رغم ان اسماعنا تأقلمت على اخبار القتل اليومي وأخبار صنوف التنكيل بهذا الوطن وشعبه إلا ان اجراءات توقيف الصحف والأقلام الجنوبية ومنها (عدن الغد) هز الكيان والوجدان وانكأ الجروح وجدد الاحزان وأكد احتمال ان تمارس اصناف من قمع الحريات و الارهاب بحق شعب الجنوب بعيدا عن اعين العالم خاصة وان صحيفة (عدن الغد) وزميلاتها اليوم وقبلها الايام هن الوسائل الاعلامية المتبقية مع هذا الوطن المسلوب والتي تؤكد للعالم وكل من لديه ضمير انساني بأنه لازال داخل هذا الوطن شعبا يئن ويزح تحت نيران القهر والإذلال والتدمير الممنهج وهي وسائلنا الوحيدة التي تبلغ العالم بأن هنا شعب عظيم يناضل بلا هوادة ضد هذا كله . وفي سبيل نيل حريته واستعادة هويته وان هناك ايضاً شباب عظما كسروا كل الحواجز التي منعت الاعلام العربي والدولي من نقل الحقيقة هذه الحقيقة التي حجبت عمداً عن العالم مما جعل نضالنا السلمي يطول وبثمن باهظ من الدمار الزكية ونقول لهؤلاء العظماء وأولهم فتحي بن لزرق الذي حكا لنا حكاية النحت في الصخر نقول بارك الله في هذه الام الحنونة الجنوب التي تربيت في حضنها الدافئ وارتويت من حليبها الصافي , هذه الام المكافحة التي جعلتك تسبق اقرانك وتكبر قبل اوانك , ويكبر عقلك وتفكيرك لتكتب المقال الصحفي في سن الثالثة عشر وهذا ليس مستحيل على شاب مثلك حينما التمس الطريق حقق انجازاً لم يحققه من سبقه من الشباب على طريق الصحافة .
ومنذ سنين , بكل تأكيد ايها الزميل هذا الحب الاسطوري لامك الجنوب وارتوائك من ثديها المبارك بالحليب المركز الغني بحبها الذي رفع قدرتك المناعية ضد فيروسات اليأس والقنوط وأساليب التهديد وضاعف مناعتك ضد كل الاوبئة والعروض المادية وكل الاغراءات الدنيوية التي كان من الممكن ان تجعل منك امير ولكن بدون اماره 0
علمتنا ايها الابن البار درساً قوياً في التصميم والإرادة الفولاذية والتضحية والإقدام لتصنع في عامين مؤسسة صحفية قوية كبرت هي الاخر بشكل لافت وغزت القلوب بسرعة وتلقفتها الايدي لتصبح وجبة يومية لأبنا الجنوب الأوفياء الذين شطبوا من قائمة وجباتهم اليومية حاجات كثيرة في سبيل نضالهم السلمي ووصول قضيتهم الى اسماع العالم الذي تنكر سياسييه لمبادئهم التى يزعمون انهم يتعاملون مع العالم بموجبها مثلما تنكر اعلامهم الورقي والفضائي والالكتروني لنضال هذا الشعب وتضحياته وحملت انت ورفاقك الاعلاميين على عاتقكم هذا العبى الثقيل 0
كفيت ووفيت ايها الزميل المغامر في هذا المشوار القصير مكتسحاً بعملك الناجح هذا وبجداره كل المعوقات والصعاب مع من كان عوناً لك من الزملاء والشرفاء وفتحت الابواب الموصده في وجه جيلك ومن سبقوك ايضا في هذا الميدان والذين قتلهم الاحباط من كل جانب وضاقت السبل بالعشرات وربما المئات من الاعلاميين ليغادروا الوطن او المكوث صامتين حيث وصل الامر بأجهزة اعلام صنعا ودول الخليج الى تجاهلهم ولو بالتعاقد معهم كمراسلين لها 0
ونحسد بجد بعد حكايتك الحزينة مع (عدن الغد) التي اصبحت وساماً على صدرك الممتلئ حباً لهذا الوطن وناسه وهو الحب الذي دفعك لإطلاق العنان لآمالك وطموحاتك متجاوزاً كل المطبات وإشارات التحذير التي وضعتها سلطات صنعا امام الطموحات والطامحين وما تعرضتم له وصحيفة (عدن الغد) هو اجراء تأديبي بموجب القوانين والمراسيم الحربيه المفروضة على الجنوب منذ العام 1994م والتي لم تجمد حتى اثنا مؤتمر الحوار بصنعاء وفعلت (نشطت) بقوة على عدة صعد وما القتل في الضالع وعدة مناطق وتوقيف طباعة عدن الغد ومنع مليونية عدن 21 فبراير الا اجراءات اوليه ولديهم المزيد 0 وما يحز في النفس ان هناك ابنا لهذه الام الكريمة الجنوب شربوا نفس حليبها الذي شربت منه واحتضنتهم وحفضتهم وربتهم وعلمتهم ووضفتهم الى ان اصبحوا قاده وسياسيين بل حكموا وتسلطوا عليها عشرات السنين الا انهم تنكروا لها في محنتها هذه وظلت باره بهم ولكنهم تمادوا في النكران والجحود واغدقت عليهم صنعاء من اوساخ الدنيا وأموال امهم المنهوبة ليتاجرون بقضيتها ويتلذذون بعذاباتها وقتل اخوانهم وهم بهذا يشرعون للتعجيل بالقضاء عليها وضياع قضيتها العادلة 0
لقد نبشت المواجع بحكايتك مع (عدن الغد) جعلتنا نعيد محاسبة انفسنا خلال الخمسة وعشرين عاما الماضية من التهميش والوقوف عاجزين عن ان نقدم لامنا خلالها أي عمل يشد ازرها ويخفف عنها معاناتها ولا اخفيك سراً والقراء الكرام بعد قراءتي للجملة المعبرة الواردة في حكايتك (صحفي بدرجة حمال حطب) ذرفت دموعاً غزيرة كانت تنساب بصورة لا ارادية جعلتني اكرر قراءة الجملة مرة اخرى واخرى في تحدي للدموع لأثبت انني قوي لكنها غلبتني وكانت الاقوى بقوة الجملة المعبرة عن المعاناة 0
وقبل الختام ادعوا كل الزملاء لقراءة هذه الحكاية المثيرة مرة اخرى وآمل بأن تكون درساً لكل صحفي وإعلامي ليشحذ قلمه دفاعاً عن الحقيقة وخدمة لقضيته واقترح على الناشر ترجمتها بالإنجليزية وإرسالها للصحف والمواقع الدولية التي ممكن ان تنشرها , وادعوا عشرات الكوادر الاعلامية التي احتجبت بعد تهميشها والاستغناء عنها سنين طويلة بالعودة الى الواجهة الاعلامية والمساهمة كلا في مجاله لان هذه فرصتهم لإعادة الاعتبار لوطنهم ومهنتهم واختمها لهم بقول الشاعر : قال السماء كئيبة وتجهما قلت ابتسم يكفي التجهم في السماء قال الليالي جرعتني علقم قلت ابتسم ولأن جرعت العلقماء