الصين.. العثور على مقابر مليئة بكنوز نادرة تحتفظ بأسرار عمرها 1800 عام    في بيان للقوات المسلحة اليمنية.. لا يمكن السكوت على أي هجوم وعدوان أمريكي مساند للعدو الإسرائيلي ضد إيران    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (1)    في خطابه التعبوي المهم .. قائد الثورة : المعركة واحدة من قطاع غزة إلى إيران    ترامب "صانع السلام" يدخل الحرب على إيران رسمياً    الكاراز يعادل رقم نادال على الملاعب العشبية    دول المنطقة.. وثقافة الغطرسة..!!    بين عدن وصنعاء .. شهادة على مدينتين    رسائل ميدانية من جبهات البقع ونجران و الأجاشر .. المقاتلون يؤكدون: نجدد العهد والولاء لقيادتنا الثورية والعسكرية ولشعبنا اليمني الصامد    الخارجية اليمنية: نقف مع سوريا في مواجهة الإرهاب    تفكيك أكثر من 1200 لغم وذخيرة حوثية خلال أسبوع    اعلام اسرائيلي يتحدث عن الحاجة لوقف اطلاق النار والطاقة الذرية تحذر وأكثر من 20 ألف طلب مغادرة للاسرائيلين    بين عدن وصنعاء .. شهادة على مدينتين    كأس العالم للأندية: ريال مدريد المنقوص يتفوق على باتشوكا المكسيكي بثلاثية    المنتخب الوطني تحت 23 عامًا يجري حصصه التدريبية في مأرب استعدادًا لتصفيات آسيا    بين عدن وصنعاء .. شهادة على مدينتين    إيران تنتصر    قطاع الأمن والشرطة بوزارة الداخلية يُحيي ذكرى يوم الولاية    مرض الفشل الكلوي (9)    منظمات أممية تحذر من مجاعة في مناطق سيطرة الاحتلال    "وثيقة".. مشرفون بحماية اطقم ومدرعة يبسطون على اراضي القضاة غرب العاصمة صنعاء    - رئيس الجمارك يطبق توجيهات وزارة الاقتصاد والمالية عل. تحسين التعرفة الجمركية احباط محاولةتهريب( ربع طن)ثوم خارجي لضرب الثوم البلدي اليمني    مناقشة مسودة التطوير الإداري والمؤسسي لمعهد للعلوم الإداري    انتشال جثة شاب مات غرقا بسد التشليل في ذمار    - ظاهرة غير مسبوقة: حجاج يمنيون يُثيرون استياء جيرانهم والمجتمع.. ما السبب؟*    - وزير خارجية صنعاء يلتقي بمسؤول أممي ويطالبه بالاعتراف بحكومة صنعاء \r\n*الأوراق* تنشر عددًا من الأسباب التي    ذمار.. المداني والبخيتي يدشّنان حصاد القمح في مزرعة الأسرة    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الدكتور الأفندي بوفاة شقيقه    "عدن التي أحببتُها" بلا نازحين.!    ريال أوفييدو يعود إلى «لاليغا» بعد 24 عاماً    توقيف الفنانة شجون الهاجري بتهمة حيازة مخدرات    كشف أثري جديد بمصر    الرئيس الزُبيدي يبحث مع سفيرة بريطانيا ومسؤولي البنك الدولي آخر المستجدات السياسية وأزمة الكهرباء    الفريق السامعي: إرادة الشعوب لا تُقصف بالطائرات والحرية لا تُقهر بالقنابل ومن قاوم لعقود سيسقط مشاريع الغطرسة    إشهار الإطار المرجعي والمهام الإعلامية للمؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم    51 شهيدا في غزة بينهم 7 من منتظري المساعدات خلال 24 ساعة    من قلب نيويورك .. حاشد ومعركة البقاء    فئة من الأشخاص عليها تجنب الفراولة    الحديدة و سحرة فرعون    الدولار في عدن 3000    خبراء :المشروبات الساخنة تعمل على تبريد الجسم في الحر الشديد    حادث مفجع يفسد احتفالات المولودية بلقب الدوري الجزائري    السلبية تسيطر على ريفر بليت ومونتيري    شوجي.. امرأة سحقتها السمعة بأثر رجعي    من بينها فوردو.. ترامب يعلن قصف 3 مواقع نووية في إيران    أثار نزاعا قانونيّا.. ما سبب إطلاق لقب «محاربو السوكا» على ترينيداد؟    فلومينينسي ينهي رحلة أولسان المونديالية    علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي    هاني الصيادي ... الغائب الحاضر بين الواقع والظنون    روايات الاعلام الايراني والغربي للقصف الأمريكي للمنشآت النووية الايرانية وما جرى قبل الهجوم    استعدادات مكثفة لعام دراسي جديد في ظل قساوة الظروف    قصر شبام.. أهم مباني ومقر الحكم    فساد الاشراف الهندسي وغياب الرقابة الرسمية .. حفر صنعاء تبتلع السيارات    الاتحاد الأوروبي يقدّم منحة مالية لدعم خدمات الصحة الإنجابية في اليمن    على مركب الأبقار… حين يصبح البحر أرحم من اليابسة    من يومياتي في أمريكا .. بين مر وأمر منه    بين ملحمة "الرجل الحوت" وشذرات "من أول رائحة"    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انهيار الجيش اليمني فك رموز اللغز
نشر في عدن بوست يوم 08 - 03 - 2015

عندما كان فصيل من الجيش اليمني يخوض أشرس معاركه ضد جماعة الحوثي في محافظة عمران، دفاعا عن البوابة الشمالية للعاصمة صنعاء منتصف عام 2014، كان المسؤول الأول عنه يتجول رفقه القائد الميداني للجماعة ويلتقطان الصور التذكارية على تخوم صنعاء، وهو مشهد يختصر الأحداث الدراماتيكية التي تلت ذلك اليوم، والتي انتهت بجلوس القائد الميداني للجماعة عبد الله الحاكم، على كرسي قيادة الجيش وسط العاصمة صنعاء، فيما فر الرئيس الانتقالي إلى عدن العاصمة الاقتصادية للبلاد، محاولا إعادة شرعيته، وشرعية الدولة التي سلبت منه.

مع سقوط صنعاء و10 محافظات أخرى، بدأت تتكشف خيوط اللغز الذي ظل محيرا لكثير من اليمنيين والمراقبين، فسرعان ما تحدث عدد من المسؤولين العسكريون عن أجزاء من تفاصيله، التي كشفت وقوف قيادات عسكرية في الصف الأول والثاني، وراء تسليم العاصمة ومعسكراتها لجماعة مسلحة متمردة، كانت بالأمس القريب تخوض ضده 6 حروب، آخرها قبل 5 سنوات عام 2010.

لقد ثبتت الحركة الحوثية قبضتها على مقر قيادة الجيش في وزارة الدفاع بصنعاء، وأصبحت هي السلطة الحاكمة بقوة السلاح، وهو ما قوبل برفض المحافظات الجنوبية والشرقية بما فيها من السلطات الرسمية والقيادات العسكرية. وبعد نجاح الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي في كسر الإقامة الجبرية التي فرضتها الجماعة عليه وذهابه إلى عدن، فإن الأسئلة التي تتكرر في الشارع اليمني تتمحور حول، ما تبقى من الوحدات العسكرية، وكيف انهارت معسكرات الجيش بسهولة أمام جماعة صغيرة، ولماذا لم يقم الجيش بمهمته الأساسية في الدفاع على وطنه وشعبه وقيادته.

تعددت الروايات حول سبب انهيار الجيش، لكنها في مجملها تتقاطع في 3 أسباب رئيسية، وهي الخيانات والفساد، وتعدد الولاء، وبحسب عسكريين ومسؤولين فإن هذه الأسباب كانت تتحكم في مؤسسة الجيش طوال أكثر من 3 عقود، يقول رئيس جهاز الأمن القومي الدكتور علي الأحمدي في تصريح صحافي سابق قبل هجوم الحوثيون على القصور الرئاسية والمعسكرات التابعة لها، إن «تهاوي بعض وحدات الجيش والأمن أمام الحوثيين كان ناتجا عن خيانات واختراق في هذه الوحدات، بدأ من معركة الاستيلاء على عمران، حيث رفضت بعض هذه الوحدات نجدة اللواء 310 مدرع، واستسلمت وحدات الأمن الخاصة في الطريق إلى عمران، وتقهقرت وحدات من قوات الاحتياط وقوات المنطقة السادسة، ولم تتجاوز جبل ضين، وهي التي كانت مكلفة بالالتحام باللواء 310 في محافظة عمران».

وقد مثلت عمران بداية سقوط وانهيار الجيش الذي صمد أكثر من 7 أشهر في مواجهة الحوثيين دون أي تعزيزات أو مساندة، فيما كان وزير الدفاع السابق اللواء محمد ناصر أحمد، يكرر القول إن قواته ستكون محايدة، وقد كشفت مصادر عسكرية كثيرة عن مشاركة وحدات عسكرية مع الحوثيين، من الموالين للرئيس السابق، وهي التي تمكنت من اقتحام اللواء 310.

وبحسب روايات متواترة، فقد تعرض قائده اللواء حميد القشيبي، الذي يعد ثالث رجال الجيش المؤيدين للثورة الشبابية التي أطاحت بصالح، لخيانة وخديعة، حيث تلقى توجيهات من وزارة الدفاع بتسليم معسكره للجنة عسكرية من الشرطة العسكرية، التي لم تكن سوى غطاء للحوثي لاقتحامه ونهب أسلحته الثقيلة، والسيطرة على محافظة عمران بوابة صنعاء الشمالية، وتمكنوا من قتله والتمثيل بجثته، ولم يصدر الرئيس عبد ربه منصور هادي أو الحكومة أو قيادة أركان الجيش، أي بيان رسمي أو رسالة عزاء في مقتل قائد عسكري نظامي، ما يعزز الرواية حول أن حرب عمران لم تكن سوى بداية مخطط وضعته أطراف كثيرة بهدف التخلص من الجيش المؤيد للجنرال علي محسن الأحمر.

اقتحم الحوثيون صنعاء بأكثر من 20 ألف مسلح، في سبتمبر (أيلول) 2014، ثم سيطروا بمساندة جنود الحرس الجمهوري وقبائل صالح، على القصر الجمهوري ودار الرئاسة في منطقة النهدين، ثم اقتحام منزل الرئيس هادي، ورفض قادة ألوية الاحتياط الدفاع عن رموز الدولة، بحسب قائد عسكري.

ويضيف «لماذا لم تدافع وحدات الجيش من قوات النخبة في قوات الاحتياط والقوات الخاصة وقوات الأمن المركزي وغيرها من الفصائل الموجودة في صنعاء عن الدولة ورموزها؟، ولماذا لا يهاجم الحوثي معسكرات قوات الحرس الجمهوري؟»، ويجيب «كان الحوثيون أداة للرئيس السابق للانتقام من خصومه التاريخيين الذين أسقطوه في 2011. وهم الجنرال علي محسن الأحمر، وحزب الإصلاح، وآل الأحمر»، مؤكدا أن «الحروب الستة التي خاضها الجيش ضد الحوثيين خلال الفترة(2004 - 2010)، تهدف أساسا إلى القضاء على قوات الفرقة التي كانت تمثل عائقا أمام توريثه الحكم لنجله العميد أحمد الذي كان يقود وحدات الحرس الجمهوري آنذاك»، مشيرا إلى أن «أغلب المعسكرات والوحدات التي تعرضت للنهب على يد الحوثيين كانت لقوات المنطقة العسكرية الشمالية الغربية التي كان يقودها الجنرال الأحمر».

* قصة الانهيار
* انعكس الولاء الشخصي، والقبيلة، والمذهب، والمناطق، والمصالح، داخل الجيش على قدرة الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي في التحكم به، إذ وجد نفسه قائدا لجيش لا يدين له ولا للوطن، بالولاء ما عدا بعض الوحدات أو القادة الذين تم استبعادهم من مناصبهم بسبب مواقفهم الوطنية، وعدم رضوخهم للولاءات الشخصية، وقد كانت أحداث 20 يناير (كانون الثاني) الماضي في محيط دار الرئاسة بصنعاء أكبر دليل على عدم انصياع الجيش لأوامره حيث تم التخلص من الوحدة العسكرية الرئاسية التي يترأسها جنوبي، وهو ما يفسر كيف سقطت المدن في يد الحوثي ؟، وبحسب حديث قائد عسكري كبير شارك في مواجهة الحوثيين في صعدة وعمران، فإن السبب الرئيسي في انهيار الجيش هو البناء الشخصي والولاء الأسري، مؤكدا ل«الشرق الأوسط» أن «وزير الدفاع السابق اللواء محمد ناصر أحمد كان له الدور الأبرز لاستكمال الإجهاز على ما تبقى من ما كان يسمى بجيش»، ويضيف «كان انهيار الجيش وبروز الروح السلبية في الأغلب وبعض الخيانات نتيجة طبيعية لتركيبته غير الوطنية».

وكان أول قرار يصدره الحوثيون فور سيطرتهم على مقر قيادة الجيش والرئاسة هو تكوين لجنة أمنية عليا للتحكم بأجهزة الجيش والأمن التي تحت سيطرتهم، وكلفوا الوزير المستقيل اللواء محمود الصبيحي برئاستها الذي خيب كثيرا من توقعات الشارع حول الرجل بوصفه قائد الجيش الرافض لوجودهم أثناء قيادته للمنطقة العسكرية الجنوبية سابقا، ويبدو أن الجماعة تدرك جيدا أنها عاجزة عن قيادة الجيش الذي أعلنت أغلب فصائله في الجنوب والشرق والوسط رفضها تلقي أي أوامر منهم، وقد استغلوا الصبيحي بعدها بأيام ليصدر أكثر من 14 قرارا بتعيينات في مناصب قيادية هي من اختصاص رئيس الجمهورية ومن بين الأسماء شخصيات متهمة بالفساد وموالية لصالح، والبعض منهم متهم في قضايا إرهابية سابقة.


يقول أحد المسؤولين الذين كانوا يشغلون مناصب في الصف الأول للدولة ل«الشرق الأوسط»: «لم يكن لدينا جيش مؤسسي بالمعنى المتعارف عليه في العالم، وفي الوعي الاجتماعي تعامل اليمنيون على أن الانضواء في الجيش هو تخصص لمناطق معينة في اليمن، وهو كان مفهوما سائدا في شمال اليمن وجنوبه على السواء، وهو نوع من التوزيع المهني الذي ساد عبر مراحل تاريخية».

ويتابع: «ينتمي أغلب أفراد الجيش للمناطق الزيدية في شمال الشمال خاصة مع تحجيم التجنيد من المحافظات الجنوبية، وهذا كله جعل وظيفة الجيش في ذهنية قيادته ومنتسبيه تتمثل في حماية النظام وليس السيادة، ما أدى بشكل تلقائي لبنية غير وطنية للجيش منذ أمد طويل استمرت دون أن تنجح حتى ثورتا 26 سبتمبر و14 أكتوبر (تشرين الأول) في تجاوزها».

ويضيف «وفي مراحل لاحقة وفي إطار استحواذ الرئيس السابق صالح على الجيش بدأ في سنوات حكمه الأخيرة في تحجيم سيطرة القادة من أبناء قبيلته وقريته على الجيش لمصلحة أفراد أسرته المقربين، ولولا أن صالح انصاع في 2011، للخروج من الحكم بسلام بسبب عدم ثقته بأن جيشه سينجح في قمع الاحتجاجات أو الانتصار في حال نشوب صراع مسلح على السلطة لدخلت البلاد في حرب أهلية طاحنة»، مشيرا إلى أن «أهم نقلة حدثت في بناء الجيش تمت في عهد صالح بعد حرب 94، ولو كان التوجه استمر في بناء جيش وطني حقيقي لتحقق إنجاز عظيم يحسب له، حيث كان يتم الإنفاق عليه بسخاء، ومن ناحية تم الاستعانة بكوادر وخبراء أردنيين وعراقيين وأميركان وروس في عملية البناء والتأهيل كما كان لافتا إنشاء المؤسسات الأكاديمية الخاصة بالجيش، وكان لدينا بنية أساسية معقولة تحتاج البناء عليها لو استقرت الأوضاع».

من جانبه يقول العميد خالد خليل، رئيس عمليات المنطقة العسكرية الخامسة وعضو مؤتمر الحوار الوطني «إن تركيبة الجيش ليست بعيدة عن التركيبة القبلية للمجتمع».

وأضاف: «خلال العقود الماضية كان الانضمام للجيش اليمني كبيرا جدا وخصوصا من القبائل والمناطق المحيطة بالعاصمة صنعاء وقد يصل إلى حد 70 في المائة من قوام الجيش، بينما 30 في المائة من بقية المناطق الأخرى، ما زاد من ضعف تكوين وتنظيم الجيش وأصبح شبه كانتونات عسكرية قبلية، لهذا نجد أن الجيش أصبح ذا ملكية خاصة سواء لقادة وحدات أو لزعماء قبائل».

مؤكدا أن «عدم الدمج الحقيقي لوحدات الجيش على أسس وطنية بعد تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990 كان له تأثيره في بنية القوات المسلحة اليمنية»، موضحا أن «المناطقية كان لها دور في بناء وتنظيم وحدات الجيش دون النظر إلى الكفاءة العلمية أو العملية أو التخصصية».

فيما يرى محمد طاهر انعم، عضو فريق الجيش والأمن بمؤتمر الحوار الوطني أن «انهيار كثير من قطاعاته وألويته، لا يعد أمرا مستغربا، كون الجيش اليمني كان طوال عقود سابقة مؤسسة ينخرها الفساد لأسباب متعددة». وقال: «هذا الانهيار يتحمل مسؤوليته في المقام الأول الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي حصل هذا التمزق والافتراق الخطير في عهده وتحت سمعه، ولم يقم بما يلزمه القيام به تجاهه».

ويكشف أحد رجال الأعمال عن استغلال ضباط للجيش من الحرس الجمهوري، في الكسب غير الشرعي، يقول التاجر الذي طلب إخفاء هويته، إنه فوجئ بطلب ضباط تقاسم إحدى صفقاته التجارية الخاصة بالنفط وهددوا بمنعه من الصفقة في حال رفض، وهو ما أجبره على التحايل عليهم والقول إن الصفقة تتبع أولاد الشيخ عبد الله حسين الأحمر وهو ما أربكهم وسمحوا له بالحصول على الصفقة مناصفة بينهما، وتعكس هذه الحادثة حجم الفساد الذي ينخر هذه المؤسسة.

وذكر أحد الصحافيين الاستقصائيين، محمد عبده العبسي، ما سماه الثقب الأسود في جهاز الدولة المتمثل في دائرة الإمداد والتموين التابعة لوزارة الدفاع، حيث يخصص لها من موازنة الدولة نحو 129 مليار ريال (600 مليون دولار)، وهي موازنة تفوق موازنة 13 وزارة، بما فيها التعليم والصحة، والجدير ذكره أن هذه الدائرة كان مديرها وزير الدفاع السابق.

ويعتبر اللواء طيار حاتم أبو حاتم (متقاعد) أن «مخرجات الحوار الوطني، أوجدت معالجات للاختلالات التي يعيشها الجيش في ظل الأسماء الوهمية سواء للأفراد أو الضباط»، موضحا أن «الجيش حسب الأرقام ما يقارب 500 ألف مع أن العاملين في الميدان ما يقرب 100 ألف فقط وأن الرتب العليا هي الأكثر من ذلك».

وبين من أبرز المشاكل التي عاشتها وما تزال المؤسسة العسكرية هي «الانقسام الحاصل في الجيش، والولاءات التابعة لمراكز النفوذ، وبالذات للحاكم السابق، الذي حرص أن يكون الجيش كله شكليا ووهميا».

وقال: «ظهور الحوثيين (أنصار الله) في هذه الفترة سيزيد من جهل وتخلف الشعب، وجيشه واتضح ذلك من الكثير من القرارات الخاطئة وغير اللائقة مهنيا في اتخاذها، وتعيد عصور الإمامة والسلطوية والجهوية على شعب اليمن التي لا تعترف إلا بلغة السلاح ولا يجيدون الحوار والمنطق وتوقعاتنا سيزداد الأمور سواء أكثر مما هو عليه الآن».

خريطة الجيش اليمني
* قبل 53 عاما، وضع قادة ثورة 26 سبتمبر من «الضباط الأحرار» الذين قضوا على حكم أسرة حميد الدين في الشمال في أولوياتهم، بناء جيش وطني قوي، وهي نفس الأهداف التي وضعها ثوار 14 أكتوبر في الجنوب، لكن الحكومات المتعاقبة في اليمن شماله وجنوبه، تجاهلت ذلك وبنت جيشا ولاؤه الأكبر للسلطة الحاكمة، التي كانت تسارع في إجراء تغييرات عميقة في تكويناته بما يحقق لها الولاء المطلق وإقصاء المخالفين لها.

تتوزع قوات الجيش وفق آخر هيكلة أجريت عليه عام 2012. على 5 تشكيلات هي: القوات البرية، وتشمل 7 مناطق عسكرية، والقوات البحرية والدفاع الساحلي، والقوات الجوية والدفاع الجوي، وقوات حرس الحدود، والاحتياط الاستراتيجي، والتي تضم وحدات الحرس الجمهوري، والعمليات الخاصة وتشمل 5 ألوية، إضافة إلى ألوية الصواريخ والألوية الرئاسية.

ويعتبر رئيس الجمهورية وفقا للدستور هو القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن، وجاء ترتيب الجيش اليمني، في المرتبة 43 عالميا في قائمة أقوى جيوش العالم لعام 2013. التي يعدها سنويا موقع «غلوبال فاير باور» المتخصص في مجال التسلح وفي المرتبة الخامسة عربيا بعد مصر والسعودية والجزائر وسوريا، وتنفق الحكومة سنويا في موازنتها على الجيش نحو 1.07 مليار دولار، ما نسبته 2.9% من الناتج المحلي الإجمالي، ويبلغ عدد أفراده نصف مليون جندي تقريبا، مع توقعات بوجود مثلهم كأسماء وهمية ضمن عمليات الفساد التي استفاد منها قادة عسكريون.

وظل الجيش موزعا بين قوتين رئيسية هما: الفرقة الأولى مدرع بقيادة اللواء علي محسن الأحمر والحرس الجمهوري والقوات الخاصة بقيادة العميد أحمد نجل الرئيس السابق صالح، وبقي قسم آخر تابع لوزارة الدفاع يضم وحدات قليلة التأهيل والتسليح.

* قوات الفرقة
* تتكون من نحو 21 لواء، 5 ألوية رئيسية كانت تتبع الفرقة، فيما تتوزع بقية الوحدات على ما كان يسمى المنطقة الشمالية الغربية، وكانت تحت قيادة اللواء علي محسن الأحمر الرجل الثاني في عهد الرئيس صالح، وقد انشق عنه عام 2011، وتولى قيادة جيش أنصار الثورة المؤيد لثورة الشباب، ليتم التآمر عليه من قبل جماعة الحوثي وصالح، وانتهى به المطاف في 21 سبتمبر 2014. خارج البلاد، بعد رفضه قيادة المعركة ضد الحوثيين، وتم اقتحام معسكراته ونهب أسلحته، ولم يسلم أي معسكر تابع له إلا الوحدات التي تم نقلها إلى محافظات جنوبية والتي لا تخضع لسيطرة الحوثيين.

وقد ذكر الكاتب الصحافي مروان الغفوري، في توثيقه لكيفية انهيار معسكرات الفرقة بالقول: «إنه مع أول اقتحام ناجح قامت به ميليشيات الحوثي للعاصمة صنعاء كان قائد المنطقة السادسة، اللواء الحاوري، وهو قائد عسكري موال لصالح وللحوثيين معا، أمر بسحب كل النقاط العسكرية وفتح عشرات الطرق أمام الميليشيا، لقد تبخ�'رت المنطقة العسكرية في وضح النهار ولم يبق منها سوى أسوار شاهقة وموصدة من الداخل على العربات والأفراد».

* قوات النخبة
* تتكون وحداتها من 40 لواء عسكريا تقريبا، بما فيها القوات الخاصة والتشكيلات العسكرية المختلفة وتتركز أغلبها في محيط العاصمة صنعاء والمحافظات والمناطق النفطية والاقتصادية مثل عدن وتعز ومأرب والحديدة وذمار وحضرموت، كان يقودها العميد أحمد نجل صالح وتدين بالولاء لهمها، وهي الوحدات العسكرية التي لم تتعرض للانهيار أو الاستنزاف، أو المواجهة مع الحوثيين، وقد فشل الرئيس هادي في استقطاب قادة هذه الوحدات أو تغيير ولائها، وأغلب قادتها ينتمون إلى بلده سنحان مسقط رأس صالح، ومنطقة آنس في ذمار المحاذية لها.

تتمركز هذه الوحدات في المناطق الحيوية في البلاد وتتخذ من جنوب العاصمة بمنطقة السواد، مقرا لقيادتها وتضم في صفوفها قوات النخبة التي تتمثل في القوات الخاصة ومكافحة الإرهاب إلى جانب قوات الحرس الجمهوري التي تتمتع بالتدريب والتسليح الحديث، وتعد هذه الوحدات ذات تسليح متطور، وتشير مصادر عسكرية إلى أن صالح كان يدير هذه القوات حتى وهو خارج السلطة عبر القادة الذين يدينون له بالولاء، والذين رفضوا مطلع العام الحالي تنفيذ أوامر الرئيس هادي للدفاع عن العاصمة والقصور الرئاسية. وقبل نحو أسبوع اندلعت مواجهات عنيفة بين الحوثيين ومعسكر الصباحة وهو أحد أكبر معسكرات القوات الخاصة في محاولة للسيطرة عليه.

وتضاربت الأنباء حول صحة سيطرتهم عليهم، ليظهر زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي في خطابه الأخير معتذرا لحزب المؤتمر عن هذه المواجهات، وقال إنها «حادثة عارضة ولا تستهدف إخوتنا في المؤتمر الشعبي العام»، وهذه أول مرة يتحدث فيها زعيم جماعة عن تبعية قوات عسكرية لحزب سياسي، وقد يكون ذلك محاولة منه لخلط الأوراق وبعث رسائل تهديد لحليفه صالح الذي يحتفظ بهذه القوات، لكن السؤال الذي يطرح نفسه إلى متى يستمر هذا الحلف؟.

فأغلب المراقبين يتوقعون أن تكون المواجهة القادمة هي بين صالح والحوثيين وستكون أعنف من السابق، ويتوقع مراقبون أنها ستتركز في المناطق الزيدية، وقد كشف قائد عسكري كبير عند سؤاله عن ترسانة الحرس بعد انقلاب الحوثيين، فقال: «يكفي 30 في المائة منها لتحرير اليمن بأكمله».

* قوات وزارة الدفاع
* تتكون هذه الوحدات في أغلبها من بقايا الجيش الجنوبي الذي انهار بعد حرب 1994، بين الشمال والجنوب، وأغلب أفرادها كانوا يتبعون ما تبقى من جيش في الجنوب وتضم جنودا من المنتمين إلى مناطق غير زيدية، وتسليحها ضعيف وكذلك التدريب وتتوزع في مناطق بعيدة عن مراكز المدن الرئيسية وهي عبارة عن ألوية مشاة ومكانيك واستطلاع وإمداد فضلا عن قوات البحرية وغيرها من التشكيلات التي تعتبر مساندة للجيوش.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.