عدن اونلاين/ خاص/ عبدالرقيب الهدياني غيب الموت الشيخ عبدالله بن حسن الأحمر وأخذ المهندس فيصل بن شملان ، جار الله عمر تعرض للاغتيال وهو في قمة مجده، ومثله مجاهد أبو شوارب ويحيى المتوكل، هرم علي سال البيض وتوارى خلف الصمت لأكثر من 15عاما و أشتعل رأس ياسين سعيد نعمان شيبا و لحية الزنداني السوداء ابيضت ثم احمرت ، هرم صعتر ومحمد الرباعي وغادر علي صالح عباد (مقبل) المسرح السياسي وشاخ محمد غالب أحمد وابتعد محمد اليدومي عن الأضواء.
فيما الكهل علي عبدالله صالح واقف في متراسه ، لا يكل ولا يمل ، ينازل الجميع ويتوعد: ( سنواجه التحدي بالتحدي) .. شاهرا سلاحه يحارب كل الخصوم وفي كل الجبهات ويلوح: (سنقاتل حتى آخر قطرة دم) .. ينافح عن سلطانه ضد المعارضين مؤكدا : (نحن صامدون مثل جبل عيبان) .. لا يتراجع من إشعال الحروب وتفجير الأوضاع ولكن إذا تأكد أن النتائج محسومة سلفا. قيل قبل سنوات أن صالح كان يتحدث بزهو في مقيل قات ، قائلا : من يكون جمال عبدالناصر؟! ، وتابع صالح بالقول : أنا حققت الوحدة اليمنية، بينما فشلت الوحدة المصرية السورية التي حققها هو، أنا انتصرت في 94م بينما انهزم عبدالناصر أمام إسرائيل في 67م .
أتعاطف بصدق مع صالح وأنا أراه اليوم يطوي ثلاثة عقود، وهو يقف حزينا معزلا من كل العالم لا يستقبل التهاني ولا والأمنيات بالعيد السعيد والمناسبات الوطنية، وهو لا يظهر صبيحة عيد الأضحى يصافح كبار قادة الدولة. أشعر بالحزن وأنا أشهد ملكا طالما تفاخر بمكانته، فإذا به اليوم كسيرا حزينا خابت كل حيله وخانه ذكاؤه المعهود في كسب المواقف والخروج من مآزق كثيرة حولها من نكسة إلى انتصار كاسح. اليوم فقط أشعر أكثر من أي وقت مضى بمدلولات قوله تعالى (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير)، استشعر هذه المعاني وأن أرى علي عبدالله صالح المتشبث بالحكم حد الجنون لكن الثورة تنزعه بقوة وبقسوة من بين تلابيبه، وهو يحاول بكل ما أوتي من مكر ودهاء وكذب ومراوغة أن يقف في وجه تيار الحياة الجارف ، والربيع العربي الذي هب على أمة العرب وهو الحدث الذي ما حسب الزعماء حسابه.
صالح الذي لو يتخيل يوما من الأيام أن يكون خارج القصر ، وربما لم يحسب حتى حساب الموت والقبر ، هاهو اليوم يغادر التاريخ و القصر الرئاسي إلى غير رجعة، أتساءل بكل دهشة: كيف سيتأقلم مع الوضع الجديد ، وهل باستطاعته العيش بعيدا عن معترك السياسة والخصوم والمناوئين، كيف لصالح أن يعيش حياة هادئة بلا مناكفات وهو الذي أدمن المعارك والهنجمة وإلقاء المبادرات للداخل والخارج .. لإصلاح القضية الصومالية وفلسطين والجامعة العربية وحتى مجلس الأمن ، من أين لصالح منصة ومكبرات صوت وجماهير وقاعات كي يلقي الخطب ، كي يهاجم ويتوعد ويتفلسف (وينخط ويخرط) وهو الذي اعتاد إلقاء الكلمات بمناسبة وبدون مناسبة، صحيح من قال: ( دنيا مالها صاحب ).. ثلاثا وثلاثون عاما مرت وصالح في قمة السلطة، انتهج خلالها سياسة مسك العصا من الوسط ، أو كما يصور طريقة حكمه هو بالرقص على رؤوس الثعابين ، ليجد نفسه مؤخرا في مواجهة ثعابين في ساحات اليمن وميادينها لا ينتمون للزمن الذي خبر (البرع) فيه، كما أنه يجهل نوعية الرقص الذي يروق هذه الثعابين الجديدة ويطربها ويروضها، فإذا بالحاوي صالح أمام مرأى ومسمع من العالم يهوي بين أنيابها وسمها الزعاف ، (وعاقبة المحنش للحنشان) حسب المثل البلدي-. صالح بمقياس السياسة وقوانينها قد رحل عن المسرح، لكنه بمقياس صالح هو ما يزال يذود عن مرماه من هجمات كثيرة ، وضربات جزاء خطرة تهدد شباك مرماه، هو يواجه لاعبين كثر وهدافين بارعين وكل اللعب الآن في مربع ال18 القريب من مرماه، لكنه يرفض الإستسلام ولهذا نراه اليوم يرتدي القفازات في يديه على الدوام ، يعتقد أن في جسده من اللياقة البدنية ما تمكنه من إرهاق خصومه، ونعتقد أنه يخوض مباراة خاسرة وهو واقع في الهزيمة لا محالة.