رئيس رابطة الليغا يفتح الباب للتوسع العالمي    يوكوهاما يصل لنهائي دوري أبطال آسيا    إصابة طفلين بانفجار لغم من مخلفات مليشيا الحوثي الإرهابية بشبوة    في اليوم 201 لحرب الإبادة على غزة.. 34262 شهيدا و 77229 جريحا    وزارة الداخلية تعلن الإطاحة بعشرات المتهمين بقضايا جنائية خلال يوم واحد    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    رئيس الاتحادين اليمني والعربي للألعاب المائية يحضر بطولة كأس مصر للسباحة في الإسكندرية    عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية المطلق يقدم العزاء في وفاة الشيخ الزنداني    تحالف حقوقي يوثق 127 انتهاكاً جسيماً بحق الأطفال خلال 21 شهرا والمليشيات تتصدر القائمة    توجيهات بالاستعداد القتالي في حضرموت وتحركات لعضو مجلس القيادة الرئاسي    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    المهرة يواصل مشاركته الناجحة في بطولة المدن الآسيوية للشطرنج بروسيا    الذهب يستقر مع انحسار مخاوف تصاعد الصراع في الشرق الأوسط    تحذير حوثي للأطباء من تسريب أي معلومات عن حالات مرض السرطان في صنعاء    خبير أرصاد يحذر: منخفض الهدير في اليمن ليس الأول ولن يكون الأخير (فيديو)    أول قيادي مؤتمري موالي للحوثيين بصنعاء يعزي عائلة الشيخ "الزنداني" في وفاته    تغير جديد في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    ترتيبات سعودية عمانية جديدة بشأن اليمن.. وجولة مفاوضات مرتقبة بين السعودية والحوثيين    بشرى سارة للمرضى اليمنيين الراغبين في العلاج في الهند.. فتح قسم قنصلي لإنهاء معاناتهم!!    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    شعب الجنوب أستوعب صدمة الاحتلال اليمني وأستبقى جذوة الرفض    فلنذكر محاسن "حسين بدرالدين الحوثي" كذكرنا لمحاسن الزنداني    رشاد العليمي حاقد و"كذّاب" تفوّق على من سبقه ومن سيلحقه    شيخ بارز في قبضة الأمن بعد صراعات الأراضي في عدن!    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    دوري ابطال آسيا: العين الاماراتي الى نهائي البطولة    كلية القيادة والأركان بالعاصمة عدن تمنح العقيد أديب العلوي درجة الماجستير في العلوم العسكرية    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    نزوح اكثر من 50 الف اثيوبي بسبب المعارك في شمال البلاد    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    بن دغر يوجه رسالة لقادة حزب الإصلاح بعد وفاة الشيخ عبدالمجيد الزنداني    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مكان وموعد تشييع جثمان الشيخ عبدالمجيد الزنداني    التضامن يقترب من حسم بطاقة الصعود الثانية بفوز كبير على سمعون    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    ديزل النجاة يُعيد عدن إلى الحياة    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    ارتفاع الوفيات الناجمة عن السيول في حضرموت والمهرة    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الزنداني يكذب على العالم باكتشاف علاج للإيدز ويرفض نشر معلوماته    الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تفعل هذا الأمر    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    المواصفات والمقاييس تختتم برنامج التدريب على كفاءة الطاقة بالتعاون مع هيئة التقييس الخليجي    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة اليمنية تدفع ثمن فاتورة الحرب
تجسد روح المثابرة والصمود ..
نشر في أخبار اليوم يوم 02 - 05 - 2019

كانت ولا زالت المرأة اليمنية، رمزًا أصيلًا، جسّد- مع مرور الزمان- روح المثابرة والصمود أمام كافة العقبات والتحديات، التي شكلت يومًا ما حاجزًا بينها وبين مفردات الحرية والاستقلالية والكفاح في سبل الحياة المختلفة.
وبرغم ما تعانيه المرأة اليمنية كمثيلاتها في البلدان العربية من صعوبات في حياتها اليومية، إلا أنها تنفرد بقدسية لدى الرجل اليمني, كرَّستها العادات والتقاليد, والموروث الثقافي والتاريخي اليمني الهائل, الذي يُعلي من قيمة المرأة.
كل ذلك تغير على يد الميليشيات الحوثية, التي ألحقت بالمرأة اليمنية انتكاسة كبيرة، هي الانتكاسة التي لم تقف عند تدمير كل ما كانت أنجزته نساء اليمن خلال عقود، بل جعلتها الضحية الأبرز للحرب والانقلاب معاً.
حيث عمقّت ميليشيا الحوثي مأساة المرأة اليمنية بالتسبب في فقدان عشرات الآلاف منهن لأزواجهن وذويهن، ما أجبر العشرات من النساء على تحمل مسؤولية تدبر الحياة المعيشية, والقيام بمهمات إضافية في رعاية العائلة، بما في ذلك العمل على تلبية حاجياتها من خلال استخدام بدائل بدائية وشاقة ومرهقة, بالإضافة لتحمل ألوانا من العذابات وصنوفاً من الشقاء.
أرهقني واقع الحال:
لاتزال المرأة تدفع ثمن فاتورة الحرب، حيث أصبحت إما مقتولة, أو أرملة لفقدان الآلاف لأزواجهن, أو متسولة بعد أن دفعهن الفقر للخروج إلى الشوارع لمد أياديهن من أجل لقمة عيش, تبقيها هي وأسرتها على قيد الحياه , أو العمل في مهن هامشية لكسب لقمة عيشها, وتسديد احتياجات اسرتها.
(أم أيمن)- إحدى النساء الآتي انتهكت المليشيات الحوثية حقها في الحياة الكريمة- حيث قتل زوجها في إحدى جبهات القتال, فلم يكن لديها خيار إلا كسر فترة العدة مبكرا, والخروج للبحث عن وسيلة لكسب الرزق وإطعام أطفالها السبعة.
(أرهقني واقع الحال).. بهذه العبارة الحزينة بدأت حديثها معي قائلة:
قمت ببيع المناديل الورقية وقناني المياه المعدنية في شوارع صنعاء, إلا أن ذلك لم يستمر طويلاً, حيث تعرضت- في كثير من الأوقات لمضايقات من ضعيفي النفوس- بالإضافة إلى أنه تمر عليّ أيام أرجع فيها إلى أولادي بدون طعام, مما اضطرني- في مرات كثيرة- لإراقة ماء وجهي, وطلب المساعدة من الآخرين.
الحوثية تشكل خطراً على المجتمع:
تعاني المرأة اليمنية منذ زمن طويل، من انتهاكات وتجاوزات لحقوقها المدنية، فهي وبحسب التقارير الدولية تحتل أدنى المراتب وأسواها في الحقوق, وتأتي في المراكز الأخيرة عالميا، غير أنه وفي ظل حكم الانقلابيين وسيطرتهم على بعض المدن اليمنية, كشف عن صورة أكثر مأساوية تعيشها المرأة اليمنية, أبرزها فقدان حقها في الحياة, وعمليات قمع وهدر لكرامتها, وتعرضها للتشريد والتهجير, واتساع رقعة الفقر بين النساء خاصة, وجعلهن أكثر عرضة للتعدي على حقوقهن, وانتهاكات أخرى لا حصر لها.
تحدثنا التربوية (أميمة) عن معاناة المرأة قائلة: المرأة اليمنية اليوم في ظل سيطرة الحوثيين تعيش حالة القلق والخوف بشكل مستمر على سلامة أسرتها, الذين قد يتعرضون للاعتقال والإخفاء القسري ثم التعذيب والتنكيل, مبينة أن تلك الحالة باتت موجودة في كل بيت، وأن النساء تعرضن خلال فترة الأربع سنوات التي مضت لأبشع الانتهاكات على مدى التاريخ اليمني..
وأضافت (أميمة) إن المليشيا الحوثية تشكل خطراً على المجتمع, وقيم التعايش والسلام, وتمثل تهديداً متنامياً يسعى لطمس هوية اليمن, وفرض هوية طائفية دخيلة على المجتمع اليمني.
وتابعت حديثها بقولها:
الحوثي لم يحترم عرف وعادات وقيم المجتمع, وحتى لم يحترم الدين الإسلامي الذي يتغنى به، ليعرف مكانة المرأة وتقديرها, التي وضعها الله بأن شرفها أن تكون أمهات الأنبياء.
ربات أسر بدون معيل:
منذ احتلال الحوثيين للسلطة والحرب تحصد الأخضر واليابس, وتحصد معها حياة مئات آلاف العوائل, حيث لم يعد يوجد في اليمن اليوم، أي برنامج حكومي لدعم الأرامل وأطفالهن بعد توقف التمويل الخارجي كلياً عن الصندوق الاجتماعي للتنمية, فقد أوقف الصندوق 283 مشروعاً تضع الأرامل على رأس أولويات برامجها التي توفر فرص عمل تناسبهن. كذلك، توقف دفع الإعانات المالية الدورية لأكثر من مليون أسرة فقيرة.
حتى الجمعيات الخيرية لم تسلم من عبث الحوثيين, حيث تم إيقاف عمل معظم الجمعيات الخيرية التي تدعم الأرامل وأطفالهن الأيتام, والأسر الفقيرة, وهو ما يزيد من صعوبة الأوضاع الحالية, خصوصاً مع ازدياد أعدادهم.
أم عبدالغني، واحدة من آلاف النساء الأرامل اللواتي وجدن أنفسهن ربات أسر بلا معين، وسط حرب تسببت في توقف ما كانت تجود به المنظمات والجمعيات الخيرية, ورجال الخير لهذه الفئة الاجتماعية، وضعف دور المنظمات الدولية في تقديم المساعدات الإنسانية, خصوصا مع زيادة حالات النزوح واتساع دائرة الاقتتال.
تمر أم عبد الغني كل صباح على الأسواق لتأخذ المخلفات الملقية من الكراتين الخاصة بالبضائع, لتستفيد منها في طهي طعامها, بعد أن وجدت نفسها غير قادرة على شراء غاز الطهي منذ أكثر من عام.
تحدثني بصوت لا يكاد يسمع، بسبب ثقل الحمل الذي على رأسها:
عن ماذا أتحدث, ألا يكفيك ما ترينه بعينيك؟ وبدأت تدعو- بقلب محرق- على الحوثيين الذين كانوا سببا في إخراجها من بيتها وإذلالها كما ذكرت.
تتابع حديثها قائلة: انقطع الراتب الذي كنت أستلمه من إحدى الجمعيات الخيرية -رغم أنه مبلغ بسيط- إلا أنه كان يخفف عليّ جزءاً من الحمل، والله إنني أتمنّى الموت كل يوم.
وعندما سالتها عن زوجها, أخبرتني أنه قتل قبل سنتين بغارة جوية.
جرائم ضد الإنسانية:
كشفت المنظمة اليمنية لمكافحة الإتجار بالبشر, أن هناك المئات من النساء معتقلات بسجون الحوثيين، وأنهن يتعرضن لصنوف من التعذيب والانتهاكات خلال التحقيق معهن.
وأكدت أن النساء يتم أخذهن عنوة من المنازل والأسواق بتهم مختلفة ونقلهن إلى سجون سرية, وبعضهن يتم إخفائهن قسريا لشهور بهدف إجبارهن على دفع مبالغ مالية مقابل الخروج من السجن.
كما أكدت وكالة "الأسوشيتدبرس" فى تقرير لها أن عمليات اعتقال النساء تعسفيا بدأت بشكل موسع منذ تعيين شخص يدعى (سلطان زابن) رئيساً لقسم التحقيقات الجنائية بصنعاء، فيما أكدت منظمات حقوقية يمنية أن ضحايا الحوثيين من النساء 274 امرأة خلال 6 أشهر فقط, من بينهن 122 مصابة و129 قتيلة و23 مختطفة.
في هذا السياق تحدثت الناشطة الحقوقية (فايزة الكمال), أن مليشيا الحوثي تجاوزت بانتهاكاتها بحق المرأة اليمنية كل الشرائع والدساتير والقوانين وحتى الأخلاقيات, مؤكدة قيام عناصر المليشيات باختطاف النساء في اكثر من محافظة, واجبار أهاليهن على تزويجهن بالقوة لمقاتليهم.
وأوضحت أن مليشيا الحوثي قامت بتجنيد المئات من النساء، واستخدمتهن في العمليات العسكرية واقتحام منازل المناوئين لها، في حين أن نحو مليون ونصف المليون امرأة محرومة من الخدمات الصحية, في المحافظات الخاضعة لسيطرتهم,
ونصف مليون امرأة أخريات يعانين من الأمراض المستعصية، ويصعب توفير العلاجات اللازمة لهن، بسبب قيام الانقلابيين بفرض الحصار على هذه المحافظات, ووضع عراقيل أمام عمل المنظمات الدولية.
وأضافت الناشطة الحقوقية (فايزة الكمال) أن الضرر النفسي الذي لحق بالمرأة اليمنية خلال هذه الفترة السوداوية, كان من أشد الانتهاكات الجسيمة التي نالته من قبل مليشيا الحوثي, إذ أن الكثير من المعنيين والمتخصصين, يؤكدون أن الجروح التي زرعها الحوثيون في قلوب النساء, ستظل تنزف لسنوات طويلة ولن تندمل..
وشهد شاها من أهله
تتكشف يوماً بعد يوم جرائم جماعة الحوثي الانقلابية، حتى أن أصواتاً من داخل الجماعة بدأت تتعالى انتقاداً لجرائم الاختطاف واحتجاز النساء، بصورة غير قانونية في أقسام الشرطة.
فقد نشر الناشطان الحوثيان (محمد الديلمي، وعصام العواوي) رسالة موجهة إلى المفتش العام بوزارة داخلية الحوثيين، تضمنت معلومات عن تعرض عشرات النسوة للاختطاف من قبل العميد/ سلطان صالح عيضة زابن، المعين من قبل الجماعة مديراً للبحث الجنائي بأمانة العاصمة.
وأشار الديلمي إلى أن مدير البحث الجنائي في صنعاء, قام بإحالة 8 نساء إلى النيابة المختصة، إلا أن الأخيرة اضطرت لإحالتهن إلى السجن المركزي بعد أن عجزت عن البت في ملفاتهن بسبب عدم وجود أدلة، كما رفضت النيابة استقبال عشر أخريات قام بتحويلهن (زابن) لعدم توفر الأدلة، الأمر الذي دفعه لاستئجار فلة في شارع تعز بصنعاء، وتحويلها إلى معتقل للنساء المختطفات , حيث يقوم بالمتاجرة بأعراض اليمنيات، واستباحة أموال وأعراض ودماء وكرامة الناس, مشيرا إلى انه حقق من وراء ذلك ثروة كبيرة.
أيضا تحدث الإعلامي الحوثي( الكرار المراني) في تغريدة على حسابه في تويتر- عن قيام سلطة الحوثيين باستخدام النساء للإيقاع بالناشطين والإعلاميين, وقال إن هذه الطرق القديمة والحقيرة لا تجدي معنا يا أنذال، في إشارة منه لجماعته، مهددا بالتخلي عنها.
وتعليقا على كلام الكرار اليماني، قال عضو اللجنة الثورية العليا (محمد المقالح) في تغريدة له على حسابه في تويتر, إن لديه يقين بأن سلطات الأمن القومي والمباحث في صنعاء, تستخدم النساء ضد من أسماهم الأحرار، كما تقوم بتلفيق مكالمات غزل للإيقاع بالناس.
وأضاف: أي انحطاط وصل إليه القوم، لعنة الله عليها سلطة تقوم على أساس استخدام الدعارة وسيلة لتثبيت ملكها المزعوم.
خوف وألم وحاجة:
ولا تقتصر معاناة النساء في اليمن عند ظروف النزوح ومشاعر الخوف من عمليات القصف، بل تزداد قساوة في ظل انقطاع الخدمات العامة، مما يدعوهن للقيام بمهمات شاقة وإعالة أسرهن بدلاً عن أزواجهن, الذين إما فقدوا في الحرب أو سرحوا من أعمالهم وتحولوا إلى عاطلين.
بنبرات حزن, وأنفاس متقطعة نتيجة سحبها للكيس الأكبر من حجمها, والمليء بالمخلفات البلاستكية, تحدثني (أم نبيل) قائلة:
لقد خسرت ولدي ذو 18 سنة بعد أن تم قنصه من قبل المسلحين الحوثيين وسط مدينة الحديدة, وقبلها يعام قتل زوجي الذي التحق في جبهات القتال, وما زلت أتذكر لحظات فراقهما.
لقد تغير حالنا, وما عدنا كما كنا في الحي الذي نسكن فيه, فهناك من توفى نتيجة المجاعة, وهناك من نزح إلى مدن مختلفة, بعد أن قام ببيع منزله بثمن زهيد, كما تزايدت جرائم سرقات المنازل في الأحياء, نتيجة هجرة البعض لمنازلهم هربا من الحرب.
وتواصل: الحرب أنهكتنا، لذا اضطررت كما الكثير فعل للفرار مع أولادي الثلاثة إلى صنعاء, ومازالت رائحة البارود تزكم أنوفنا, وها أنا ذا هنا لأحافظ على حياة أولادي.
اضطررت للبحث عن عمل ولكن بلا فائدة, لذا بدأت أعمل جمع مخلفات البلاستيك من الشوارع لأطعم أولادي الثلاثة.
صمت المنظمات الحقوقية:
إن هذا الاستهداف الواضح والممنهج لإذلال المرأة اليمنية، التي ارتبط اسمها منذ عهد ملكة سبأ بالنضال المتواصل, ضد الظروف المحيطة بها، جعل الكثير يستغرب الصمت الغريب من قبل المنظمات الدولية, حيال الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة اليمنية من قبل الجماعة الانقلابية.
يقول أحد أساتذة علم الاجتماع- والذي فضل عدم ذكر اسمه-: إن الصمت المطبق على المنظمات الحقوقية في صنعاء, يؤكد سبب وجودها في اليمن، مشيرا إلى أنها أصبحت وسيلة للارتزاق المالي, وليس لها علاقة بالقيم والمبادئ الانسانية .
وتساءل عن غياب دور منظمات المجتمع المدني المتخصصة في قضايا المرأة, والتي كانت تضج الساحة اليمنية بالبيانات والتنديدات والوقفات والاحتجاجات, لقضايا جندرية وحقوقية.
وأضاف عندما جاء الوقت الحقيقي للانتصار للمرأة اليمنية, صمتت كل الدعوات التي كانت تدعو لحقوق المرأة, وبشكل مخجل ومخز دون أن تصدر أي بيان يدين اي انتهاك طال النساء, وخصوصا الناشطات والإعلاميات ونساء المجتمع المدني.
بعد اختطافها اصدر حكم بإعدامها:
وصل العنف الاجتماعي الذي تمارسه مليشيا الحوثي تجاه المرأة اليمنية إلى ساحات المحاكم, ومنصات العدالة في جرائم ضد الإنسانية, فهي تستخدم سلطات القضاء الخاضعة لسيطرتها بصورة تعسفية ضد النساء.
مؤخر أصدر حكم إعدام بحق (أسماء العميسي) بتهمة التواصل مع العدوان, وهي التهم التي تلفقها لخصومها دوما.
وكانت ميليشيات الحوثي قد اعتقلت أسماء في 5 أكتوبر 2016 مع والدها واثنين من جيرانهما أثناء سفرهم من مدينة إب إلى صنعاء, وتعرضت للتعذيب والإخفاء القسري وسوء المعاملة قبل أن يصدر حكم بالإعدام ضدها.
إنه الهم الذي يقتلني كل يوم الف مرة:
ومع أن المرأة اليمنية تكافح من أجل صياغة أدوار خاصة بهذه المرحلة, على مستوى بناء استراتيجية الحياة التي تعيشها, للتعامل وفق معايير البقاء, إلا أن مسلسل تعرضها لأبشع أنواع الانتهاكات, وتحملها صنوف المعاناة في المناطق التي تسيطر عليها مليشيات الحوثي, من خلال استغلال أوضاعهن الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية المزرية, جعلها أكثر ضحايا الحرب جسدياً, ونفسياً, ومعنوياً.
(س. ع) إعلامية لها باع طويل في مجال الإعلام, فصلت من عملها, وانقطع راتبها نتيجة معارضتها للحوثيين, ففضلت ملازمة منزلها بعد الخدمة الطويلة التي أمضتها في وزارة الإعلام.
تحدثني قائلة:
لم أقلق بداية انقطاع راتبي, ودخلي الشهري الوحيد الذي كنت أعيل أسرتي به, وحدثت نفسي هي فترة بسيطة وكل الأمور ستعود كما كانت من قبل, والذي كان يطمني أن لدي مدخرات سنوات طويلة من الخدمة في مجال الإعلام, لاشك أنني سأستعين بها إلى أن تعود المرتبات, وتنتهي الحرب.. لكن الحرب لم تنته, والمرتبات لم ترجع, لتتفاقم معاناتي ومعاناة الموظفين الذين كان قطع مرتباتهم, أشد عليهم من الصواريخ والقذائف القاتلة.. إننا نموت كل يوم ولا مخرج يظهر في الأفق.
لقد أصبح الهم السائد لدى الكثير هو, كيف سأوفر قوت غداً لعائلتي؟ ومن أين سأدفع إيجار هذا الشهر؟ ومن أين سآتي بالمواصلات لأولادي ليذهبوا إلى الجامعة؟ ومن أين سأوفر مستلزمات دراستهم؟.. إنه الهم, الذي يقتلني كل يوم ألف مرة.
الجوف, خمسة آلاف حالة انتهاك ضد النساء:
كشف مكتب حقوق الإنسان في محافظة الجوف, عن رصده أكثر من 5 آلاف حالة انتهاك بحق المرأة من قبل ميليشيات الحوثي، في المحافظة منذ عام 2016 وحتى 2018.
وذكر المكتب في مؤتمر صحافي عقده بحضور وكيل المحافظة المهندس/ عبدالله الحاشدي، أن الانتهاكات شملت 20 حالة قتل، و83 إصابة، والتسبب في منع وحرمان 50 فتاة من الالتحاق بالتعليم في الكلية بمركز المحافظة، وإصابة 40 حالة بحالات نفسية نتيجة لانتهاكات.
كما سجل الفريق خمسة آلاف حالة نزوح وتهجير للنساء بمحافظة الجوف فقط، مشيرا إلى تواجد نحو 25 ألف أسرة نازحة من مختلف المحافظات.
وأضاف التقرير إن هناك العشرات من النساء اللواتي تعرضن للاحتجاز في مراكز التفتيش التابعة للميليشيات، ومنعن من المرور كونهن أقارب لأشخاص في الشرعية اليمنية، ما تسبب في تشتيت شمل الأسرة والعائلة، لافتا إلى أن الميليشيات ارتكبت الانتهاكات لحقوق المرأة شملت جميع المستويات الاجتماعية والصحية والتعليمية والاقتصادية.
لم يتركوا لفظاً قبيحاً إلا ونطقوه:
قصص كثيرة تحاكي حال الظلم والاضطهاد الذي تعيشه المرأة اليمنية, في ظل سلطة مليشيا تجردت من النخوة والأخلاقيات, وتعدت على الشرائع والأعراف بالاعتداء على النساء، والتي تزايدت في الآونة الأخيرة, إذ بلغ الأمر بتجرد هذه المليشيات من النخوة والرجولة، والأعراف والأخلاقيات، من خلال ممارستها لأبشع الانتهاكات بحق النساء, والاعتداء عليهن, واختطافهن, في سابقة لم يشهد لها التاريخ اليمني.
الناشطة وحدة ناشر، تعرضت للتهديد والشتم من قِبل الحوثيين في صنعاء, حينما هجموا على مقهى شبابي في منطقة حدة, وشتموا وضربوا أحد الشباب.
تصف( وحدة ناشر) دهشتها من تصرف الحوثيين معها بقولها:
(لم أستطع المشي من أمامهم, جميعهم يصرخوا في بوجهي: امشي قبل ما نسحبك يا.. قلت لهم أنا بالشارع العام، قال أصغرهم: الله يلعنك يا.. لم يتركوا لفظاً قبيحاً إلا ونطقوه).
وسط كل هذه الانتهاكات الحوثية بحق النساء اليمنيات، لا تزال المرأة صوت يصدح ضد الانقلاب, فهي- ومع كل انتهاك- يطولها من قِبل الانقلابيين تقاوم أكثر, وتُثبت للجميع أنها المرأة اليمنية التي قدمت الشهيد والجريح والمعتقل، وما زالت تناضل لانتزاع حق الحياة الكريمة, وحق الدولة المدنية.
نعم ما زالت المرأة اليمنية صانعة التحول والنضال الأسطوري الذي أذهل الجميع، حيث صنعت حق الاعتراف بمشاركتها في جميع المجالات منذ ثورة 11 فبراير وحتى اليوم، وقادت المظاهرات سابقاً، وقدمت الكثير من التضحيات, وصاغت حضورها الحقوقي, والسياسي, المحلي, والعالمي.
‏‫


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.