بعيداً عن إستخدام الألفاظ الرنانه ، والنظريات البعيده كل البعد عن فهم المتلقي الذي يشكل الجزء الأكبر من الواقع والمجتمع الذي نعيش فيه .. في طريقي الى تناول بعض الأمور الإجتماعيه نقداً وتقويماً وإصلاحاً بطريقه مبسطه وسهله بعض الشيء .. فكثيراً من الأفكار والقناعات تشكلت لدينا بخطاب -قد يكون ديني أو غيره- وصل إلينا وتم قبوله منا دون أدنى نقد أو تمحيص ، حيث يعتريه كثيراً من الخطأ .. مثلاً من القناعات الراسخه فينا حول نظرة الرجل الى المرأه ، ما هي نظرتك الى المرأه ؟! كيف تنظر إليها ؟! ما مقدار التأثير الحاصل فيك الذي يبعثه جمال وإنوثة المرأه ؟!
الكل يقول مستحيل أن لا تتأثر أمام المرأه ، فأنت رجل .. وميلنا الى المرأه غريزه فينا .. وأنت لا تستطيع أن تتحكم في نفسك لان الشيطان هو الذي يتحكم فيك . الكلام لهم
في الحقيقه هذه الميزه تظهر في كل المجتمعات المتخلفه ، التي يعاني أفرادها الجهل والتخلف ليس الجهل والتخلف هنا القراءه والكتابه ، إنما جهل وتخلف في تمثل القيم والأفكار بعيداً عن معناها الأصيل الراقي . فهمنا معنى الرجوله بصوره مغلوطه ومحرفه كثيراً .. فهمنا معنى الدين وحرصه على عدم الإنجراف الى الرذيله بشكل خاطئ ومقزز .. جعلنا من الشيطان شماعه نعلق عليها زلاتنا وأخطائنا ، وخلقنا شخصيات مهزوزة الثقه في أنفسها ، لان الشيطان هو المسؤول عن كل شئ . لا عقل ولا أخلاق ولا مبادئ ولا سمو ولا رقي ولا تكريم للإنسان الذي قال لنا به ربنا جلا وعلا .هذا ما تقوله ثقافتنا المشوهه. أصبح الإنسان في نظرنا مجرد حيوان مفترس ، تعبث به الشهوه الحيوانيه ، وتتلاعب به غرائزه الحيوانيه .
أين الإنسان الذي أكرمه الله فينا ؟! أين نحن من القيم العظيمه والمعاني الساميه النبيله التي يتحدث عنها القران والتي أخذناها من مجتمعاتنا الإسلاميه التي تمثلت في فتره ما أفكار وقيم وقناعات وأعراف راسخه فينا ، عززت النظره الإجتماعيه للرجوله وقيمها الحقيقيه من علو وشهامه ونزاهه وعزه وشموخ وأنفه وكبرياء وغيرها من القيم التي وصلت إلينا ليس في قوالب دينيه وإنما في قوالب إجتماعيه ..
كان هناك جدل يرافقني دائماً مع أحد المتدينين - لايعني ذلك أني لست متدين ، الذي أقصد هو مطوع- هو من الأصدقاء . لكنه لم يبرأ من ملاحقة النظرات للحسناوات هنا وهناك .. دائماً أنتقد وأشلح فيه هذه التصرفات الحمقى .. يقول لي : إنها طبيعه وغريزه في كل واحد ، مستحيل ان لا تكون في أي واحد وأنت واحد منهم لا تحاول الظهور بإنك لست كذلك أو يمكن أنك لاشيء في هذه الأمور .. ضحكت بألم لردآة تفكيره وقلت الحمد لله الذي أعطاني طاقه يديرها العقل والأخلاق لا شياطينكم وتفاهاتكم ... ضحكت لركاكة شخصيته ، وإنه بهذه الصوره والقناعه عن شخصيته ، وإنه ليس إلا مجرد شخص تتنازعه الغرائز الحيوانيه .. يستمر الجدل بيني وبينه ..مرات كثيره . في إحدى المرات كان لنا لقاء مع رجل ملتزم مطوع نقي صافي يطبق الدين كا أفضل من رأيت .. وبعد تداول أحاديث كثيره .، صديقي السابق يريد أن يقنعني بأفكاره الدينيه المشوّه .. يسئل صديقنا الآخر : هل يستطيع أحد أن لا يتأثر أن وقع نظره على المرأه .. يقول هذا الرائع - رغم ان تأثير الخطاب الديني لأفكار وتصورات مشوّهه وصل اليه ، تصوّر وليس ممارسه- يقول : إن الله وضع لنا ضوابط تمنعنا من الوقوع في شئ من هذا ، بغض وكف النظر عن المرأه .. يعاود صديقي تكرار سؤاله : لو حصل لك وشفت هل تتأثر .. يرد : نعم لكني أجتنب ذلك جداً أخبره صديقي بأني أنكر ذلك .. يقول صديقنا الملتزم : هي غريزه فينا .. أمطرت عليهم بوابل من الحديث عن دور الدين والعقل والقيم والأخلاق العظيمه أين نحن من كل هذا أمام منظر وجمال أمرأه ؟! وسألتهم . لو سقطت مني الآن وأنا خارجاً من عندك مبلغ من المال . هل تأخذه ؟! قال : مستحيل وألف مستحيل . أخلاقنا ترفض وتأبى علينا ذلك .. قلت له : أين هي أخلاقك من منظر جمال امرأه هي ليست لك ؟! رد صديقنا الملتزم .، أني أحسدك على طبعك وتفكيرك .،
أزعجتكم بالإطاله في هذه القصه . لكنها عينه للمفاهيم المشوّهه التي نمارسها جميعاً دون أن ندري ، والكثيرون يحملون هذه التصورات ..
الإنسان عظيم وراقي ، أكرمنا الله بالعقل وميزنا به ، العقل الذي يعتبر بالإضافه الى الإيمان سد منيع وحصن يحصننا من الوقوع في الغرائز الحيوانيه ، ويجب أن نكون كبارا .، إن تقول إن في كل واحد منا غرائز لا يستطيع التحكم فيها ، هذا هو الهراء على أنفسنا ، ومثل هذه ليست إلا مبررات كي ننعم ونتلذذ بالعيش في عالم حيواني حقير وتأفه .. أين قيم ومبادئ الدين الحقّ ؟! أين تلك الأخلاق التي نمت وترعرعت فينا في مجتمعتنا البسيطه ؟!