أقول للرئيس هادي ماقالته قارئة الفنجان للمحب والعاشق الدمشقي (نزار قباني) : بحياتك يا ولدي امرأةٌ / عيناها سبحان المعبود..../ لكنَّ سماءكَ ممطرةٌ../ وطريقكَ مسدودٌ.. مسدود/ فحبيبةُ قلبكَ.. يا ولدي/ نائمةٌ في قصرٍ مرصود/ والقصرُ كبيرٌ يا ولدي/ وكلابٌ تحرسُهُ.. وجنود/ وأميرةُ قلبكَ نائمةٌ../ من يدخُلُ حُجرتها مفقود../ من يطلبُ يَدَها../ من يَدنو من سورِ حديقتها.. مفقود/ من حاولَ فكَّ ضفائرها يا ولدي مفقودٌ مفقودٌ.. مفقود. لم اكتب هذا المقال عنوةٌ لأشكك في مدى كفاءة الرئيس هادي في قيادته للمرحلة المقبلة بل أن ما أريد قوله أن المعطيات الموجودة وما يكتنفها من تناقضات وتعقيدات كفيلة بدحض كل أسباب النجاح في المهام الملقاة على عاتقه ويمكن تفنيد ذلك بالمحورين التاليين: 1 أن هادي كرئيس لهذه المرحلة الصعبة يطالبه شعبه الثائر أن يحقق لهم أهم هدف ثوري المتمثل بطي صفحة الماضي التي كانت تسير على هدى نظام عائلي يعتمد المحسوبية والنفوذ القبلي والفساد وكسب الولاءات ..الخ كعناصر إدارية استخدمت لإدارة البلاد لفترة تجاوزت الثلاثة عقود واستبدالها بصفحة الحداثة والدولة المدنية دولة النظام والقانون،إلا أن هذا المطلب الشعبي والهدف الثوري يصعب على الرئيس هادي الإيفاء به لسبب واحد يتمثل في أن الأسس المتينة للنظام العائلي لا زالت موجودة ولا زال صناع أمجاد العائلة مستأثرين بالسلطة ويمتلكون الثروة والعتاد وقادرون على الحفاظ بل وتوفير الحماية للآلية المحكمة الصنع عالية التقانة التي بناها صالح خلال 33 عام التي لاتنتج إلا الفساد والعشوائية واللا دولة واللا قانون وتبقى معها الهياكل التنظيمية الهرمية التي اجتهد في إتقانها علماء الإدارة مجرد مجسم يعكس شكل الدولة وتقسيماتها النظرية أما عملياً فحركة الأوامر والقرارات والكيفية التي يتم قيها تحديد نطاق الإشراف والمهام والمسؤوليات والكيفية التي يتم فيها تحديد حجم السلطات ..الخ فهي تسير وفقاً لهدى تلك الآلية العائلية التي وضعت في (يوم الجلوس) القائمة على أساس تقسيم السلطة بين كل مراكز القوى بشكل هرمي رأسه وجاهات وجنرالات ال الأحمر وقاعدته قبيلة حاشد، وتسمح تلك الآلية بوجود أكثر من رئيس للدولة يمتلكون بشكل ضمني نفس الصلاحيات وهذا مايفسر وجود قائد فرقة أو عضو في البرلمان يتصرف كرئيس جمهورية وبعبارة أخرى إذا كان صالح قد تنحى كرئيس فانه لازال هناك عدد من الرؤساء الخفيين،كما انه ووفقاً لتلك الآلية فان أي منصب لأي شخص ليس من بني جلدتهم(القبيلة) لابد من التأكد من ولائه أولا ومن ثم يجب يدرك أن منصبه في نظرهم فخرياً وديكوراً ثانياً فلا الرئيس رئيساً ولا الوزير وزيراً ولا القائد قائداً..الخ إلا ما أسلفت . 2 اعتقد أن الكل يشاطرني الرأي الذي مفاده أن هادي لم يكن مطلباً ثورياً كما انه لم يكن مرشح رئاسة توافقي لكل القوى الوطنية فهو شخصية تعامل معها الثوار على انه جزء من نظام صالح ولنفس السبب ينظر إليه الجنوبيين وكذا الحوثيين لكنه توافقي لاعتبارات أخرى أولها توافقي أجمعت عليه مراكز القوى داخل الأسرة كحل وسط لأنها صراعاتهم وثانيها توافقي قبلت به أحزاب المعارضة كوسيلة لإسدال الستار على صالح وبروزه كجزء من اتفاق مكنهم من مقاسمة السلطة مع الحاكم من ناحية وكخطوة تعتبر هي فن الممكن من ناحية أخرى وثالثهما توافقي إقليمي أفرزته (المؤامرة الخليجية) ليحافظ على مصالح دول الجوار تلك المصالح التي كان من الممكن أن تكون في خطر لو أن الرئيس الذي خلف صالح جاء من رحم الثورة فانه بالتأكيد سوف يدفع بالأمور لمحاكمة صالح وتتحاكم معه اتفاقياته الحدودية التي سوف تفقد شرعيتها بمحاكمة موقعها،كما يتحاكم معها كل أركان نظامه وبعض مراكز قوى الأسرة التي تعتبر اذرع التحكم ووسائل تستخدمها المملكة السعودية للتأثير على كل أشكال القرار في اليمن تلك الأذرع التي طالما أغدقت عليها بالأموال منذ ستينيات القرن الفائت،وضمان لبقاء نظام صالح باعتباره حليف استراتيجي ضد المد الحوثي الشيعي الذي طالما أرقت دول الخليج لتهديداته ورابعهما توافقي دولي(وافقت عليه امريكاء)لتضمن بقاء نظام صالح كونها وجدت التيار الإسلامي البديل الذي سوف يكون أكثر تواطئاً وتعاطفاً مع الإرهابيين وتتحول معه اليمن ارض خصبة لذلك النبات الشائك. من خلال ما قيل آنفاً يتبين أن الرئيس هادي غير قادر على إحداث التحولات المرجوة التي تفتح الأمل لعهد جديد ويمن جديد لان أي فعل سياسي بهذا الاتجاه سيتطلب منه الإخلال بأسباب وصوله إلى قصر الرئاسة، وبعبارة أخرى سيظل بين سندان المطالب الإقليمية والدولية التي تكرس بقاء نظام صالح ومطرقة الثورة المطالبة بالتغيير، كما انه غير قادر على التمرد على المطالب الإقليمية والدولية لان(المؤامرة الخليجية) لم تغفل عن ذلك فهي وضعت ضماناً لذلك ببقاء القوة العسكرية بيد مراكز قوى العائلة وجعلت منه رئيساً اعزل يجلس القرفصاء لا حول له ولا قوة بين جنرالات ووجهات تمتلك كل أسباب القوة لذا سيبقى الرهان على شخص هادي غير ذي نفع ويظل ذلك النظام العائلي يحكم اليمن بذات الآلية لعقود قادمة إذا لم نكن نحن اليمنيون أهلاً للحسم والفعل الثوريين.