الحقيقة واقع الأمة مخزٍ وأقع كله ضعف واستكانة، واقع كله ذل وصغار ومهانة واقع مزرٍ ومخجل فقدت الثقة بالقيادات، والعمالة و المواقف المتبلدة أمام كل التحديات وعليه إذا أردنا الفلاح يجب أن نبدل المواقف ونغير الحال وان نوفر لأنفسنا كل وسائل القوة حتى ننطلق من أرض صلبة، ومن قاعدة قوية حتى يتسنى لنا إمكانية المواجهة الحاسمة ضد أعداء الأمة . يقول الله سبحانه "وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ" فالاستعداد والعدة المادية والإيمانية والأخلاقية والتكامل والوحدة من صميم عقيدتنا، وحينما نكون مع الله عز وجل صادقين لن تقوى القوة المادية على مواجهة القوة الإيمانية والقوة الأخلاقية، لن تقدر أي قوة مادية في العالم على التغلب علينا واخضاعنا لكن الله سبحانه أشترط أن نأخذ بأسباب النصر والتمكين بالإعداد بأقصى المستطاع لكل عوامل القوة المادية. وقبل ذلك العقيدة الإيمانية والثقة بنصر الله سبحانه، وتعالى والمسلم ليس حين يُعد العدة ليس للعدوان، ولا للتجبر والبغي والظلم والفساد في الأرض، ولكن لاستعادة الحق المغتصب، ونصرة المظلومين ودفاع عن الأمة ومقدساتها، إن المسلمين عبر تاريخهم لم يكونوا عدوانيين، ولم يكونوا بغاة في الأرض، وإن معاركهم التي خاضوها كانت في معظمها للدفاع عن المظلومين وكانوا يدخلون المعارك وهم أقل عدداً وعدةً لكن قوة الإيمان كانت تجعلهم يندفعون إلى ميدان المواجهة والمجابهة وهم مستعينين بالله ومتوكلين عليه وكان الواحد ينزل أرض المعركة يطلب ما عند الله سبحانه وكان شعارهم في المعارك الله أكبر نصر أو استشهاد لا لأغراض دنيوية ولا بطراً، ولا نفاقاً، ولا من أجل دنيا ومغرياتها كانوا رجالاً كما وصفهم الله سبحانه في كتابه العزيز "رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ .."، وفي موضع آخر يصفهم الله جل جلاله "منَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ.." واقعنا اليوم يمكن ان ينطبق عليه قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم" توشك الأمم أن تتداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل ومن قله نحن يومئذ قال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل" "ولينزع الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن" فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ فقال "حب الدنيا وكراهية الموت" حكم الاستدلال بهذا الحديث يجمع فقهاء المسلمين وكثير من علماء التابعين "ان هذا الحديث ينطبق على كل ما يقع من تسلط الكفار على أهل الإسلام وأنه ليس خاصاً بزمن معين" هل وصلنا إلى هذه الحالة فأصبحنا نحب الحياة ونحب الرفاهية، ونحب الاسترخاء ونحب الدعة في الدار "البيت" مع الأهل والخلان وعيش الرفاه، هل أصبحنا نهاب أعداءنا فلا نقوى على المواجهة بحجة عدم قدرتنا على المواجهة لسبب قوة ما لديهم من أسلحة فتاكة وطيران وأساطيل...؟!! بماذا نفسر هذا الضعف والاستكانة والخوف؟ ام انها العمالة يا سادة؟ لابد أن نشخص الحالة، ولا تكتفي الأمة ان تتغنى بالعدد السكاني فقط أكثر من مليار ونصف مسلم بدون وزن، ولا كرامة.. يجب ان لا تكون الأمة أرقاماً في الكم وفي الثقل والقوة في خانة الاصفار التي لا يحسب لها حساب وليس لها ثقل ولا ميزان تتكل على الغير في توفير مستلزمات الحياة من غذاء وملبس، ومركب.. لا.. لا هذا قتل لمقومات الامة يجب ان نصنع ونزرع، وان نحدث في مجتمعاتنا تنمية متكاملة وإبداعاً وقوة واقتصاداً يجب ان نكون طموحين للحياة عامرين للكون، والكل يعمل في كل جوانب النهوض فهذا يصنع، وهذا يزرع، وهذا يبني وهذا يحرث، وهذا يتاجر، وهذا يخترع ويطور وهذا يصدر الفائض عن حاجة الامة، وهذا يحرس المكاسب والثغور، وهذا يوطد الأمن والأمان، وكل واحد يبني جانباً من جوانب الحياة.. لا يكفي ان نقول نرجو ونتمنى من الله عز وجل النصر والثبات فيما نحن على أسرة النوم ،ونحن لا نعد العدة ،ولا نتجهز ليوم اللقاء وتحرير الأرض والمقدسات ولا نبذل المستطاع ولا نجتهد، ولا نتعلم ونستغل الوقت الساعة والدقيقة، الوقت من عمر الأمة، وعمر أبنائها، فنحن مستهدفون من أعدائنا على الجميع أن يؤدي الأمانة حتى نلقى الله وقد برأنا ذمتنا وقد أدينا واجبنا، وقد أقمنا حيا ة طبق ما يريده الله سبحانه وتعالى (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) ، ويقول جل جلاله (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) والإستخلاف هو عمارة الأرض بحسب نظام الله وإقامة العدل والصدق والجد في السعي والأمانة، والبعد عن الظلم والتسبيح والذكر عون ومدد لإنجاز المهمة والصبر على تبعات ذلك .. إذ ان الإنسان خليفة الله في أرضه، وأمة الإسلام هي المعنية أن تتولى هذا الإستخلاف، كما أمرنا نبينا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أن نعمر الأرض بقوله بالحديث الصحيح قال "من أحيا أرضاً ميتة فهي له "، وقال عليه السلام في حديث آخر "من عمر أرضاً ليست لأحد فهو " أولى بها " يريد الله سبحانه ورسوله استخلاف الأمة المؤمنة بالتمكين في الأرض وترشيحها لقيادة الأمم بشرط الإيمان، والأخذ بالأسباب والصبر على تحقيق ذلك يقول الله سبحانه في سورة فاطر (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ) ، وهو ما يوضحه الرسول صلى الله عليه وسلم (إن الدنيا حلوة خضرة ،وإن الله مستخلفكم فيها ، فينظر كيف تعملون) صدق الله ورسوله . من المهم ان نشير الى ان أو ضاع الأمة العربية والإسلامية لا تسر.. فهي تنذر بانحدارات نحو منزلقات أشد خطورة، وأبعد أثراً إذ ربما يصيبها في إيمانها وفي هويتها الحضارية والإنسانية، إن لم يتداركها العقلاء والصادقون والمؤمنون الذين يعلون من كلمة الله، ويخلصون الانتماء إلى جوهر أمة الإسلام فهذا الدين الذي جاء لإنقاذ البشرية ولا مفر من القبول وبالحاجة الماسة للتغيير الإيجابي، والعودة إليه وإلى بناء الذات وإقامة عدل الله وحق المواطنة المتساوية وتنفيذ القوانين والعدل والعيش بكرامة.