يبدو أن هناك بوادر لحل الأزمة في مصر، بعد توافق قوى سياسية أساسية على تشكيل لجنة لإعداد تعديلات دستورية في غضون شهر. وردد متظاهرون مصريون في ميدان التحرير أمس هتافات معادية لإيران ومرشدها السيد/ علي خامنئي بسبب تدخلها في الشؤون الداخلية.. مؤكدين أن مصر لن تكون إيراناً أخرى ولن تحكم شعبها المصري العظيم ديكتاتورية دينية كما في إيران.. وكان نائب الرئيس/ عمر سليمان، عقد صباح أمس، اجتماعات مع ممثلي الأحزاب والقوى السياسية بمن فيهم جماعة «الإخوان المسلمين» وبعض أعضاء لجان الحكماء، ومن ممثلي شباب 25 يناير. وذكر بيان صدر عقب الاجتماعات، أن كل أطراف الحوار توافقت على تقدير واحترام حركة 25 يناير، وعلى ضرورة التعامل الجاد والعاجل والأمين مع الأزمة الراهنة التي يواجهها الوطن، ومع المطالب المشروعة لشباب "25" يناير والقوى السياسية في المجتمع.. آخذين في الاعتبار التمسك بالشرعية الدستورية في مواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه مصر في أعقاب هذه الأزمة، مع الإقرار بأن الحركة «وطنية وشريفة». وأوضح أن أطراف الحوار الوطني اتفقت على عدد من الترتيبات السياسية والإجراءات الدستورية والتشريعية، توافقت في ما بينها على أن تكون ذات طبيعة موقتة ولحين انتخاب رئيس بعد انتهاء الولاية الحالية للرئاسة. وتابع البيان، أن «جميع أطراف الحوار أشادت بالدور الوطني المخلص للقوات المسلحة المصرية الباسلة في هذه المرحلة الدقيقة.. مؤكدين تطلعهم لمواصلة هذا الدور في استعادة الهدوء والأمن والاستقرار، وفي ضمان تنفيذ ما أسفرت عنه اجتماعات الحوار الوطني من توافق وتفاهمات». وأعلن الناطق باسم الحكومة مجدي راضي ل(ا ف ب)، انه «لم يكن هناك ممثلون للشباب» في جلسة الحوار «ولم يكونوا جزءاً من مناقشة النص الذي تم الاتفاق عليه». كما غاب عن جلسة الحوار المعارض/ محمد البرادعي الذي لم يدع إلى الحوار والذي أعلن رفضه الخوض في أي مفاوضات مع النظام قبل الاستجابة للمطلب الرئيسي للمتظاهرين وهو رحيل مبارك. وشارك في جلسة الحوار ممثلان ل «الإخوان»، هما عضوا مكتب الإرشاد/ سعد الكتاتني ومحمد مرسي ورئيس حزب التجمع رفعت السعيد ورئيس حزب الوفد السيد البدوي وسكرتيره العام/ منير فخري عبد النور ورئيس حزب الغد (الجناح الموالي للحكومة) موسى مصطفى موسى وعدد من الأحزاب الصغيرة الأخرى والشخصيات العامة المستقلة ومن بينها رجل الأعمال/ نجيب ساويرس والخبير الدستوري يحيي الجمل ووزير الإعلام السابق منصور حسن. وكان متظاهرون مصريون في ميدان التحرير قد رددوا أمس هتافات معادية لإيران ومرشدها السيد علي خامنئي، بسبب تدخلها في الشؤون الداخلية. وقال ناطق أمام المتظاهرين: «هناك من يحاول استغلال ما يجري في مصر لتحقيق مكاسب خاصة به، لكن المصريين جميعاً لن يسمحوا بذلك، وعلى هؤلاء أن ينظروا إلى ما يجرى فى بلادهم من ظلم وديكتاتورية». وأضاف: «مصر لا يمكن أن تكون إيراناً أخرى... لن تحكمنا ديكتاتورية دينية كما في إيران». وتهكم على تصريحات خامنئي بأن ما يجري مستلهم من الثورة الإيرانية، وقال: إن «المصريين لا يستلهمون ثورتهم من أحد بل هم من يستلهم العالم منهم»، وهنا حدث هتاف وتصفيق كبير. وتحدث عدد من الشباب من قيادات «حركة 6 إبريل».. مؤكدين «إنهم يسعون لشرق أوسط ديموقراطي وليس إسلامي، كما يقول خامنئي، وأنهم سيعملون على ذلك خاصة فى إيران». من جانبه، أكد وكيل لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى/ أحمد عبد الحليم، أن «خطاب خامنئي التحريضي لن يؤثر إطلاقا على الشعب المصري». وفي الإسكندرية، عادت الحياة لطبيعتها.. حيث توافد المئات على البنوك ومكاتب البريد من أجل صرف المعاشات والرواتب، وقام المواطنون بفتح محالهم التجارية التي أغلقوها طوال الأسبوع الماضي. إلى ذلك ذكرت الأنباء أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أجرى السبت اتصالات مع عدد من القادة الأجانب بشأن الاضطرابات في مصر في إطار تعزيز الجهود الدبلوماسية من أجل عملية انتقالية سريعة في السلطة في هذا البلد الذي يشهد تظاهرات احتجاجية تطالب بتنحي رئيسه حسني مبارك.وقال البيت الأبيض في بيان: إن الرئيس الأميركي أكد الحاجة إلى «عملية انتقالية منظمة وسلمية تبدأ الآن». وأوضحت الرئاسة الأميركية أن أوباما أجرى محادثات مع ولي عهد أبوظبي الشيخ/ محمد بن زايد آل نهيان ورئيس الوزراء البريطاني "ديفيد كاميرون" والمستشارة الألمانية انغيلا ميركل. من جهتها رحبت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بحذر الأحد بمشاركة الإخوان المسلمين في الحوار بين الحكومة والمعارضة في مصر وقالت: إن واشنطن «ستنتظر لترى» كيف ستتطور هذه المحادثات. وفي لندن أعلن مكتب رئيس الوزراء البريطاني أن "ديفيد كاميرون" والرئيس الأميركي/ باراك أوباما اتفقا على ضرورة بدء تغييرات «حقيقية وواضحة الآن» في مصر. وفي باريس أعلن الوزير الفرنسي للشؤون الأوروبية لوران فوكيز الأحد أنه يتعين على أوروبا، إحدى أكبر الجهات المانحة للعالم العربي، أن «تقول بوضوح» ما تريده بالنسبة إلى مستقبل مصر.. معربا عن الأسف لأن الاتحاد الأوروبي «لا يعرف التواصل»، كما حذر وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله من فرض الوصاية على الشعب المصري على طريق الإصلاحات السياسية. وفي مدريد اعتبرت وزيرة الخارجية الاسبانية ترينيداد خيمينيث في مقابلة نشرت الأحد أن على السلطات المصرية أن «تقوم بمبادرة» عبر إجراء انتخابات رئاسية في شهر حزيران بالموعد المقرر في أيلول.وقالت إن مصر «يمكنها إيجاد حل يلبي التطلعات المشروعة للمواطنين عبر قيام السلطات بمبادرة وإجراء الانتخابات في حزيران». في غضون ذلك دعا بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر إلى التوصل إلى حل سلمي للاضطرابات المتصاعدة في مصر. من جهته أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الأحد أن مرحلة انتقالية «منظمة» في مصر ضرورية لعملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وصرح بأن «مصر لعبت دورا استراتيجيا مهماً في عملية السلام في الشرق الأوسط. العالم المصري الأميركي الدكتور/ أحمد زويل من جانبه طالب أمس الأحد، اللواء/ عمر سليمان نائب الرئيس بالإشراف على إصلاحات سياسية ودستورية في البلاد، وذلك في أعقاب مظاهرات الغضب التي اجتاحت عددًا من المدن المصرية منذ نحو أسبوعين. وأطلق زويل مبادرة لإنهاء الأزمة السياسية في مصر، تضمنت "5" نقاط على رأسها: تولي سليمان مسؤولية الإشراف على عملية الإصلاح السياسي في مصر، بما في ذلك تشكيل مجلس يضم عددًا من القانونيين والشخصيات العامة، لتعديل مواد بالدستور بينها المواد 76 و77 و88 و179.وشملت المبادرة أيضا تحديد جدول زمني لإجراء انتخابات ديمقراطية.. مشيرة إلى أن هذا الأمر قد يتطلب حل مجلسي الشعب والشورى. وطالب زويل، في المؤتمر الصحفي الذي عقده مساء أمس، بإلغاء قانون الطوارئ وتعديل قوانين الأحزاب والنقابات ومباشرة الحقوق السياسية.. كما طالب بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، لاسيما المعتقلين من شباب الحركات السياسية وجماعة الإخوان المسلمين. ودعا زويل إلى ضرورة إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف قضائي كامل في أقرب فرصة ممكنة، وإحداث تغيير جذري في منظومة الإعلام المصرية وعدم حجب شخصيات معارضة من الظهور في وسائل الإعلام الرسمية وإلغاء التشريعات المقيدة للحريات. وأكد زويل أنه توصل لهذه المبادرة بعد الاستماع لجميع الأطراف، حيث اجتمع خلال "48" الماضية مع شباب من مختلف الحركات السياسية مثل جماعة "الإخوان المسلمين" و"الاشتراكيين الثوريين" و"حزب الغد" وحزب "الجبهة الديمقراطية" و"حركة العدالة والحرية". وأوضح زويل أنه التقى أيضا نائب رئيس الجمهورية والدكتور/ أحمد الطيب شيخ الأزهر، وأعتبر أن هذه المبادرة "سوف تنهي الأزمة السياسية في مصر، وتضمن الوصول لحل دستوري قبل فوات الأوان، تصل مصر من خلالها إلى ديمقراطية حقيقية"، وأضاف: "سيكون الرئيس مبارك أول رئيس لأكبر دولة في الشرق الأوسط علي قيد الحياة، يسلم السلطة لرئيس آخر يبدأ عصراً جديداً في مصر وهذه فرصة تاريخية". وكان تعاطي المعارضة الرسمية والشعبية في مصر مع دعوة الحوار التي وجهتها الحكومة المصرية لإنهاء الاحتجاجات الضخمة المستمرة منذ نحو أسبوعين، قد بدا متباينا إلى حد ما.. ففيما تصر قيادات الشباب الذين نظموا حركة الاحتجاجات على تغييرات جوهرية في النظام في مقدمتها تنحي الرئيس/ حسني مبارك مؤكدين تمسكهم برحيل مبارك، وافقت بعض القوى على الحوار، وقدمت أخرى شروطا قبل البدء فيه.