الحرية شيء مقدس في الإسلام بل ومن الثوابت التي تدور رحى الشريعة بمجملها حولها فهي كالشمس وباقي الكواكب هي الشريعة الإسلامية لتشكل نظاما دقيقا يسوده التعايش بعيدا عن الشذوذ والطغيان . عندما أذن المولى عز وجل لبني البشر أن يوجدوا من العدم ويدخلوا حيز الوجود كان آدم عليه السلام السبب الرباني لذلك فبحكمة إلهية وتكريم رباني لهذا السبب أمر الملائكة بالسجود لآدم عليه السلام (ولا نتطرق لكيفية السجود هنا فالموضوع شائك) فغرور إبليس جعله يرفض هذا الأمر من خالقة الذي أوجده من العدم ومكنه مراتب العلم والتفضيل . هذا الرفض كان باختيار شخصي من إبليس بأن لا يسجد للخليقة الجديدة التي أمامه فماذا كان موقف الخالق عز وجل هل خسف به السماء أو محاه من الوجود أو قال له أصمت ولا تحاورني أو تناقشني فقد رفضت أمري وأنا خالقك المتفضل عليك سبحانه وتعالى بل الحكمة الإلهية اقتضت بإعطائه حرية ومساحة من الحوار المتبادل وفتحت له كل آفاق الحرية ليست حرية سقفها السماء كما تتصدر الواجهات الأمامية لبعض الصحف والقنوات الإخبارية بل تجاوزت حدود السماء , ضل الحوار يسري بلغة حكيمة يسودها الاحترام وتبادل أدوار النقاش الذي حدثنا به المولى عز وجل على لسان نبيه الأمي صلى الله عليه وسلم الآيات : إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين ( 71 ) فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ( 72 ) فسجد الملائكة كلهم أجمعون ( 73 ) إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين ( 74 ) قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين ( 75 ) قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ( 76 ) قال فاخرج منها فإنك رجيم ( 77 ) وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين ( 78 ) قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون ( 79 ) قال فإنك من المنظرين ( 80 ) إلى يوم الوقت المعلوم ( 81 ) قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين ( 82 ) إلا عبادك منهم المخلصين ( 83 ) ) ( قال فالحق والحق أقول ( 84 ) لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ( 85 ) ) فإلى دعاة السياسة وحملة القضايا الشرعية وحتى القضايا الزائفة دعوا عنكم الصلف والجلف وضعوا مساحة للحوار فضعيف الإرادة هو من سينقلب على عقبيه وصاحب القضية والمشروع الخير هو الذي سينتصر فطالما سلمنا بهذا المبدأ فعلى ماذا تسفيه بعضنا بعض والإقصاء والإلغاء أتريدون أن تنازعون الله سلطانه وكبريائه فقد قالها فرعون من قبل لا أريكم إلا ما أرى ولا أهديكم إلا سبيل الرشاد ففرعون سقط ولازالت قصته عبرة يذكرها لنا التاريخ إلى يومنا هذا كمثال حقيقي لردع نواحي الغرور والاستعلاء اتفقت عليه كل الحضارات والديانات السماوية الإسلامية وغيرها . إلى دعاة السياسة مرة أخرى لقد تذوقنا طعم الحرية فما ألذ طعمها وأطيب ريحها، كم أتحسر على عقود من الزمان كنا خنوعا لآلة الاستقواء آلة الظلم والاضطهاد التي جعلتنا نعيش مرغمين في طور العبودية مهما كانت أنفسنا ترفض ذلك. إن هذا الطعم الرائع والمنعش لن يقاسمني ولن ينازعني اليوم عليه أحد لن أجتزئ شيئا منها سأصيح بأعلى صوتي أنا حر أنا حر وسيحكم على نفسه بالانتحار كل من أراد أن يسلبني إياها سواء أكان حزب الليكود الإسرائيلي أو مؤتمر أو إصلاح أو اشتراكي أو حراك أو غيرها من الفصائل إن قيمتكم ترتقي في منظوري بما تقدموه لي من متنفس للحرية وتسقط كلما أردتم الاستفراد برأيكم من يريد منكم أن يضمني إلى فصيله أو وجهته فلا يعاملني إلا بأوسع مفاهيم الحرية وأنا عدو كل من يريد سلب الناس حريتهم. وفي الأخير فإن فرعون سقط فأرجو أن لا تطلقوا صفارات السقوط.