تشكيل لجنة مؤقتة لإدارة نادي الشعلة الرياضي بعدن    بدء صرف راتب أغسطس لموظفي التربية والتعليم بتعز عبر بنك الكريمي    تسجيل 22 وفاة و380 إصابة بالدفتيريا منذ بداية العام 2025    بينها 7 منتخبات عربية.. 30 متأهلا إلى كأس العالم 2026    بلاطجة "بن حبريش" يهددون الصحفي "خالد الكثيري"    إعوامل دولية ساعدت في كارثة وقوع الجنوب العربي بيد اليمن    أفاعي الجمهورية    120 مصابا بينهم 100 ضابط في اشتباكات بالمكسيك    عين الوطن الساهرة (3)    المتقاعدون يدعون للاحتشاد وبدء مرحلة التصعيد السلمي    شعب حضرموت بطلاً لتصفيات أندية الساحل وأهلي الغيل وصيفاً لبطولة البرنامج السعودي الثانية للكرة الطائرة    وسائل إعلام غربية: صنعاء كشفت الفخ الذي نصبته أمريكا وإسرائيل والسعودية في اليمن    مريم وفطوم.. تسيطران على الطريق البحري في عدن (صور)    سفيرٌ يمنيٌّ وطنه الحقيقي بطاقة حزبه.. تحويل السفارة من ممثل للدولة إلى مكتبٍ حزبي    اعتراف أمريكي: سلاح مشاة البحرية يحتاج إلى التعلم من الدروس اليمنية    تصفيات كأس العالم 2026 - أوروبا: سويسرا تتأهل منطقيا    الجاوي ينتقد إجراءات سلطة صنعاء في التعاطي مع التهديدات التي تواجهها    فراغ ، حياة وتجربة ناصرية    الشهيد أحمد الكبسي .. وعدُ الإيمان ووصيةُ الخلود    قراءة تحليلية لنص "في المرقص" ل"أحمد سيف حاشد"    حلف قبائل حضرموت يصطدم بالانتقالي ويحذر من غزو المحافظة    في رحلة البحث عن المياه.. وفاة طفل غرقا في إب    أمن مأرب يحبط مخططاً حوثياً جديداً ويعرض غداً اعترافات لأفراد الخلية    مُحَمَّدَنا الغُماري .. قصيدة جديدة للشاعر المبدع "بسام شائع"    الدفتيريا تغلق مدارس في محافظة شبوة    الدفتيريا تغلق مدارس في محافظة شبوة    حكم قرقوش: لجنة حادثة العرقوب تعاقب المسافرين ومدن أبين وتُفلت الشركات المهملة    رئيس الوزراء بيدق في رقعة الشطرنج الأزمية    تجربتي في ترجمة كتاب "فضاء لا يتسع لطائر" ل"أحمد سيف حاشد"    الرئيس الزُبيدي يُعزّي العميد الركن عبدالكريم الصولاني في وفاة ابن أخيه    سعر برميل النفط الكويتي يرتفع 1.20 دولار ليبلغ 56.53 دولار    إعلان الفائزين بجائزة السلطان قابوس للفنون والآداب    اكتشاف 570 مستوطنة قديمة في شمال غرب الصين    شبوة أرض الحضارات: الفراعنة من أصبعون.. وأهراماتهم في شرقها    اختتام بطولة 30 نوفمبر لالتقاط الأوتاد على كأس الشهيد الغماري بصنعاء    أمن العاصمة عدن يلقي القبض على 5 متهمين بحوزتهم حشيش وحبوب مخدرة    بوادر تمرد في حضرموت على قرار الرئاسي بإغلاق ميناء الشحر    انتشال أكبر سفينة غارقة في حوض ميناء الإصطياد السمكي بعدن    يوم ترفيهي لأبناء وأسر الشهداء في البيضاء    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    خطر المهاجرين غير الشرعيين يتصاعد في شبوة    الأرصاد: أجواء باردة إلى شديدة البرودة على المرتفعات    فريق DR7 يُتوّج بطلاً ل Kings Cup MENA في نهائي مثير بموسم الرياض    ضبط وكشف 293 جريمة سرقة و78 جريمة مجهولة    معهد أسترالي: بسبب الحرب على اليمن.. جيل كامل لا يستطيع القراءة والكتابة    توخيل: نجوم انكلترا يضعون الفريق فوق الأسماء    وديا: السعودية تهزم كوت ديفوار    المقالح: من يحكم باسم الله لا يولي الشعب أي اعتبار    محافظ عدن يكرّم الأديب محمد ناصر شراء بدرع الوفاء والإبداع    الصين تعلن اكتشاف أكبر منجم ذهب في تاريخها    نمو إنتاج المصانع ومبيعات التجزئة في الصين بأضعف وتيرة منذ أكثر من عام    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    الحديدة.. مليشيا الحوثي تقطع الكهرباء عن السكان وتطالبهم بدفع متأخرات 10 أعوام    وداعاً للتسوس.. علماء يكتشفون طريقة لإعادة نمو مينا الأسنان    عدن.. انقطاعات الكهرباء تتجاوز 15 ساعة وصهاريج الوقود محتجزة في أبين    جراح مصري يدهش العالم بأول عملية من نوعها في تاريخ الطب الحديث    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إيران والحوثيون: مراجع ومواجع!
نشر في عدن بوست يوم 18 - 02 - 2014

ألقى رياض الصُّلح عام (1943م) –وهو أول رئيس وزارة لبنانية بعد الاستقلال- خطبة ذكر فيها مشكلات لبنان ولم يتعرّض للجنوب بتاتا، لأنَّه لم يكن مشكلة إذ ذاك ولم يكن هناك شيء اسمه "حزب الله"! وحين تبحث في فهرس الموسوعة العربية العالمية التي صدرت قبل(15) عاماً تقريباً فلن تجد فيها شيئاً يذكر عن الحوثيين! والذي يبدو أن الشيعة نجحوا في جنوب لبنان منطلقين من خلدة، وها هم يكررون ذات التجربة في شمال اليمن من صعدة، فاللهم صن شرق بلاد المسلمين وغربها من كيدهم حتى لا يقال إنها ثالثة الأثافي!

وقد أحسن مركز البحوث والدراسات بمجلة البيان حين جعل الإصدار رقم (175) خاصاً بالمسألة الحوثية في اليمن، من خلال نشر كتاب بعنوان: بعد الثورة الشعبية اليمنية: إيران والحوثيون مراجع ومواجع، ومؤلفه أحمد بن أمين الشجاع وهو باحث وكاتب في مركز الجزيرة للدراسات والبحوث في صنعاء، ويقع في (250) صفحة على ورق نباتي جذاب، وطبعته الأولى متوافرة هذه الأيام في المكتبات ومعارض الكتاب.
والكتاب يمثل رسالة مفتوحة للأطراف الداخلية والخارجية المعنية بمصير اليمن؛ والتي تغمض أعينها عما يجري في هذا البلد مع أهميته بالنسبة لها! ويتكون الكتاب من أربعة محاور تشمل نشأة الحوثية وتطورها، ثم الظاهرة الحوثية بعد الثورة الشعبية، فمروراً على الدور الإيراني في اليمن، لينهي المؤلف كتابه بنتائج وتوصيات عسى أن تجد من يفتح عينه وعقله وخزائنه لها قبل أن يقال كان اليمن وقد كان!
يشير المؤلف إلى أن الحوثية نشأت داخل المكون الزيدي، وحظيت برعاية فلول الملكية النازحين للسعودية ثم بدعم الثورة الإيرانية، حتى ظهرت في اليمن شخصيات إقليمية إثنا عشرية، وجابت بعض الشوارع احتفالات ومراسيم وطقوس-بعضها أشبه باستعراض القوة- لم تعهدها اليمن حتى في ذروة عهود الزيدية!
وثمَّت خلافات بين مراجع الزيدية والحوثية، وتصريحات متضاربة أحيانا، مع التقاء الطرفين في ذات الغاية وإن اختلفت الوسيلة! وقد كانت المطالب الموجهة للحكومة من علماء الزيدية ومن الحوثيين متوافقة تماماً مع أنها صدرت عن كل طرف على حدة. ومن اللافت أن بعض من شارك في التوقيع على بيانات الحوثيين من المراجع الزيدية التي أعلنت قبل عقود تخليها عن عقيدة الإمامة! وقد وجه علماء الزيدية رسالة للرئيس مكونة من (19) مقترحاً تصب في صالح الحوثي!
والحوثية لا تخالف جوهر اعتقاد الزيدية، وتتوافق مع إيران توافقا ثورياً وليس مذهبيا، وتسعى لاستلهام التجربة الإيرانية ونموذج حزب الله، وفرض المحاصصة على الطريقة اللبنانية، وقد استوردت الشعار الإيراني: "الموت لأمريكا وإسرائيل"، كما استوردت المظلومية متهمة الحكومة بوأد الزيدية، وناقمة على "الوهابية" انتشارها. ولليمن مكانة في الفكر الشيعي باعتبارها مكان قيام ثورة إسلامية تقدِّم لظهور المهدي كما ذكر علي الكوراني العاملي في كتابه "عصر الظهور" الذي ينشط الحوثي في توزيعه.
أما إيران فتتعامل مع الحوثيين لأهداف من ضمنها نشر التشيع الإمامي في اليمن، والتبشير في أوساط الزيدية انطلاقاً من أن الزيدي الصغير مادة جاهزة للتحول إلى إمامي كبير! ولذا صرفت إيران مبالغ مالية ضخمة ليس على الحوثيين فقط؛ بل تجاوزتهم إلى اليسار والليبراليين وكل ذي فكر يعادي أهل السنة والملة! ولإيران مظلومية تجاه حكومة اليمن بسبب موقفها المساند للعراق في حرب الخليج، والشيعة الفرس قوم لا ينسون ما يعدونه مظالم ولو بعد ألف سنة.
وبخذلان القريب، ومكر البعيد، صارت الحركة واقعاً قوياً يدعمه مال شيعي شعبي وحكومي، ويفيده تمزق داخلي مع تآمر وخيانة من عدة أطراف، فضلاً عن طبيعة جغرافية تساعد على التمرد، ومشتركات مذهبية، ومشكلات اقتصادية وتعليمية وتنموية، جعلت مراكز التدريب الحوثي تضم حتى فقراء أهل السنة، وغدا للحركة (60) مركزاً يتدرب فيها (15) ألف شاب على الأسلحة البرية الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، مما مكنها من خوض غمار ست حروب طاحنة دون أن تصاب بشلل أو تعلن الاستسلام، بل تقوى شوكتها في كل مرة، وتستأسد أكثر من ذي قبل.
ولم يجدِ لينُ الحكومة شيئاً مع الحوثي، وماكان الرفق ليثنيه بل يزيده إصرارا، فلم يرضه تعيين محافظ لصعدة مقرب منهم، ولم يستجب أفراده للجنة الحوار مع السجناء، ولم تعجبه الدعوات المتكررة إليه بحضور المؤتمرات واللقاءات، ومنحه مقاعد أكثر مما يستحق، مع الرضوخ الرسمي لتصرفاته الغريبة، بل زادت هذه "الميوعة الحكومية" في طغيانه برفع أعلام أجنبية في صعدة، ثم سلخها عن جسد اليمن، وتعيين تاجر سلاح شهير محافظاً لها، وتغيير مناهج التعليم، وفرض الزكاة والجباية على أهلها. ولم تك صعدة هي الغاية بل التمدد براً نحو محافظات نفطية، وبحراً صوب موانئ استراتيجية. ووقف الحوثيون ضد عملية التوافق السياسي بحجة أنها مؤامرة سعودية/ أمريكية، والحقيقة أن بقاء اليمن مخلخلاً يحقق مصالحهم ليجنوا المزيد من المكاسب على الأرض.
ويرفض الحوثيون التحول إلى حزب سياسي ذي برنامج واضح وأطر محددة، ولكن توجد أحزاب زيدية تمثلهم سياسيا، وأحزاب ليبرالية ويسارية تتعاون معهم بشكل كبير جدا. وتتمسك الحركة بالسلاح فارضة نفسها بالقوة؛ وفي ذات الوقت تتخذ من الأحزاب المذكورة آنفاً وكلاء سياسيين لتأخذ بأفواه الساسة مالم تبلغه بفوهات البنادق! وقد أبانت الأحداث أن أهدافهم ليست مجرد الدفاع عن النفس، وحدودهم لا تقف عند صعدة، وأن اسمهم الجديد "أنصار الله" يعني أنهم في محيط معاد يستوجب القتال حتى النصر!
وتغيب تقارير المنظمات الدولية عن أعمال الحوثيين الوحشية، ويحظى الحوثيون بزيارات من سفراء الإتحاد الأوروبي، وتزكيات متكررة من السفير الأمريكي الذي يؤكد في أكثر من مناسبة أن الحوثيين لا يدعمون الإرهاب، ولا يمثلون خطراً على المصالح الأمريكية، ولا يعتبرون أعداء لبلاده، وقطعاً فإن السفير يدري عن الشعار المجلجل؛ لكنه يعلم خفاياه من مصدره في إيران إلى مصبه في اليمن! ومن المفارقات وجود قواسم مشتركة كثيرة بين الحوثية والقاعدة سواء في القتال، أو في معاداة النظام والجوار وأمريكا، ومع هذه القواسم فتعامل أمريكا والجوار والنظام مع الحوثيين يختلف جذرياً عن تعاملهم مع القاعدة التي طلبت حضور الحوار ولم تدع إليه، خلافاً للحوثي الذي دعي للحوار فأبى! هذا غير الطائرات بلا طيار التي تصل لقادة القاعدة دون قادة الحوثيين.
وتحوم شكوك حول علاقة النظام السابق بالحوثيين؛ فموقفهم موحد من المبادرة الخليجية، وكان الرئيس السابق علي صالح يقاتلهم ثم يوقف الحرب فجأة، ويعطي مواقع قادته لتضرب على أنها أهداف حوثية! ويتخلى النظام في كل حرب عن أنصاره ويتركهم تحت رحمة الحوثي ولذا يهادنونه بحثاً عن السلامة. وقد تنامى وجود الحوثيين في الحرس الجمهوري الذي كان يتزعمه أحمد ابن الرئيس السابق، وهو الذي سلمهم معدات متطورة جدا، ومنحهم فرصة إقامة الحفلات المذهبية في أكبر القاعات الرسمية تحت حماية حرسه، وإن تعجب فاعجب من حجة الابن وأبيه في تقريب الحوثيين بغية إقصاء الإخوان!
وخصص المؤلف محوراً مهماً عن إيران التي تخطط للسيطرة على مضيق باب المندب في البحر الأحمر سابع أهم ممر مائي في العالم، وتدعم بسخاء الحوثيين والحراك الجنوبي وربما غيرهم، ومع ذلك استنكر الرئيس هادي الدعم الإيراني للحراك الجنوبي وصمت عن دعمهم للحوثيين متناغماً مع الإرادة الدولية. وتتصل إيران بجميع القوى السياسية من اليمين إلى اليسار، وفي الشمال والجنوب، وطلبت إيفاد (6500) شاب من الجنوب لتدريبهم وتعليمهم، وأوعزت سفارتها في صنعاء إلى المجموعات الحوثية بأن تشتري الأراضي الكبيرة حول ميناء ميدي، وتحول المزارع إلى مخازن بتمويل من السفارة!
ومن أخبار الكتاب أن وكالة الأنباء الرسمية أهملت حديث الرئيس عن خلايا التجسس الإيرانية! وأن شرطة دبي أوقفت شحنة للحوثيين تحمل (16) ألف مسدس تستخدم في الاغتيالات! ومن المعلومات المروعة استخدام اليمن كمعبر لتهريب المخدرات إلى الخليج بكميات مهولة غير معهودة؛ مع الحصول على تسهيلات مضحكة حيث أفاد المعمل الجنائي في الحديدة أن شحنة كوكايين تبلغ(160) كيلو كانت قد ضبطت في حاوية تتبع للمؤسسة العسكرية ليست إلا شحنة صابون!
إن اليمن يستصرخ أهله ومحيطه قبل أن يصبح بؤرة شر وبقعة ضرر بالغ تتجاوز اليمن العزيز إلى جواره، فقد عانى هذا البلد من حكومات فاسدة، ومن تدخلات كثيرة لا تتحرى الأصلح له، فضلاً عن زيادة إفقار شعبه الذي يتضور جوعاً ويعاني نقصاً في الأساسيات، ولازال في اليمن رمق لمن أراد استنقاذه وحماية نفسه؛ قبل أن تظهر العمائم في صنعاء، وتجوب مسيرات اللطم عدن، ويقام في حضرموت مزارات وأضرحة تلهب العداوة ضد المسلمين، وحينها قد لا يجدي الحراك شيئاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.