تأسس حزب الوفد المصرى عام 1918 م ليشكل أعرق الأحزاب المصرية ، وبتاريخه السياسى الطويل يعد ركناً أساسياً و شاهداً على ما مرت به مصر سياسياً و إجتماعياً طوال تلك الفترة الطويلة ، دائماً ما كان يُنظر لحزب الوفد على أنه ثانى أكبر الأحزاب المصرية بعد الحزب الوطنى الديموقراطى المنحل ، كان كثيراً ما تعتبره وسائل الاعلام على أنه حزب المعارضة الأول و قائدها فى مواجهة حزب النظام الحاكم ذو الاغلبية الطاغية ، فربما كان للوفد مكانة أفضل عن غيره من الكثير من الأحزاب التى بدا عليها جلياً كيف أنها صُنعت و شُكلت أركانها بفعل جهاز أمن الدولة ، فهى لا تعدو كونها عرائس متحركة لتكتمل بها لعبة الديموقراطية الهزلية التى كان يحركها رجال الحزب الوطنى المنحل . بالرغم من أن حزب الوفد قد حصل على المكانة الثالثة فى إنتخابات مجلس الشعب المصرى الأخيرة ، الا ان تلك المرتبة لا تبدو مقنعة لكثيرين نظراً للمكانة التاريخية و ثقل وحجم الوفد ، فتلك المرتبة جاءت هكذا لعوامل عدة منها : أن باقى الأحزاب التالية للوفد هى إما ذات عهد حديث و أسس بعضها شخصيات كانت محسوبة على الحزب الوطنى المنحل ، أو بمعنى أوضح من الفلول و بالتالى كانت نتيجة طبيعية ان تحصل تلك الأحزاب على مقاعد بسيطة تُعد على أصابع الد الواحدة ، إلى جانب أن نظام القائمة الحزبية قد ساعد الوفد كثيراً فى دخول بعض مرشحيه الى البرلمان ، إذ انه فى حالة الابقاء على النظام الفردى القديم المتبع من قبل .. لم يكن للوفد أن يحصل على الكثير من المقاعد التى حصل عليها ألان .
شهد الوفد أحياناً حالات كثيرة من التخبط و عدم القدرة على إتخاذ قرار يوضح سياسته التى ينتهجها ، فحيناً يتحالف مع الاخوان ، ثم سرعان ما ينقلب على التحالف ، حيناً يثنى على الكنيسة و حيناً تكون التصريحات ضدها ، التناقض فى سياسات قادته كان لها أثر سلبى على هيبة الحزب و مكانته ، هذا بخالف أنه فى الوقت الذى كانت تعمل جماعات وحركات ساسية على أرض الواقع وبين الناس ، كان رجال الوفد يكتفون بعقد لقاءات و إجتماعات فى حجرات و صالونات مغلقة ، فالحزب الذى حكم مصر حوالى 7 مرات لا يستطيع أن يتواصل مع الشارع ألان ، وبالرغم من أنه إستطاع أن يلملم جراحه و يفوز بمنصب وكيل لمجلس الشعب ، إلا ان هذا لا يعنى انتصاراً بالشكل الذى كان ينتظره الوفديون من أبناء الحزب أو حتى من المراقبين لسير العملية السياسية فى مصر ، فعلى سبيل المثال : قد حقق حزب النور المدعوم من التيار السلفى والذى لم يمر سوى أشهر معدودة على تأسيسه لم يستطع على تحقيقه الوفد فى المراحل الثلاث للانتخابات التشريعية ، فى رأيى .. أن انسحاب الوفد من التوافق للحصول على بعض المناصب فى لجان المجلس يعد هزيمة له و ليس لغيره ، وهى تسئ للوفد أكثر مما تحرج الأغلبية ، و أتصور أن الوقت الراهن هو أفضل وقت كى يبدأ الوفد فى بناء نفسه من جديد ، فالأمر لا يقتصر على مجرد إضافة وصف "الجديد" إلى اسم الحزب كى يصبح الحزب مواكباً لعهد جديد تشهده مصر ، أو محتضناً لأجيال جديدة ناشئة تبحث عن مسارات سياسية كى تسير فيها ، لعبة السياسة تقتضى التطوير فى الاسلوب و الطريقة ، كما يجب على القيادات الحالية أن يعوا أنه قديماً كانت الناس تذهب كى تؤيد سعد زغلول وتهتف باسمه، أما وأن سعد لم يعد موجوداً .. فبات من الضرورى أن يجد الوفديون "حزب سعد" على الأقل كى يجدوا ما يستحق الخروج من منازلهم لاختياره و الوفاء له .