها العداء الصريح. وقال الشيخ تميم بن حمد أل ثاني أمير قطر وهو شاب في مطلع الثلاثينات عندما خلف والده في يونيو حزيران 2013 إن قطر لن تتلقى توجيهات من أي جهة في رسم سياستها الخارجية. وتنامي استياء السعودية والإمارات على نحو خاص بسبب دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين وبسبب استضافتها للشيخ يوسف القرضاوي. وأصدرت الدول الثلاث بيانا مشتركا أعلنت فيه هذه الخطوة التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ مجلس التعاون الخليجي الذي يبلغ ثلاثة عقود. ويضم المجلس في عضويته السعودية والبحرين والكويتوقطر والإمارات وعمان. وأفاد البيان أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وقعت اتفاقا في 23 نوفمبر تشرين الثاني يقضي بألا تدعم "كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد سواء عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي وعدم دعم الإعلام المعادي." وكثيرا ما يشتكي مسؤولون سعوديون وخليجيون إضافة الى مسؤولين في مصر في أحاديث خاصة من قناة الجزيرة الفضائية التي يعتبرونها مؤيدة على نحو سافر للإخوان المسلمين وتنتقد حكوماتهم. وتقول الجزيرة إنها خدمة إخبارية مستقلة وتتيح فرصة للجميع في المنطقة لإبداء آرائهم. وقالت مصادر مسؤولة في مصر يوم الأربعاء ان المواطنين القطريين سيخضعون لإجراءات فحص أمني إضافي "لضمان عدم ضلوعهم في أعمال عدائية ضد مصر سواء من خلال وسائل الاعلام او الشركات." وأضافت المصادر ان الدبلوماسيين القطريين وحاملي جوازات السفر الخاصة لا يمكنهم الآن دخول مصر دون تأشيرة طبقا لمبدأ المعاملة بالمثل. وأضاف البيان أن وزراء خارجية دول المجلس اجتمعوا في الرياض يوم الثلاثاء في محاولة لإقناع قطر بتنفيذ الاتفاق. وتابع "إلا أن كافة تلك الجهود لم يسفر عنها مع شديد الأسف موافقة دولة قطر على الالتزام بتلك الإجراءات مما اضطرت معه الدول الثلاث للبدء في اتخاذ ما تراه مناسبا لحماية أمنها واستقرارها وذلك بسحب سفرائها من دولة قطر اعتبارا من اليوم." ولعبت قطر دورا كبيرا في احتجاجات الربيع العربي ضد الحكم الاستبدادي قائلة إنها تقف دائما مع الشعوب العربية ضد القمع. وسعت قطر للظهور على الساحة الدولية من خلال ضخ استثماراتها عالميا ومن خلال قناة الجزيرة التي أنشئت في تسعينات القرن الماضي واستضافتها لبطولة كأس العالم المزمع تنظيمها عام 2022. وقال مصدر قريب من الحكومة السعودية إن الضغط سيستمر على قطر لحين اتخاذ خطوات ملموسة لتغيير سياساتها. واضاف "يتعين عليهم أن يغيروا موقفهم في كثير من القضايا ونحن بانتظار مؤشرات حقيقية على ذلك.. وليس مجرد كلام." وقال مصدر دبلوماسي خليجي "نتوقع أن تستجيب قطر لما حدث وتعدل عن السياسات والأفكار التي عزلتها كبلد. وعلى مستوى الشعوب تجمعنا علاقات أخوة وثيقة بعضنا ببعض ولا نريد للأمور أن تتصاعد." من أنجوس مكدوال وآمنة بكر