span style=\"font-size: medium;\"رحلة في خبايا حياة المواطن المسكين...هكذا بدت لي مسرحية (كرت احمر) للمخرج المبدع عمرو جمال وفريق عمله الذي لا يقل عنه إبداعا وجمال.. في سينما(هريكن) عدن. كانت تلك الساعات القليلة التي قضيناها نحلق بجناحات عيني المُبدعين الشباب أشبه بألف سنة من التحديق في حياة الكدر والاستهلاك الروحي والجسدي التي يحياها شعب أكل منه استهتار الفاسدين وشرب.. حتى أحالهم إلى أجساد لا مبالية بغيرها..شبه عارية من الضمير..ولاشيء يوقظ ذلك الضمير الميت إلا (الفلوس) مشينا مع كل شخصية ترجمت هم من هموم المواطن... لحظات من الضحك وتحسس مواضع الجراح النازفة..كانت أشبه بكرت احمر يرفعه كل موجوع في وجه الظلم والاستبداد. بدأً بهم الطالب وما يعانيه من استهتار معلمين في المدرسة.. دكاترة في الجامعة ...وتجاهل لرغباته من قبل الأهل..وفرض واقع مؤلم عليه..وحال الشباب التائه الذي يجد له ألف عذر من اجل ان يسير في الطريق الخطأ... فيبرر ويعلق كل غلطاته على شماعة الظروف وما صنعه صانعوا القرار الملتحفي.. الصامين أذانهم عن هم أولئك الشباب..ومشاكل السلاح وانتشاره في عدن بصورة لا تجعل لعقل فرصة ان يشك ان هناك أيدي خفية مدبرة لكل تلك الوقائع..إخفاء لحقائق كثيرة وأسماء كثيرة وأثار كبيرة دون ان يحرك احد ساكن.. وكأنه طمس للهوية متعمد ..ترحيل بطيء لشعب ضاق ذرعا بهم. استهتار تشكو منه المستشفيات كما تشكو منه كل بقعة على ارض هذا الوطن..أبنية قضاء من دون عدل أو قضاة يذكرون...وأخيرا عالم من وعود انتخابية مبهمة ..حبر على ورق ...لا تجد لها مترجم على ارض الواقع.. يعجز عقل العاقلين عن استيعابها ..استهتارا بعقل المواطن المسكين الحالم بالغد الذي يأبى ان يصل على أيدي الفسدة المتحذلقين.. كانت أجواء تلك المسرحية بتنقلاتها وتحليقنا معها لا يذهب بنا بعيدا عن حال ذلك المكان الذي نجلس فيه ...نطالعهم وهمنا يسعى حولنا.. سينما (هريكن) تلك الغانية التي سحرت قلوب الكثير وجذبت إليها الكثير من الشباب المبدعين كما جذبت من اقتادوا قلوبنا نحو إبداعهم..تلك المسكينة النازفة اليوم ...مفقود فيها كل شيء إلا أصواتنا ونحن نقهقه متعة بهم.. تفتقر تلك الحسناء إلى من يجملها من يرثى لحالها من ينظر إليها بعين الرحمة والرأفة..تشكو من إهمال حاد في كل ما يخصها.. بينما كان من المفترض الاهتمام بها كونها ناقلة الحضارات...مربية الفن.. حاضنة الإبداع..ماض جميل اخرج أجيال عظيمة..وغدا واعد للأجيال القادمة.. لكنها تركت تئن لا يسمع أنينها احد وسط ضحكات المتفرجين...وترك الشباب وحدهم ينحتون في صخر الغد من دون مبالاة من ذوي الأمر والمعنيين.. سكتت حناجرهم وهم يُرفضون من قبل أولئك العاملين عليها بحجة أنهم (حراك ) أو أنهم فرقة شعبية.. شكرا لكل من عمل جاهدا من اجل غد الوطن ..شكرا لكل من اعتصر حزن قلبه ليخلق لنا زنابق الأمل.. شكرا لكل من حطم جسور الخير ..فعلمنا كيف نصنع جسورنا وحدنا من دون ان نمد ايدينا لمن لا يستحق.